عصمة الحاكم..!

رحم الله أمريء عرف قدر نفسه، وجب الغيبة عنها، في ذلك يمكن للمجتمع أن يرتقى إلى مراحل قريبة من الكمال، لان كل ذي قدرة يستغلها في طريق بناء وصلاح المجتمع، وعلى هذا كما نعتقد كانت هناك واجبات كفائية في التشريع الإسلامي، عندما يقوم بها فرد تسقط عن الآخرين.
    وتبرير تخلف المسلمين والعرب عن ركب التقدم والتطور، يكمن في هذا النقطة تقريبا، حيث يغيب الاختصاص ويكثر التطفل عليه، من قبل أنصاف المتعلمين وغيرهم، ويعني أن مجالات العلوم المختلفة موزعة بين البشر، رجل دين وطبيب وفيزيائي وتاجر وحرفي وسياسي وهكذا، لكل واحد منهم اختصاصه وهناك تفاوت في مستوى الادارك، بين العاملين بالاختصاص الواحد، لذا يقسم هؤلاء إلى مستويات ودرجات، يكون لكل منهم مساحة يحق له إملائها، بما يمتلك من قدرة وإمكانية، وهذا لا يمنع وجود آخرين خارج الاختصاص يمتلكون معلومات عامة عن في مجال معين، لكن لا يحق لهم الفتوى في هذا المجال.
     إلا في المجتمع الإسلامي تغيب هذه الخصلة، بشكل كبير وخاصة لدى الحكام، حيث يمنح الكرسي العصمة، لمن يمتطي صهوته، وعلى الجميع شعب ونخب وكفاءات عسكريين ومدنيين ساسة وقادة، مباركة ما يقوم به الحاكم. 
     في العراق بعد تسلط البعث ألصدامي، وتولي الهدام الموقع الأول في السلطة، أصبح كل ذا رأي خائن ومتآمر وعميل، وأصبح كل من يحتج، يتجاوز على الشعب والدين،  وخارج من الملة، 
    استصحب هذا الأمر ألان بشكل غريب، حيث لا يريد القائد من الشعب، بكل مكوناته وكتلة السياسية شيء، إلا مباركة أعماله، من ينصح ويقترح ويطالب ويبادر، فهو في عداد أعداء العراق الجديد، بدرجة تكفيري وبعثي وحامل أجندة معادية، وما يقوم به غايته إما إعادة البعث ألصدامي الكافر، أو غايته الحصول على الحكم.
       هذا عين ما عاشه الشعب طيلة خمس وثلاثين عام من الحكم الشمولي، الذي همش الجميع إلا نفسه، وما جناه الشعب من حكم الأمس أن استمر الحال كما هو عليه ألان فلا يجنى أفضل منه، أن لم يكن أتعس.
     نتذكر ما جرى في صولة الفرسان عندما تحدث القائد العام عن المعركة وقال ( الحمد لله كنت موجود هناك، حيث وجدت الجيش منهار، والقادة في حيرة من أمرهم، فوضعت خطة ونجحنا )، صفق الشعب لذلك دون أن يسأل نفسه، من أين أتى القائد العام بهذه الخبرة والحنكة، التي افتقدها القادة أصحاب الاختصاص..! 
     بعد أربع سنوات من المآسي التي عاشها الشعب، ومع اقتراب موعد الانتخابات تم تحريك ورقة الانبار، لتقاسمها مع بعض الشخصيات في الانبار، كأبو ريشه وحاتم سليمان وغيرهم، ومتوقع أن يقوم القائد العام في زيارة إلى الانبار، لغرض حسم المعركة، في ظل انهيار معنويات الجيش، وعجز القادة عن مواجهة المجهول، كما ترد الأخبار إلا من بعض المسلحين، يقتلون بأبناء الجيش العراقي في مؤامرة بدأت معالمها تتضح. 
    عندها سوف يزغرد الشعب للقائد المقدام، وانجازه الجديد في تحرير الانبار، وينسى السنوات الأربع والدماء البريئة التي سالت خلالها، وألان تراق في الانبار،ولسان حال القائد يبقى يردد صفقوا لي، فعصمتي اكتسبتها من الكرسي لاغير.