دولة القانون وحوار الطرشان |
بعد تغيير النظام السابق جاءت كل أحزاب المعارضة لتدلو بدلوها ومنها أحزاب دينية مذهبية تخص طائفة معينة شيعية وسنية ومسيحية وصابئية وايزيدية ومنها قومية تخص قومية معينة عربية وكردية وتركمانية ومنها ملكية أو جمهورية ومنها أحزاب ليبرالية ومنها يسارية ومنها يمينية ومنها وطنية ومنها أحزاب تريد جزء من الكعكة لمجرد العب لو أخرب الملعب. بعض هذه الأحزاب رفعت شعارات طنانة تبدو في الظاهر لا غبار عليها ولكن ما خفي كان أعظم لأستغفال المواطن. كلهم يقولون أنهم عراقيون ولكن الكل يريد أن يعمل لنفسه فقط وليس لكل العراق. ولنأخذ أمثلة من هذه الشعارات الطنانة: شعار دولة القانون وشعار دولة المواطن التي رفعتها كتل منضوية في التحالف الوطني (!) الشيعي. فما هو واقع هذه الشعارات؟ عندما تختلف هذه الأحزاب فيما بينها أو مع الشعب يرفعون شعار الحوار. تحاورت الأحزاب بينها لثلاث سنوات وتحاورت مع الشعب والنتيجة كأنهم لم يتحاوروا، لماذا، لأنه حوار الطرشان. لا أحد يريد أن يسمع وعندما يتنازل أحد الأطراف من أجل حلحلة الأزمة يأخذها الطرف الآخر على انها علامة ضعف. رفعت كتلة حزب الدعوة لصاحبها المالكي شعار دولة القانون واستبشر المواطن خيراً لأن لا وجود لدولة بدون أشاعة ثقافة القانون. ولكن اي قانون كانوا يقصدون القانون العادل الذي ينصف كل فئات الشعب أم قانون الغاب؟ كتابة القانون شيء ولكن تفسير وتطبيق القانون شيء آخر والدولة بحاجة الى رجال يؤمنون بالقانون العادل. ولنأتي الى الحوار الذي دار ويدور بين دولة القانون والشعب فماذا قيل وماذا قال. قبل سنتين خرج المواطنون بمظاهرات في جميع المحافظات تطالب بالخدمات والحقوق المفقودة فقالت دولة القانون أن هذه المظاهرات مسيسة طيب وما هو الضرر فحياة المواطن العراقي كلها سياسة ثم الم تخرجوا أنتم يا دولة القانون مظاهرات سياسية مؤيدة لأحد ملوككم أم أنه حلال لكم فقط. ثم قالوا لا إنما تبين أن مطالب الجماهير مشروعة وغير مسيسة ولا دخل للأجندات الخارجية فيها فهيا قدموا لنا طلباتكم لتحقيقها، وخرج حينها رئيس دولة القانون وطلب مهلة مائة يوم للتنفيذ ثم طلب مائة يوم آخر ثم طلب سنة أخرى وتشكلت اللجان تلو اللجان والشعب جالس ينتظر يلفعة الحر والبرد والجوع وتحيط به القاذورات والمياه الأسنة وصور رموز دولة القانون تطل على رؤس الناس تذكرهم كل يوم بأنهم تحت حكم النخبة السارقة حتى أكتشفوا في ليلة أنهم غارقون بزخات المطر وتحتهم تجري بحيرات من النفط والغاز وكأن لم يصرف دولار واحد على البنى التحتية. أما دولة القانون فهي تحت الحماية القصوى تعيش في قصور النظام السابق وملابسهم وعطورهم وأحذيتهم كلها تأتي من الخارج وأموال الشعب تتسرب الى جيوب دولة القانون بشكل رواتب خيالية وعمولات ورشى وصفقات وفساد. لم يطبق أي من مطالب الجماهير التي خرجت قبل سنتين، مات خلالها من مات بالكواتم والتفجيرات والمرض وزج الآخرون بالسجون أو أضطروا الى غلق أفواههم لأن الحوار لم يعد مجدياً أو أضطروا الى مغادرة البلد لتجنب الموت المحقق. بعد أن ملت الجماهير من عرض تظلماتها الى دولة القانون وأنتظار الحل وبحت أصواتهم خرجت مرة أخرى الى الشارع لتطالب مرة أخرى ولكن رفعت من سقف المطالب هذه المرة. فقالت دولة القانون تعالوا نتحاور من جديد – كلام لطيف يراد به خداع - ولكن أي حوار هل تغيرت الأمور؟ لقد عاد حوار الطرشان مرة أخرى. طلبت دولة القانون الحوار مع الجماهير ولكن من لا يستطيع أن يتحاور مع زملائه من الأحزاب الأخرى ولا يستطيع أن يتحاور في البرلمان الا بالضرب بالأيدي فتصوروا كيف يستطيع أن يتحاور مع شعب مل من الحوار. أنظروا الى هذا الحوار العقيم الذي يدور هذه الأيام بين دولة القانون والجماهير. قالت فئة من الشعب أن القانون الفلاني غير منصف قالوا هذا هو القانون ولا نستطيع تغييره قالت فئة أن القانون الفلاني يطبق بانتقائية قالوا أن إقرؤا نصوص القانون فهي لاتفرق بين فئات المجتمع. قالت فئة إن القانون يقول كذا فلماذا تعملوا كذا قالوا الوقت لا يسمح بتطبيق القانون الآن. قالت فئة أن القانون يفرق بين أبناء الوطن قالوا لا تكونوا طائفيين. قالت فئة نريد تعديل القانون الفلاني قالوا القانون صوتت عليه الأغلبية. قالت فئة نريد أن نعرف ماهي الأغلبية اجروا لنا أحصاء دقيقاً لنعرف أين نقف من المواطنة قالوا هذه شعارات طائفية تمزق وحدة البلد. قالت فئة ان الجيش والشرطة لا تطبق القانون قالوا أنها أعمال فردية لا يمكن تعميمها، قالوا طيب أمسكوهم وحاسبوهم قالوا التحقيق لم يدلنا عن القاتل. قالت فئة أنكم وضعتم فقرة في الدستور لتعديله وأنصاف الآخرين قالوا لا يمكن تعديل الدستور. قالت فئة الم تقولوا أن الدستور طبخ وصوت عليه على عجل وفيه أخطاء كثيرة قالوا نعم قلنا ذلك ولكن عليكم الألتزام بالدستور كمرجع أعلى - ونام لما تجيك الشمس. قالت فئة هذه مطالبنا قالوا قدموها عن طريق نواب البرلمان. قدمت الطلبات الى البرلمان قالوا يجب أن لا يتدخل السياسيون بمطالب الناس. قالت فئة طيب تعالوا تحاوروا معنا قالوا لا نأتي اليكم قبل أن تنهوا مظاهراتكم. قالت فئة لقد أنتظرنا طويلاً لتحقيق مطالبنا السابقة قالوا لقد شكلنا لجنة لدراسة مطالبكم الحالية فعودوا الى بيوتكم حتى نرى هل هي مطالب شرعية أم لا. قالت فئة ان الدستور ظلمنا فعدلوه قالوا هذا مستحيل. قالت فئة إننا مهمشون وأعتبرتمونا مواطنين من الدرجات الدنيا قالوا كيف ونحن دولة ديمقراطية فيها دستور وفيها انتخابات وفيها برلمان وفيها حكومة وافق عليها البرلمان وفيها جيش سور للوطن وفيها قضاء تحتكمون اليه. قالت فئة ولكن دستوركم مخترق باعترافكم وحكومتكم ظالمة سارقة بأعترافكم وبرلمانكم عاجز من عقد جلسة باعترافكم وجيشكم أسس على أساس طائفي وأسستم دولة طائفية محاصصية قالوا أنتم بعثيون تريدون أرجاعنا الى العهد السابق. قالت فئة ولكنكم عينتم بعثيين سابقين في أماكن حساسة في مكاتب رئيس دولة القانون قالوا تلك استثناءات لا تشملكم. قالت فئة لدينا مظالم قالوا توجهوا الى القضاء، قالوا ولكن قضاؤكم غير مستقل بأعتراف المنظمات العالمية وسجانيكم يعذبوننا ومخبريكم يتبعون أهواءهم ويوزعون الأتهامات كيفما شاؤا قالوا هذه المنظمات تتدخل بشؤننا الداخلية ونحن لدينا وزارة حقوق الأنسان هي لا غير المخولة بالتصريح. قالت فئة أطلقوا سراح الأبرياء قالوا كيف نطلق سراح القتلة والمجرمين. قالت فئة نحن نقصد الأبرياء قالوا ليس لدينا أبرياء. قالت فئة أرسلوا محققين حياديين لتحديد من هو المجرم ومن هو البريء قالوا جفت الصحف ورفعت الأقلام. وبالنتيجة فدولة القانون لا تريد أن تتحاور تحاور الشجعان ولا تريد الأعتراف بأخطاءها وتقول أحكمكم بالحديد وعلى مزاجي وبكيفي والمايعجبة يشرب من البحر، وكما يقول المثل الشعبي خبزة لا تكسرون وباقة لا تفلون وأكلوا لما تشبعون. انتهى حوار الطرشان في دولة اللاقانون. وما عليكم أيها الجماهير الا أن ترددوا كلمات الرصافي: لكي تعيشوا عيشة كما تريد دولة القانون !!! |