تكريمان حديثان للعبقرية العراقية ..... |
مهما قيل في العبقرية فهي في نهاية المطاف عبارة عن القوى والطاقات والانجازات العقلية الفائقة وغير العادية
وبتعبير اخر هي محصلة لتفاعل خاص بين القدرات المتمثلة بالذكاء والابداع والخيال ....انها تتضمن دلالات
ومعان خاصة بالقدرة الاستثنائية والانجاز العقلي المبكر.... وقد خاض علماء النفس محاولات كثيرة وكبيرة
في هذا المجال من اجل وضع اسس علمية يمكن على ضوئها معرفة مصادر العبقرية....حيث انقسمت المحاولات
الى اتجاهين احدهما يشير الى الدور الذي تلعبه الوراثة مما شجع عدد من العلماء الى وضع اسس وراثية لظاهرة العبقرية
فيما كان الاتجاه الاخر ينفي أي دور للوراثة في تشكيل الشخصية الانسانية ومؤكدا على عامل البيئة كونها تتكفل بتعزيز
ارتقاء الفرد الانساني ويعتبرها مصدرا للعبقرية والذكاء.......وكل واحد من هذين الاتجاهين لم يحسم المعركة لصالحه
وبقي تساؤل علماء النفس مستمرا هو كيف يتفاعل كل من الطبع والتطبع وما هي اهميتها النسبية في تشكيل الشخصية الانسانية....اما العبقرية التي نتحدث عنها فهي تصلح ان تكون عينة تدعم معطيات كلا الاتجاهين المشار اليهما ويكرس
نتائجها بقوة وبشكل متطابق وكلي .... انه الشهيد محمد باقر الصدر...فهو من اسرة علمية لايخلو عصر من العصور
من بروز شخصية كبيرة ومعطاءة من بين رجالاتها الى درجة يخيل للباحث معها انهم يرتضعون الذكاء والعبقرية
ويتوارثونها بوسائط بيولوجية لاتسمح بالتخلف....وقد عبرت عدة دراسات دقيقة لعلماء النفس انه ليس من الصدفة
ان تنتظم مجموعات من المبدعين في عائلة واحدة ...نقول هذا ونحن امام هذه العبقرية التي انجزت عددا من الدراسات
والابحاث الفكرية في وقت مبكر الى درجة ان السيد الشهيد الصدر قد كتب الجزء الاول من كتابه (غاية الفكر ) وهو
في السابعة عشر من عمره وكتب كتابه التاريخي ( فدك في التاريخ) وهو في سن اقل من ذلك..........................
وهذا الانجاز المبكر ليس وحده الذي تجلت فيه عبقرية الشهيد الصدر بل ان البعض يعتبر استشهاده وهو لم يتجاوز
الخامسة والاربعين كثيرا وبالقياس لمؤلفاته البارزة مثل ( فلسفتنا- اقتصادنا-الانسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية-
ماذا تعرف عن الاقتصاد الاسلامي- بحث حول الولاية – بحث حول المهدي- دروس في علم الاصول )
وغيرها الكثير هي تلك الدلائل التي تثبت الانجاز العقلي المبكر كواحدة من ابرز مصادر العبقرية.........
وتلك العبقرية العراقية المتمثلة بشخصية باقر الصدر قد قدمت عطاءا فكريا غير مسبوقا وخاطبت المجتمع
المسلم دون تمييز وانهت حياتها استشهادا وهي المنزلة الارفع التي لايستطيع نيلها أي احد بل هي من نصيب
عباد الله الصالحين.....لذلك نرى كيف بقي الشهيد صاحب ذكرى خالدة في النفوس وفي الضمائر ليس على مستوى
الوطن بل في كل بلدان العالم حيث تتسابق الدول والجامعات في تكريمه واستذكاره وما نراه اليوم خير دليل على ذلك
حيث تقوم جامعة موسكو للعلاقات الدولية بنصب تمثال يجسد شخصية السيد الشهيد بأعتباره مفكرا اسلاميا وصاحب
فتوحات كبرى في العراق والبلاد العربية والمسلمة وقد تكلف بهذا العمل امهر التشكيليين في العالم ليقوم بوضع هذا التمثال الى جانب (غوغارين )رائد الفضاء الروسي وعدد من علماء الارض في شتى المعارف والعلوم الانسانية الاخرى
وفي متحف يدعى متحف العظماء وبهذا يكون السيد الشهيد العربي الوحيد من بين عظماء العالم في هذا الموضع من التكريم......اما التكريم الثاني قد شهدته العاصمة الايرانية طهران اذ سمي باسم الشهيد محمد باقر الصدر اكبر الجسور
في الشرق الاوسط وهو جسر متعدد الطبقات يقع في شمال طهران ليربط شرق العاصمة بغربها وياتي في المرتبة الحادية عشر عالميا من حيث طوله وارتفاعه....لذلك فمن حقنا ان نفخر بهذه العبقرية التي تجاوزت انجازاتها الاقليمية كي تكون
عالمية في الخلود......متذكرين قول الشاعر....( ماذا يريد الذا هبون الى العلا- غير الخلود وكنت انت مخلدا )
|