مكتب السيستاني يفقد توازنه بصدور الاستفتاء الأخير - (مَّنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ) ؟!







العراق تايمز: كتب مرتجى الساعدي...

لأوّل مرّة يتكلم مكتب السيستاني في استفتاءاته على أحد الشخصيات الدينية البارزة في العراق بكلام حسّاس وخطير بحيث يصفون كلامه أنّه كلام كذب محض!

والظاهر أن مكتب السيستاني يمرّ بأزمة نفسية حادة نتيجة كثرة التساؤلات والكلام حول رفض المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف لقانونَي الأحوال الشخصية والقضاء الجعفريين بحيث أصبح الأمر بديهياً حتّى تسالم عليه كلّ الكتّاب وأصحاب المقالات وهذا ما أغاض مكتب المرجعية الدينية (العليا) كثيراً ممّا أدّى أن يتكلم بهذا الكلام الذي لا يليق بإدارة مكتب من مكاتب مراجع الدين فضلاً عن إدارة مكتب المرجعية الدينية العليا.

وبصراحة شديدة أنّ مكتب السيستاني قد فقد توازنه بهذا الاستفتاء الأخير وأنّ المحيطين حوله وأتباعه ومريديه لا يملكون من الأدلة العلمية الرصينة التي يستطيعون بها الرد على أصحاب الرأي الآخر ولذلك استعملوا أسلوب تسقيط الآخر بطريقة أنّهم كاذبون وبالدليل المذكور في هذا الاستفتاء.

والحقيقة أنّ هذا الدليل أوهن من بيت العنكبوت لو كانوا يعلمون وذلك للأسباب الآتية:

1-   ذكر مصدر مقرّب من المرجع الديني "الأعلى" السيستاني تحت مقالة بنفس العنوان بأنّ ((وزيرة الدولة لشؤون المرأة التي نُسب إليها أنّها ادّعت في جلسة الوزراء في الثالث من الشهر الحالي (الشهر الثاني عشر الميلادي) بأنّ المرجع الديني (الأعلى) رفض قانوني الأحوال الشخصية والقضاء الجعفريين لم يكن لها أيّ اتصال بمكتب المرجعية إلى ذلك التاريخ)) وهذا الكلام يؤكد على أنّ السيدة وزيرة الدولة لشؤون المرأة قد قالت في جلسة الوزراء 3/12/2013 بأنّ السيستاني قد رفض القانونين معاً، ويبقى هذا السؤال هل هي صادقة بالنقل أو ((والعياذ بالله)) كاذبة؟!

أ‌.   فإذا كانت كاذبة لماذا صدّقها الوزراء بحيث أنّ بعض الوزراء الشيعة قد قاطعوا الجلسة وبعضهم لم يصوّت لهذين القانونين.

ب‌.   وممّا يؤكد صدقها أنّ الخيارات الثلاثة التي طُرحت في جلسة مجلس الوزراء لم تخلُ قطعاً ويقيناً وصدقاً من قيد وشرط وضرورة موافقة المرجع (الأعلى) عليها. وهذا دليل قطعي على صدقها.

ج. ثمّ ما هي المصلحة من كذب وزيرة شيعية بحسب ظاهرها تهتم بقضية التشيّع أن تكذّب على المرجعية الدينية "العليا" كما يدّعون في العراق والدول  الإسلامية الشيعية المجاورة وتتّهمها بأنّها ترفض هذين القانونين؟! وتضع نفسها -أي الوزيرة- بهذا المطب الكبير والمصيبة العظمى؟! وهل هناك عاقل يجرأ على نقل رسالة كاذبة باسم المرجع الديني (الأعلى) على وزراء شيعة في داخل مجلس الوزراء؟!

ولكن من الأفضل لها أن تكون كاذبة حتى يكون دليل الاستفتاء الأخير صادقاً وصحيحاً وإلاّ سيكون دليل الاستفتاء كاذباً وعندئذٍ ستنقلب الأمور فيصبح الكاذب صادقاً والصادق كاذباً وحينها سيكون كلام الشيخ اليعقوبي صدقاً محضاً وكلام مكتب السيستاني كذباً محضاً!!

2-   نفس المصدر السابق –المقرب من السيستاني- قال: ((المرجع الديني الأعلى قد دأب على العمل بالأسلوب المناسب لتحقيق ما يتطلّب تحقيقه موافقة مجلس النواب من القوانين والتشريعات متى وجد الأرضية الصالحة لذلك بلا ضجيج إعلامي ومن دون المواجهة مع الآخرين... أمّا مع عدم وجود الأرضية الصالحة فلا يتصدّى للأمر لمجرد الإثارة الإعلامية)) علماً بأنّ نفس المصدر قد ناقش ما معنى عدم وجود الأرضية الصالحة حيث قال ((كلّ من له اطّلاع على وضع مجلس النوّاب الحالي يعلم أنّه لا يمكن تمرير القوانين المهمّة فيه إلاّ بالتوافق بين الكتل الكبيرة ومن المؤكد أنّ بعض الكتل الرئيسية لا توافق على إقرار قانون للأحوال الشخصية وفق المذهب الجعفري)) وهذا الحديث دليل على أنّ السيستاني قد رفض القانونين المذكورين بسبب عدم وجود الأرضية الصالحة كما يقول ويثبت أيضاً صدق نقل الوزيرة وكذب الاستفتاء!! بل ادّعى المصدر المقرّب بأكثر من ذلك يقول ((أيّ أنّ هذا القانون فيه مساساً بحقوق سائر المكوّنات من أبناء الشعب العراقي)) وهذا دليل آخر على رفض السيستاني لقانون الأحوال الشخصية الجعفرية، فصدق التواصل والاتصال ما بين الوزراء ومكتب السيستاني قبل جلسة الوزراء وكذب الاستفتاء، وصدق كلام الشيخ اليعقوبي وكذب مكتب السيستاني باستفتائه.

3-   ذُكر في جواب الاستفتاء الأخير ((حيث صوّتوا فيها –الوزراء- على تأجيل إقرار القانون إلى ما بعد الانتخابات من دون أن يستفسروا عن رأي المرجعية الدينية "العليا" بشأنه)) لو تنزّلنا وقلنا بأنّ السيدة الوزيرة كاذبة ولم تنقل رأي السيستاني برفض القانونين إلى مجلس الوزراء حتّى يصحّ كلام جواب الاستفتاء بأنّ الوزراء لم يستفسروا عن رأي المرجعية الدينية "العليا"، نقول: كيف يمكن للوزراء الشيعة طبعاً فضلاً عن غير الشيعة أن يتّصلوا ويستفسروا من المرجعية الدينية "العليا" إذا كانت المرجعية لا تستقبل السياسيين ولا تسمح لهم بالاتصال بها؟! والدليل على هذا الكلام قول السيد الدكتور عبد الهادي الحكيم الذي يقول عن نفسه –في مقالة كتبها باسمه على موقع مكتبه-: ((ومن أحرى من النائب الحكيم بتوضيح رأي المرجعية "العليا" بأمانة، كونه السياسي ا لوحيد الذي يستقبله سماحة المرجع "الأعلى" السيستاني كما يعلم ذلك جميع السياسيين)) وكذلك يقول الدكتور الحكيم في موضوع حقائق حول موقف مرجعية السيد السيستاني من مسودّتي قانوني الأحوال الشخصية الجعفرية والمحاكم الجعفرية ((طلب الوزير –وزير العدل- موعداً للقاء السيستاني قبل أن تطرح المسودتان للتصويت في مجلس الوزراء ولكن رُفض طلبه جرياً على نهج السيستاني في السنوات الأخيرة من عدم استقبال أعضاء الحكومة)) علماً بأنّ الأمر الذي جاء به الوزير يخصّ المذهب الشيعي الجعفري، و السيستاني المرجع الديني (الأعلى) للمذهب الشيعي الجعفري ورغم ذلك لا يستقبله بحجة أنّه سياسي وحكومي، ولم يرجع  السيستاني جواباً للسيد الوزير ولا لغيره من الوزراء (كما يدّعي مكتب السيستاني وتنزّلاً عن الرأي الأول في صدق وزيرة الدولة لشؤون المرأة) عن موقفه من هذين القانونين ألا يدل ذلك على رفض السيستاني لهذين القانونين وخاصة بعد ضمّ السبب الثاني إلى هذا السبب.

4-   أنّ الشيخ عبد المهدي الكربلائي يمثّل السيستاني في كربلاء المقدّسة كان هو الوسيط ما بين الوزراء ومكتب السيستاني والدليل على ذلك هو أنّ الدكتور عبد الهادي الحكيم في حقائق حول موقف مرجعية السيستاني... يقول أنّ السيد وزير العدل بعد رفض طلبه بلقاء السيستاني أنّه ((قد التقى بالشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل السيستاني في كربلاء المقدسة وسمع وجهة نظره في الموضوع)) كما أكّدت وزيرة الدولة لشؤون المرأة أيضاً أنها نقلت رفض السيستاني للقانونين بواسطة الشيخ عبد المهدي الكربلائي وليس بواسطة الاتصال المباشر مع مكتب السيستاني.

فهل صدق الاستفتاء بأنه كلام كذب محض؟ أم كذب الاستفتاء بأنه كلام صدق محض؟!!

قال تعالى (مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) (القمر/26)