أطيعوني بهذا ( المقترح ) واعصوني أبد الدهر

بالله عليكم لو أراد أحدنا أن يبني بيتا ، ألا يتطلب منه أن يختار مهندسا مرموقا وبنَّاءا ( اسطة) له من الإنجازات السابقة ما تشجعنا على تكليفه حتى ننام قريري العين على الأموال التي سوف ننفقها على منزل المستقبل ، ولو أردنا أن نختار إماما لمسجد ليؤم المصلين ويدلهم على صواب ما يبتلون به من شبهات ويهديهم للطريق القويم وينهاهم عن سبيل الغي ، إلا ينبغي لنا أن نبحث عن رجل دين يمتلك الحد الأدنى من التقوى وعلوم القرآن وشيئا من التاريخ ويحسن قراءة الآيات حتى نضمن سلامة التلاوة وقبول الصلاة ... نعم العقل يقودنا إلى ذلك ويحتم علينا أن نصبر ونصرف الوقت والجهد من أجل بناء ( مسكن ) ، فأحدنا إذن لن يرضى بغير ( الأسطة البارع ) في بناء بيته وأنه مستعد للقتال من أجل ذلك والأمر لا يتعدى قضية بناء ( مسكن ) ، إذن لماذا عندما يتعلق الأمر ( ببناء وطن ) نشيح جميعا بوجوهنا عن اختيار الأصلح في بناءه ؟ ونقبل صاغرين بعديم الخبرة والكفاءة ومجهول لدينا تاريخه وخلقه ، أوليس النائب هو نظير البنَّاء للبيت وإلإمام في الجامع ، وهل ياترى أن بناء البيت أهم من بناء الوطن ، لماذا نقبل بالفاشل والتافه ومزور الشهادة والجشع ، بل نقبل بما شم وعم ليأتي يتربع على كرسي البرلمان وهو المكلف بتشريع القوانين التي هي أساس وعماد بناء الدولة ، وهو الأمين على خيراته ويقع على كاهله تشريع القوانين ومتابعة تنفيذها ، كل تلك المهام الكبيرة والخطيرة مكلف بها عضو مجلس البرلمان ، لكننا في موسم الانتخابات نسمح للنطيحة والمتردية أن تتسلق بأساليب غير شرعية ولا عقلية ، ولذا فلا عجب أن يبقى العراق متخلفا وفي ذيل قائمة بلدان الله ، يسير بوجهة أخرى غير ما تسير إليها شعوب العالم ، لأن شعوب العالم لن ترضى بأن يسوقها أو يقودها فاشل أو سارق أو جشع أو مزور كما هو عليه حالنا اليوم . ولذا فأنا اقترحت في بعض مقالاتي أن نضع بعض الشروط للمرشح لنتأكد أن من أوليناه مسؤولية البناء هو ( كفوء نزيه قادر) من أجل أن يقوم بمهامة الوطنية أو الدستورية ، فلا يكفي للنائب أن يكون قريبا ووجيها في عشيرته أو مقربا من المؤسسة الدينية لأنه فقط من ( آل فلان ) أو موال حد العظم للحزب وقائده ، نعم علينا تقع مسؤولية منع مرشح العشيرة الأمي والتافه من الوصول إلى البرلمان من أجل فقط أن تتباهى به عشيرته ويكون لهم جسرا لتحقيق مصالح العشيرة ومكاسب دنيوية بعيدة عن مصالح الأمة ، وكي نمنع الحزب ( الفلاني ) من إيصال شخص ما ، لا يمتلك في حياته من كفاءة أو نزاهة غير الولاء المطلق للحزب الذي رشحه ولأنه يتقيد بتنفيذ أوامر ورغبات وشهوات أمين ذلك الحزب ، وحتى نمنع المؤسسة الدينية الفلانية من تحشيد أصوات طلبة العلوم واستغلال نفوذها الديني بين البسطاء لترشح شخصا خاملاً لايمتلك من مواصفات القيادة أو النزاهة أو الهمة شيئا ، نعم عندما نضع مثل تلك القيود وهي شرعية وعقلية ولا يرفضها أولو الألباب نكون قد خطونا باتجاه بناء العراق ، ووضعنا قدمنا على الطريق الصحيحة ونحد من الفساد وسرقة المال العام بل سوف نحد من الكثير من السلبيات القاتلة التي تعبث بالوطن ، ولذا أقترح وأكرر مرة أخرى أن نتعاون جميعا مثقفون وسياسيون مخلصون ومواطنون في أن ندفع باتجاه الضغط على الهيئة المستقلة للانتخابات أن تضمّن قانونها مايلي : أولاً : تشكيل لجنة مستقلة تماما في كل محافظة عراقية من الخبراء ومن أصحاب النزاهة والكفاءة ، تتكون من ( خبير قانوني / وخبير في علم الاجتماع / وخبير سياسي / وعالم دين / وطبيب في علم النفس ) .. هؤلاء الخبراء الخمسة يجرون مقابلة خاصة مع كل مرشح على حده للوقوف على أهليته لتولي منصب عضو مجلس البرلمان أو عضو مجلس المحافظة ، وتكون قرارات اللجنة قطعية وغير قابلة للطعن ، ومن يفشل في الحصول على قرار إيجابي لن يسمح له المشاركة في الانتخابات . ثانياً : تنظر اللجنة بعناية في تاريخ المرشح وإنجازاته ونزاهته وهمته في أداء المهام البرلمانية ، كما تنظر في قدراته الفكرية والنفسية ، وتعتمد في الوصول إلى كل ذلك من خلال آلية معينة رسمية أو خاصة يحددها الخبراء . قطعا سوف يواجه هذا المقترح رفضا قاطعا من قبل الأحزاب السياسية لأنها تعلم علم اليقين أنها لاتمتلك من بين منتسبيها أو الموالين لها من يمتلك الشروط اللازمة التي تؤهله للترشيح ولن يكن في وسعها أن تفرض زيدا أو عمرا ، ولعل أطراف أخرى في العراق سوف لن ترضى على هكذا مقترح لأنه يحرمها من إيصال مرشحيها إلى البرلمان ، لأن المقترح يشكل ( فلترا) لا يسمح لغير الصالح أن يمر من خلاله ، كما أنه سوف يكون حافزا مشجعا للتكنوقراط وأصحاب الكفاءة والكوادر التي تمتلك باعا طويلاً في شتى مجالات الحياة للمشاركة في بناء الوطن ، وإذا ما نجحنا في ذلك نكون قد تخلصنا من العاهات الآدمية التي تشغل مقاعد البرلمان . كما أن المقترح سوف يضفي على البرلمان وأعضاءه قدسية ومحبة شعبية وخاصة عندما يدرك المواطن أن ممثليه في هذه المؤسسة التشريعية العريقة هم من الأكفاء والنزيهين وأصحاب الهمة ، بل هم من الكوادر الذين تم اختيارهم بعناية من قبل خبراء ، وليس من قبل رئيس الكتلة أو العشيرة أو المؤسسة الدينية الفلانية ، وهذا يعني أن البرلمان يكون بحق منتخب من الشعب . وأعتقد أنه لو أردنا أن نتمعن في البرلمان اليوم ونناقش مدى أهلية أعضاءه للجلوس على مقاعده لأكتشفنا العجب العجاب ، فالأمور التي تستحوذ على اهتمام غالبيتهم هي الولاء للحزب أو التفكير بجمع أكبر قدرا من الأموال أو الاهتمام بعائلته أو عشيرته ، وإذا وجد من بينهم نزيها لن تجده كفوءا وإذا كان كفوءا لن يكون نزيها وإذا ما حالفك الحظ ووجدت من بينهم كفوءا ونزيها تجده خاملاُ ثقيلاً لايمتلك القدرة على التحرك من مقعده . وبلا شك فإن الحصول على ( الكفوء النزيه صاحب الهمة العالية ) لن يكن في وسع أحد الحصول عليه وفق النظام المعمول به في انتخاباتنا ، فهؤلاء البناؤون لن تجدهم في دواووين العشائر أو الأحزاب والكتل السياسية إلا ما ندر، لكنهم موجودون وبكثرة بين أوساط الأمة والشعب في الداخل والخارج لكنهم محبطون منزوون ، وعلى الشعب أن يبادر للوصول إليهم ، ويبحث عن وسيلة تشجعهم على المشاركة الفاعلة في بناء الوطن ، وأن هذا المقترح سوف يفتح لهم الأبواب لتحقيق هذا الهدف الوطني النبيل الملح