العراق تايمز: كتب صلاح حسن جابر... بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين محمد الامين واله الطاهرين ان كل من عاش او درس بموضوعية الواقع العراقي منذ بداية حركة السيد الشهيد الصدرالثاني(قدس سره) يدرك ان هيمنة المرجعية التقليدية الباردة بدأت بالتقلص وصولا الى انتهاء هيمنتها على القرار الحوزوي والشارع الشيعي بل وصل الامر الى ان اغلب المجتمع العراقي الشيعي اصبح يدرك فكرة معينة بوضوح وهي عدم واقعيتها واهليتها لقيادة الحركة الدينية ونيابة الامام الحجة عجل الله ظهوره الشريف حتى قال السيد الشهيد الصدر الثاني فيما ينقل عنه انه هدم مخططات الف عام!!. وضوح هذه الفكرة جعل عملية انتقال مقلديها الى تقليد المرجعية الحركية يكون باعداد كبيرة خصوصا عند الواعين والباحثين عن حل لازمة التدين لدى المجتمع وكأن الامر اشبه ما يكون بما جرى للقوم الذين احياهم الله بعد موتهم. والشواهد على ذلك كثيرة اهمها: 1- التحول في اخلاق المجتمع نحو مجتمع متدين وبعدة مظاهر منها: اولا:بالنسبة للنساء فلقد كان اغلبهن لايرتدين الحجاب ويلبسن القصير ويجلسن بالشوارع وبعد سيطرة المرجعية الحركية وافول نجم المرجعية الناقصة(أي التي تعاني من نقص في تأدية ادوارها) ارتدت اغلب النساء الحجاب وارتدين الملابس الطويلة وغابت قضية الجلوس في الشوارع وكثير من السلبيات الاخرى التي يطول ذكرها. ثانيا :بالنسبة للرجال لاحظنا كيف ان السلبيات التي كانت تنتشر في اوساطهم من شرب الخمر والسرقة و امتهان الشقاوة والطرب والجريمة بانواعها بدأت تختفي وتحل محلها التواضع والحضور الى المساجد والدخول في دورات لتعلم الفقه والدخول الى الحوزة وما الى ذلك حتى قلت نسبة الجريمة في العراق الى نسب متدنية جدا. ثالثا: انتشار الشعائر الدينية كصلاة الجمعة والشعائر الحسينية خصوصا فبدأ اعداد الزائرين في تزايد ملحوظ وانتشرت المجالس الحسينية بل بدأ تنزيه المنبر من الخرافات ولسان الحال غير الجائز وكلام العجائز حتى خفت صوتها واصبحت محل استهزاء وسخرية لدى الجماهير. 2- وصل اعداد المقلدين للمرجعية الحركية حسب ما ينقل الى ما يقارب 12 مليون مقلد حسب ما كان يتردد في اوساط الحكومة ويقلقها. 3- عادت الحياة الى القراءة والمطالعة فظهر الحوار الذي لا يعترف بالخطوط الحمراء او الصفراء ولم يكن مكان للتقديس المزيف لغير الله والمعصومين وكل شخص غيرهم قابل للنقاش حتى ان المراجع في النجف بدأوا يعلنون بكل وضوح اعلميتهم على المرجعية الرسمية للخط الكلاسيكي المتمثلة بالسيستاني .فكل نقاش ونقد للمرجعية الفقهية كان طبيعيا. ولكن بعد استشهاد السيد بدأت هذه الحماسة وهذا التحول يخفت شيئا فشيئا الى ان جاء سقوط الصنم فعادت الحياة الى المرجعية السكوتية وكثرت جماهيرها وعادت سطوتها. ومع عودت سطوتها عادت كل السلبيات الى المجتمع حيث غابت مظاهر التدين او قلت فانتشر الفساد بين النساء من حيث ترك الحجاب والملابس الفاضحة والتحرر وغيرها وبالنسبة للرجال فلقد عادت الجريمة وشرب الخمر والمخدرات والسرقات. ورغم ازدياد اعداد الزائرين للمقامات الشريفة الا ان المظاهر السيئة بدأت تعود وترافق الزيارات (ولولا جهود العلماء الحركيين لاصبحت جزءا لا يتجزء من الزيارة) وعادت الاحاديث الخرافية وسوالف العجائز وخيال الشاعر الى الخطب والردات الحسينية وانتشرت ظاهرة الخدر لدى المجتمع والابتعاد عن المشاكل الاجتماعية وقلت عملية التثقيف وقراءة الكتاب وعاد الجهل والتخلف والتقليدية يحكم المجتمع وعادت الخطوط الحمراء والصفراء تلجم افواه الباحثين وعادت قضية حصر المرجعية بالحالة الكلاسيكية المتمثلة بالمرجع الرسمي لها وكل من يخرج عن اطاره او ينافسه فانه يقتل قتلا معنويا وباقذر الاساليب كما حدث مع الشيخ فاضل المالكي والسيد الحيدري والشاهرودي وقبلهم الشيخ اليعقوبي. ان احدى العلل الرئيسية لعودة هذه الظواهر المنحرفة هو عودة الروح الى جسد هذا الخط المرجعي الناقص(عرفت قصدي من هذا المصطلح) وهيمنته من جديد ،وهذه العودة لها اسباب منها: 1- تغير الواقع السياسي في العراق ووجود سياسيين يبحثون عن الاتجاه الديني السلبي فأسموه بالالقاب الجميلة كالوسطية والحكيمة والعليا والاربعة وتحركت ماكنتهم الاعلامية لخلق واقع جديد حتى اصبح من يخالفه بالشاذ على الرغم من انه ليس كذلك. 2- هيمنتهم على الاماكن المقدسة مما اصبحوا كانهم الممثلين الرسميين للدين تلك الهيمنة التي منحتهم فرصة ان يتخذوها منافذ اعلامية حتى يقنعوا الناس بوجودهم ونتيجة لظهورهم المتواصل في هذه الاماكن المقدسة اصبح هناك ربط نفسي لدى الجماهير بينهم وبين الائمة عليهم السلام فاكتسبوا القداسة. 3- تمزق كيان الاتجاه الحركي في العراق شعبيا وقياديا حتى اصبحت كل الجهات ضعيفة بين من كان سبب ضعفه هو تفرق الجماهير عنه وبين جاهل لا يعرف القيادة وبين جماهير محبة للدنيا وبين ملبوس عليه. 4- التطبيق السيء لدى الكثير ممن ارتبط بالمرجعية الحركية ومثل خطها سياسيا او دينيا مما سبب الشبهات حول المرجعية الحركية وسبب فتنة للجماهير مما ادى الى لبس المفاهيم لدى الكثير فابتعدوا وجرفتهم رياح الاخر القوية بالاعلام والقداسة والدعة.هذه الامور وغيرها صنعت رايا جديدا ولبس في الفكر لدى عامة الناس. لكن الادهى ان يكون انكار الواضحات ونسيانها ديدن الكثيرون ممن عاش تلك المدة وتفاعل معها ايجابيا الذين اخاطبهم محبا : هل نسيتم حرب المرجعية التقليدية على السيد الشهيد الصدر واسقاطهم له بارخص الاساليب حتى اصبحتم تحترمون من كان يعد سماحة السيد بلا اصل شرعي؟؟ او من رفض سماحته اعطائه الاقامة لانه يعمل لجهات مجهولة؟!!!واصبحتم تعدونهم من ضمن مايسمى المراجع الاربعة الكبار؟!!! كيف فقدتم معلومة بديهية هي ان العالم هو من ينتج علما ولديه مؤلفات وليس من علمه مجهول ولا يعرف مدى دقته او عدمها بل لا يعرف وجوده اصلا ؟! كيف اخذتم تتبعون من لا يعرف مدى معرفته الدينية لانه لاينطق او يؤلف كي نعرف ارائه في القران والفلسفة والرجال والمعارف الدينية الاخرى.؟! كيف تتبعون من لا يدافع عن عقائدكم ويرد الشبهات الفكرية التي تهجم على المجتمع بشكل مطرد؟! اسأل الله ان يعود للمجتمع رشده ولا يأنس كثيرا بدين الراحة والدعة ويتبع من لا يراقبه ويصحح مساره فان الله يرى. واسأله ان يرزقنا حسن العاقبة وان يحمينا من الشطط والزلل بحق محمدواله الطاهرين صلواتك عليهم اجمعين
|