الحركات التكفيرية في العراق ماقبل و بعد سوريا |
كانت الافكار السلفية التكفيرية وغير التكفيرية في زمن حكم حزب البعث للعراق وعلى أمتداد أكثر من أربعين عاما, كانت مجاميع لاتؤمن بحقيقة العمل ضد نظام الحكم الصدامي الهالك ؛وذلك متأت من أسباب عدة في مقدمتها وحدة المذهب وتقاربه بين تلك الزمر والطغمة الحاكمة..ومنه ان النظام الديكتاتوري المعادي لمذهب آل البيت عليهم السلام , كان يؤدي الهدف المطلوب من وجود الحركات السلفية التكفيرية وغيرها دون عناء من قبلها ,ولاسيما ان جلّ العاملين في الاجهزة القمعية القيادية معروفون في انتمائهم الجغرافي والطائفي.. وعلى الرغم من عدم إلتزامهم الديني والاخلاقي إلا أنهم في الاخير يؤمنون بأن عملهم القمعي يصب في طاعة الولي الحاكم وفي محاربة ( النهج الفاسد )وويقصدون به نهج اتباع آل البيت عليه السلام , الذي يضر بالاسلام والمسلمين!!وتمّ حصولهم على الاذونات الشرعية لعملهم الامني.....كما أدلى بذلك عزت الدوري مرارا وتكرار فضلا عن صدام حسين نفسه في لقاءات تلفزيون العراق اثناء الحرب العراقية الايرانية.أو من مشايخ الضلالة, سليلة الحقد الاموي والعباسي....تلك الانحرافات اسست لفترة دموية مظلمة , صبت جام غضبها على مكون محبين أهل البيت عليهم السلام في العراق...واذاقتهم مرارة الويل لعقود طويلة من الزمن ؛ حيث تفنن النظام باساليب القمع الوحشية والتي لم يفكر بها أبشع مجرمين العالم من مثل هتلرأو ستالين...ومع تقادم الزمن تغيرت طبيعة النظام الهالك في العراق ومرت بتحولات كثيرة , فقد انتقلت السلطة من الدولة الى الحزب الصنمي الواحد ثم تحولت الى حكم المدينة الواحدة ثم تحولت الى حكم العشيرة الواحدة ثم تحولت الى حكم البيت الواحد فقط من العشيرة كلها!! وعلى الرغم من وضوح الباطل كوضوح الشمس وعلى الرغم من طغيان وعدوانية الطبقة الحاكمة آنذاك فقد بقيت الحركات السلفية نائمة في خدرها , مبدية ارتياحا كبيرا للدور الذي يؤديه النظام اتجاه وسط وجنوب العراق وكذا لدوره في شمال العراق آنذاك ؛ لذا لم تشهد الساحة العراقية آبان حكم الهالك الديكتاتور امورا خلافية كبيرة بين الطاغية والحركات السلفية إلا بعض القضايا الشخصية جدا بينه وبين اسماء جهوية معينة, قد تكون اسماء حزبية من مثل كردي سعيد عبد الباقي او عسكرية ك راجي التكريني او محمد مظلوم الدليمي او اسماء اختلفت في قضية معينة مع عائلة المتهالك الدكتاتور..ومع تضخيم تلك الوقائع , إلا انها لم تثر خلافا حقيقيا بين الحاكم او ولي الامر عندهم والحركات التكفيرية وغير التكفيرية..فقد بقيت تعمل في جوامعها علانية ,ولكن كانت تعرف الحدود التي لايرغب النظام بتجاوزها أو التعدي عليها..وهذا ما ولد ارتياحا نسبيا لدى النظام السابق واجهزته الامنية من تواجد تلك الخلايا المتجمدة والمعروفة لديه وهي تحت السيطرة بل تمثل له في أحيان كثيرة احتياطي تعبوي صالح للاستعمال في اي وقت يشاء النظام. ولم تكن لدى النظام اي رغبة في دعم الحركات السلفية خارج العراق واستثمارها في مشاريعه السياسية داخل المنطقة العربية أو خارج الوطن العربي ؛ وذلك لان النظام كان مقصوص الجناح لاكثر من عقد من الزمن ولايرغب بمزيد من الخلافات مع الولايات المتحدة الامريكية والعالم الغربي والكلام نفسه ينطبق على الانظمة العربية المجاورة للعراق ولاسيما الداعمة للحركات التكفيرية ؛ لانها كانت تتحاشى الصدام مع النظام العراقي ,الذي أذلها في وقائع كثيرة؛ فآثرت الصمت وعدم التدخل في الشأن العراق آنذاك..فكانت النتيجة التوافق في العمل بين العراق وجيرانه على الرغم من الخلافات العميقة والعلنية والعدائية بينهم. أما وقد حان وقت رحيل النظام بعد 9-4-2003 بطريقة اذاقته الويل وألبسته عباءة الذل والهوان على يد قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية. فقد افاض الجميع عما في جعبهم وافصح الناس عما يدور في خلدهم واختلطت الافكار القادمة من وراء الحدود بالافكار الداخلية للفرد العراقي , وقد ولدت عدة طبخات سياسية كانت في بدايتها ترفع شعار الديمقراطية الحقيقية , التي يصبو اليها الفرد العراقي ولاسيما المضطهد منهم,وبعيد سنوات قليلة ابدت قوى عربية واقليمية ودولية كثيرة عدم ارتياحها لما يدور في العراق , وتعاهدت على أن يكون العراق مسرحا كبيرا لتصفية الخلافات الثأرية بينها؛ ساعد في ذلك كثيرا , انحياز السياسين العراقيين الى جهات عربية واقليمية معينة متلقين الدعم الكامل لهم . وخاصة الدول العربية والاسلامية التي احتضنت في فترة ما بعض معارضي النظام العراقي السابق , فبدت وكأنها تبحث عن رد الجميل بالحصول على موطأ قدم لها داخل العراق , والذي سرعان ما تحول الى سيطرة واضحة واجندة سياسية خطيرة. فكانت الاثواب تفصل بحسب المقاسات وحسب الحاجة اليها وكانت هموم الشارع العراقي مركونة على جانب الطريق!! ومع أول نسائم التغيير في العراق ظهرت فكرة المحاصصة الطائفية او القومية واضحة الاثر في توزيع المسؤوليات السياسية الجديدة في العراق ,والتي سرعان ما فلتت من جلدها الوطني لابسة حلة أكثر بهاءا واشراقا !!! تستطيع من خلالها حصر الفرد العراقي في بوتقة الطاعة الشرعية والفتيا العائمة ؛ وذالك من خلال السيطرة الواضحة للتيارات الاسلامية على الشارع العراقي , الذي هو بالاصل محروم منها لعقود من الزمن , فكان السيل العرم الذي اطاح وبيسر بالهوية اليسارية وألبس الامور ملبس الدين حين يريدها السياسي ان تصب في أي مجال يشتهيه,ماعدا اقليم كردستان الذي توجه نحو الحكم الديمقراطي , الذي لايتجاوز عتبة القائد الاوحد أو العشيرة ! وعلى الرغم من صناديق الانتخابات العراقية وما أحيط بها من علل, فقد انبرت الاصوات الطائفية في العراق من كل حدب وصوب , وطفت على السطح التيارات الاسلامية المتشددة , والتي تمثل اجندة الدول الداعمة اليها بكل تأكيد مع كثرة الشعارات المرفوعة ضد المحتل الغربي أو المحتل الصفوي {كما يحلو لبعضهم أن يسميه } , وتفجر الوضع وسالت أودية من الدماء الزكية , واصبحت البيوت مشاجب حقيقية للسلاح وملئت الثلاجات بالموتى مجهولي الهوية...وانبرت الحركات التكفيرية على أرض العراق تهاجم بكل شراسة من تعرفه أو لاتعرفه مدعومة من دول الجوار العربي الملكية او الجمهورية وحتى من الانظمة غير العربية المجاورة, وصارت بعض الدول تمد طرفي النزاع في آن واحد وعلى أرضية واحدة؟؟ ودفع العراقيون حتى اللحظة ثمنا باهظا تحت مختلف الشعارات.. ومنذ عشر سنين كان وما زال يدفع الثمن غاليا كل يوم وكل صباح , وكأن أسفين عدم تقبل الاخر, قد صب بالخرسان والحديد منذ الآلاف السنين ولم يعد أحد بقادر على أزاحته. وماهي الا سنوات قليلة حتى هبت رياح التغيير على بلدان عربية معينة بردة فعل على سنوات الطغيان او بمصادفة قادت الجماهير الى الثورة. وبعيد سقوط أربع دول عربية على يد المتظاهرين بسوح الوغى او بحماية طائرات الغرب الصليبي الذي { طالما ذكرونا كعراقيين بعمالتنا له } , حتى أعتلت الموجة التيارات السلفية الدينية وأخذت مقاليد الحكم بيدها سواء أكان ذالك بصناديق الانتخابات أم بتوزيع العطايا على الاميين أم بترويع الناس؟؟ و بدعم اقليمي واضح لاجدال فيه..كانت أهدافه متباينة وفي كثير من الاحيان غير منطقية اذا ما قيست بالتاريخ السياسي لتلك الدول نفسها , ولكنها ارادت ان تعتلي منصة التتويج لاغراض في نفس يعقوب....مما حير أولي الالباب حين رأوا ممالك صغيرة تدفع اموالها الطائلة مقابل شلالات الدم ؛ لكي تصفي حسابات شخصية أو تتصدر اللائحة كبديل عن المملكة العربية السعودية , ومن المعيب حقا أن ترى هذه الدول اللاعبة نفسها تفتقر لابسط حقوق الانسان , وبعضها حتى اللحظة لايمتلك دستورا خاصا به أو برلمانا!
تعد الجمهورية العربية السورية بنظام حكمها القائم على تسلط حزب البعث العربي السوري المعادي لتلك الدولة ومنذ عقود طويلة أو بطبيعة شعبها الكريم المناضل, تعد من الدول المفضلة لكل مهاجر عربي يبحث عن مأوى يسكن إليه , فقد تحملت سوريا حكومة وشعبا أعباء كبيرة مع قدوم موجات النازحين اليها من كل بقاع الوطن العربي ولاسيما من فلسطين ولبنان والعراق ولاسباب اقتصادية من الاردن كذالك..ولم يكن النظام في يوم من الايام نظاما طائفيا مذهبيا يعتمد الصبغة الدينية في توجاهته ولكنه بالتأكيد كان قد تموضع في عدة احيان ضمن أجندات سياسية أقليمية , وضعته في حساب خانة معينة , رضي بتلك التسمية أم لم يرضَ ..فقد كان الابن الرئيس يسير وبشكل واضح للعيان على خطى الراحل أبيه..والتي لاتختلف كثيرا عن الانظمة الشمولية العربية , التي تهاوت في الفترة الاخيرة.. فلم يختلف عنها في محاربة التيارات الدينية وقمعها بل كان أكثر بطشا من غيره ولاسيما ما يتعلق بمعالجة موضوع { حماه } ايام العقد الثمانيني من القرن الماضي والتي شهدت مجزرة مروعة... تلك العقدة التاريخية الاولى ,التي اضمرت الشر في النفوس , يضاف اليها التموضع الاقليمي مع ايران والمقاومة اللبنانية الاسلامية في الجنوب ؛ ذالك الفعل الذي اراد منه النظام السوري بناء خط جديد للمواجهة ضد الدول العربية السائرة في ركب الولايات المتحدة الامريكية والغرب , ومن جهة اخرى استمر الحال مع الجارة تركيا وكانت لعبة شد الحبل وأرخائه هي السمة الرئيسة لسياسة الدولة اتجاه الاتراك... او اراد النظام ان يصنع من نفسه لاعبا لايستهان به في أحداث اليوم والساعة... متغافلا عن غليان الشارع العربي السوري بسبب أوضاعه الاقتصادية أو بسبب شعوره كونه يدفع ثمن مواقفه القومية وحيدا ودون مقابل يذكر من الدول العربية الاخرى ...حتى غامر السوريون شعورا بانهم يخوضون حربا بالوكالة عن دول أخرى , ويدفع السوري منفردا { الفاتورة } وما أن حلت قوات التحالف الدولية ضيفا ثقيلا على العراق , حتى اختلت موازين القوى في المنطقة كلها , واصبحت دول الخليج العربي أكثر امنا من سابق عهدها , بينما شعرت سوريا وحلفاؤها بناقوس الخطر يداهم مواضعهم , متربصا بهم من خلف الحدود القريبة جدا من العاصمة.. ولكن الحظ استدار الى جهة خط الممانعة { انْ صح التعبير } حين بدأت امريكا وحلفاؤها بالتلويح الى مسألة تغيير انظمة المنطقة بما فيها الحليفة لهم ؛ ولم يكن الامر منهجا بقدر ما كان غطرسة مبنية على انتصار عسكري واعلامي حققوه ضد دولة العراق, هي بالاساس منكسرة وخاسرة. يتبع
|