ماهي صفات المرشح النيابي المرجوة ..

ان اسعد لحظات حياة النائب هنا هي عندما يقضي حاجة ناخب أو يصغي إلى رأيه لينتفع به فكرة لتشريع يتقدم به الى البرلمان.ا ن على النائب ان يترك آذانه، دائماً، في الشارع العام وفي السوق والمدرسة والجامعة وفي بيوت الناخبين والأماكن العامة وفي النوادي والمقاهي، وفي الحدائق العامة والمتنزهات ورياض الأطفال، وفي المستشفيات والصيدليات، ليسمع مشاكلهم وتطلعاتهم وامنياتهم وآراءهم، فيبادر لصياغة مشاريع قوانين تخدم المواطن والبلد على حد سواء وبذلك سينجح. وان يكون بعيد النظر، يشرّع للمستقبل كما يشرّع للحاضر، ويشرع للعراق كما يشرع لمحافظته، ويشرع للشعب كما يشرع لناخبيه، ويشرع للتنمية كما يشرع لحل مشكلة. ان المرشح لمجلس النواب يجب يتميز بالقدرة على ان يرمي ببصره أقصى ما يمكنه ذلك، ليرى الامور من كل جوانبها، اما ضيّق الأفق فيسبب المشاكل للبلد اكثر من مساهمته في حل مشكلة، ولذلك ترانا لا نخرج من أزمة الا وندخل في اخرى، لان جل النواب، وخاصة رؤساء الكتل، نظرتهم ضيقة للأمور، فهم لا يرون ابعد من أرنبة أنوفهم، فمثلهم كمثل الطفل الذي وضع له أبواه لعبة عن بعد، تراه يسير اليها من دون ان يحذر ما هو أمامه، حتى اذا كانت نارا، لان همه في تلك اللحظة منصبٌّ على اللعبة دون اي شيء آخر، وهذا هو حال الكثير من النواب، فعندما يدلي بتصريح لا ينتبه الى ما يمكن ان يتركه من اثر سلبي مستقبلي، او ان هناك من يسجل عليه حديثه ليحاسبه عليه ، ان صفات المرشح لشغل موقع ما تنبع من مهام الموقع ذاته، فمثلا، اذا أردنا ان نختار مرشحا لشغل ادارة مصنع او منشأة زراعية ، فينبغي ان يتصف بما يحتاجه الموقع من صفات ومميزات، كالخبرة والكفاءة والمؤهل العلمي والتجربة السابقة وما الى ذلك، وإذا أردنا ان نختار مرشحا لشغل موقع في القوات المسلحة، فينبغي ان يلبي حاجة الموقع من الشجاعة والإقدام والمعرفة بخطط الحرب والسلم والدراسة الأكاديمية العسكرية وغير ذلك، اما اذا لم تتطابق صفات المرشح مع حاجة الموقع، فسنخسر الاثنين معا، المرشح والموقع، وتلك هي مشكلة العراق الجديد، فما الذي نريده في المرشح لانتخابات مجلس النواب القادمة؟.اذا اردنا ان نحدد صفاته المطلوبة، فان علينا ان نعرف، اولا، مهامه اذا ما حجز مقعدا تحت قبة البرلمان. وقبل ذلك يلزمنا ان ننبه الى أخطاء شائعة في الشارع العراقي بشان الانتخابات النيابية، منها: يظن البعض بانه يختار في هذه الانتخابات رئيس مجلس الوزراء، أي انه يختار الحكومة، وهذا خطا، انه يختار النواب فقط، انه يختار ممثلي الشعب، فهو لا يختار رئيس الحكومة، ولا يختار الوزير او وزراء الحكومة المقبلة، إنما يختار ممثليه في البرلمان فحسب، ولذلك فان من سيفوزون في الانتخابات القادمة متساوون في الحقوق والواجبات وفي الشرعية الدستورية والقانونية بغض النظر عن عدد الأصوات التي سيحصل عليها كل واحد من الفائزين. كما يظن البعض انه اذا لم يشارك في الانتخابات فسيطعن بشرعيتها، وبالتالي ستتوقف عملية بناء مؤسسات الدولة على أساس نتائج الانتخابات المقبلة، وهذا خطا كبير، فنسبة المشاركة لا تؤثر على شرعية نتائجها ابدا، فالدستور، وكذلك القانون، لم ينص على نسبة معينة في تحديد شرعيتها من عدمها، ولذلك فان افضل طريقة للتأثير في نتائجها هي المشاركة وليس المقاطعة، فالمشاركة قد تُسقِط مرشحين او ترفع آخرين، اما المقاطعة فلا تؤثر بشيء ابدا لا بالسلب ولا بالايجاب. و يُقَيِّم كثيرون عمل النائب على أساس ما قدمه على ارض الواقع، اي على أساس ما تم تنفيذه على يديه، فيسألون، مثلا، كم شارع بلّطَ لهم؟ وكم مدرسة بنى لحيِّهم؟ وكم محطة كهربائية اسس لمدينتهم؟ وهكذا، وهذا خطا هو الاخر، فان التنفيذ ليس من مهام النائب ولا من واجباته، وإنما من واجب الوزير في الحكومة، ولذلك ينبغي ان نميز بين مهام النائب ومهام الوزير. فما هي واجبات النائب تحت قبة البرلمان؟ انها: التشريع الرقابة ومن خلال هذين الواجبين يمكننا ان نحدد الصفات المطلوبة في المرشح لعضوية مجلس النواب، وهي: ان يكون صاحب رؤية، ليكون قادرا على التفكير السليم ليتقدم بمشاريع قوانين وعلى مختلف الأصعدة. فكما اننا ننتظر من الوزير ان ينفذ، ننتظر من النائب ان يشرع. ان جلّ النواب يقضون دورة كاملة، وبعضهم دورتين، تحت قبة البرلمان ولم نسمع يوما انهم تقدمو بمشروع قانون، ما يعني انه يفتقد للقدرة على التفكير وذلك بسبب غياب الرؤية في ذهنه، ولعل من اهم أسباب ذلك هو عدم الاستفادة من الخبرات والطاقات الخلاقة المتخصصة في كل مجال من المجالات التي تحتاج إلى تشريع القوانين