حديث عن التاريخ

شقيقي الاكبر الذي كان يحل ضيفا الاسبوع الماضي اصر على ان يعود بنا الى خمسينيات القرن المنصرم ليروي لنا تاريخا ماكنت اخبره على الاطلاق.. وما كان كله بالضرورة مواجعا كتاريخ الامة العربية منذ بداية القرن العشرين وحتى خط القلم هذه السطور..!! وهكذا بدأ شقيقي محاضرته (التاريخية) امام الجماهير المحتشدة المكونة من زوجتي وابنائي ببعض الديباجات التي يشترك فيها معظم العراقيين مثال (انت جنت بعدك(...) على نفسك والوالدة يومية الصبح مبتلية بيك تشطف وترجع ليورة..!!) وكأن التاريخ لايقترن اولا يمكن تذكره الا بهذه الافعال (الشنيعة) وبالطبع فاني لا امتلك غير تلقي هذه (المسامير) بروح رياضية عالية معلنا قبولي وتأييدي لهذه التصريحات الخطيرة المتعلقة باسلحة الدمار الشامل امام المتربصين والمتصيدين بالماء العكر..!! ثم يبدأ عباد الله بالانصات لهذه الالياذة ودون حراك او شرود باتجاه شاشة التلفزيون او اي شيء اخر لان شقيقي حريص ايما حرص على ان يكون المستمع (عاقلا في الصف دون حراك) وان لايسعى الى المقاطعة او نقطة نظام لان ذلك سيكلفه الكثير..!! ولعل من الواجب ذكره ان المقدمة التي خصني بها هي حقيقة تاريخية لا لبس فيها ولقد كنت وفي بعض الاحيان استخدم دهائي في اخفاء معالم الجريمة وذلك من خلال تناولي لقدح ماء واسقاطه في (حضني) مع سبق الاصرار والترصد..!! من بين الاسئلة التي كنت اطرحها مع نفسي ان هناك احداثا رواها في عمقها ودلالاتها تستحق ان توثق كأحداث تاريخية مهمة ولكن ذلك لم يحدث..!! بعد ان بدا لي في عيون المستمعين ما يشبه حالة المضض والتوسل من اجل تحديث الحديث ولسان حالهم يقول (البينا مكفينا).. خطر ببالي موضوع لايمت لحديثه بصلة ولكني كنت على يقين من انه سوف يتعاطف مع طرحي وسيعود من مرفأ السنين العجاف فبادرته: ماذا تقول عن المحاكمة التي سيخضع لها الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي.. استجاب لهذه الانعطافة مطلقا على هذه المحكمة بأنها ثمرة نضال الشعب المصري.. وقد كنت منتشيا لهذا الانتصار والنقلة التاريخية من العام 1959 الى 2014 ولكنه فجأة ودون اشارة اعادني واعادنا الى نهاية خمسينيات القرن الماضي حين قال: هكذا محاكمات مع هؤلاء النماذج كنت اتمنى ان يديرها فاضل عباس المهداوي رئيس محكمة الشعب.. ثم اردف في وصف بعض جلسات هذه المحاكمة وكيف كان يحاور المهداوي احد الذين اساؤا لكرامة العراقيين.. ونحن منسجمين مع هذه الرواية واذا به يتوقف برهة ويعقب: في العام 1946 وحين كان موسوليني يقف في قفص الاتهام سأله القاضي: هل انت موسوليني حقا..؟! اجابه موسوليني: نعم ثم اردف القاضي: انت بنفسك - نعم انا موسوليني - اذن لقد حكمت عليك المحكمة بالاعدام حتى الموت لانك لاتحتاج الى ادانة او شهود اثبات..!! استأذنت شقيقي (مصبحاً عليه بالخير) خوفا من ان يعود بي الى عصور ما قبل التاريخ..!!!