السر الغامض ... في حشوة كبة الحامض
العمل عبادة ، والعمل شرف ، ( وما أكل أحد قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ) كما قال الحبيب المصطفى (ص) ، وأن تأكل من عمل يدك خير لك من أن تمد يدك للغير أو تسطو على المال العام .
بعد أحداث عام 2003 عاد الكثير من العراقيين الى بلدهم الأم بعد هجرة طويلة دامت عدة عقود من الزمن ، أرتحلوا لأسباب شتى وتفرقوا في دولا غربية وشرقية ، غنية وفقيرة حسب تحصيلهم العلمي وأعتقادهم الديني وأمكانياتهم المالية ، فأصحاب العلم والمعرفة والفكر والثقافة تمكنوا من أن يجدوا لهم موطأ قدم في الدولة التي أستقروا بها ، وعملوا وأجتهدوا وتحسن وضعهم المعيشي بما يليق بمستواهم العلمي والثقافي .
أما الذين لم تسنح لهم فرصة التعلم ونيل الشهادات العلمية ، فتمكنوا من الحصول على وظائف بسيطة لا تحتاج الى مؤهلات كي يسدوا رمقهم ورمق عوائلهم .
أن كثير من الذين تركوا العراق كان بسبب تملصهم من الخدمة العسكرية خاصة في الثمانينات أيام حرب السنوات الثمانية ، وآخرين لم يعجبهم وضع العراق فقرروا البحث عن ملاذا أكثر أمنا وأرض الله واسعة ، والقلة القليلة من الذين أجبروا على ترك العراق بسبب مواقفهم المناهضة لنظام الحكم أنذاك .
الغريب في الأمر أن جميع من عاد من هؤلاء بعد 2003 أدعوا أنهم كانوا من معارضي النظام السابق ومن الذين ظلموا وسجنوا وشردوا  ، وبذا فتحت لهم الأبواب واسعة على مصراعيها في التعيين بوظائف كانوا لا يحلمون بها ، ونفوذ وسلطة وحرس وحماية وجاه وخدم وحشم وألقاب وشهادات وتخصيصات ومنافع و... ما خفي كان أعظم .
خلاصة القول .. أن أمثال هؤلاء كان يفترض بهم بذل كل ما في وسعهم كي يحققوا أحلام الفقراء الذين أنتخبوهم بتحقيق أبسط مقومات العيش الرغيد والحفاظ على كرامة المواطن العراقي وحفظ ماء وجهه من العوز والفقر و بلدنا يرزخ بخيرات وفيرة تكفي لأجيال قادمة أذا ما كانت اليد التي تحافظ على هذه الخيرات أمينة ونزيهة .
ألا أنهم وللأسف ينطبق عليهم قول سيد البلغاء علي بن أبي طالب عليه السلام :
(( اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت فان الخير فيها باق ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت فان الشح فيها باق )) .
وها هم يصرون رغم المطالب الشعبية وفتاوى المرجعيات الدينية ، بأضافة سنوات هجرتهم الى الدول العربية والأجنبية كخدمة جهادية لغرض أحتساب رواتبهم التقاعدية حيث كانوا يقارعون نظام صدام في شوارع لندن وحانات باريس وفي أحضان غانيات واشنطن ، في الوقت الذي كان فيه أطفال العراق يموتون يوميا بالمئات نتيجة نقص الدواء والغذاء بسبب الحصار الذي فرضه الأعداء .
من يستحق الخدمة الجهادية ، ومن يستحق التقاعد ؟
 الجندي المكلف الذي خدم الخدمة الألزامية والأحتياط لأكثر من عشر سنوات أم بائع الطماطة والبصل في شوارع السويد ؟
 أم بائع كارتات شحن الموبايل في شوارع دمشق ؟
أم بائع الطرشي في أسواق طهران ؟
 أم بائع كبة الحامض في أحد مطاعم لندن ( مع أحترامنا الشديد لعمله الشريف هذا ) والذي أصبح فيما بعد رئيسا للجنة المالية البرلمانية ، والذي أستقتل على أضافة فقرة الخدمة الجهادية الى قانون التقاعد الموحد .
علما أنه حاصل على شهادة دكتوراه لا يعرف لحد الآن أختصاصه العلمي الدقيق وعنوان أطروحته وفي أي مطعم جرت المناقشة !!!
أودعناكم أغاتي ....