المادة 38، من المستفيد؟

لم تكن للتسريبات الإعلامية ظهرت مؤخراً،ردة فعل قوية لدى الشارع العراقي، لأنه تعود على كثرة الأزمات والمشاكل، بحيث أصبح المواطن أكثر إحساساً بالوضع السياسي السيئ من بعض السياسيين أنفسهم، ولا يبحث الا عن الاستقرار وعدم الانجرار ورائهم من أزمة الى أزمة، حتى وإن كان الأمر يهمه هو وشريحة كبيرة من فقراء الشعب، والتي إنتظرت سنين طويلة قانون التقاعد، ليظهر في الأخير وكأنه مصمم لطبقات مجتمعية دون أخرى .

فلو نظرنا الى موضوع تصويت النواب ودرسناه بلغة الأرقام، لوجدنا أن الحضور أكثرهم من التحالف الوطني، والذي يمثل ثلاث قوى وهي: المواطن 16 نائب، والاحرار40 نائب، ودولة القانون 89نائب، وبعض النواب الآخرين الذين تبعوا ائتلاف دولة القانون بعد الولاية الثانية والمستقلين، وكذلك عدد قليل من التحالف الكردستاني ومتحدون وكان الحضور الكلي في مجلس النواب 173 نائب، صوتوا على المادة 38 والخاصة بتقاعد النواب والدرجات الخاصة .

وكما يقال والله العالم، كان التصويت بكلا للتقاعد 29 نائب فقط، وأمتنع 9 أعضاء، فيما صوت لصالح المادة 38 حوالي 135 نائب، أصبح واضحا الآن بأن تمرير القانون جاء بواسطة التحالف الوطني، ولكن كل القوى الثلاث المكونة للتحالف ترفض ذلك، بل وتبجح النواب الأغلبية فيها بأنهم لم يصوتوا وغيرهم من صوت، إذن من صوت بنعم؟ ومن صوت بلا؟ ومن امتنع؟ ولذلك علينا أن نعرف من المستفيد الأكبر من تقاعد النواب والرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة حتى نسهل حل الأحجية .

المشارك بالحكومة، ومن لدية أغلبية برلمانية في داخل التحالف، ومن لدية حصة رئاسية من الرئاسات الثلاث، ومن لدية درجات خاصة ومستشارين، بالتأكيد كلهم مستفيدون، ولا يمكنهم التفريط بهكذا وليمة، وهم صوتوا بالتأكيد لصالح المادة، فلو فرضنا اعتراض دولة القانون على المادة لوقفت دون حراك لأنهم الأغلبية، ولو فرضنا إعتراض الأحرار فإن الرافضين هم 29 فقط، وهذا أقل بكثير من عددهم في البرلمان مع وجود غيرهم من المعترضين.

مع وجود الاعتراض المستمر من قبل المرجعية لتقاعد المسؤولين، فلابد لمن يتبع المرجعية أن يكون في صدارة المعترضين وهذا واضح تماما لأنهم الأقلية للأسف، ولكن النفاق موجود في كل مكان وزمان، وعلى المواطن الحاذق أن يميز بين الأبيض والأسود والغث من السمين، لأن القادم أسوء بوجود أكثرية تبحث عن مصالحها أولا، وجاءت للبرلمان بحجة الدفاع عن الشريحة المظلومة والمحرومة الأكثر في البلد .