بكل صدق وصراحة ووضوح، حكومتنا مكروهة ونظامنا ممجوج ودولتنا، بأنظمتها وقوانينها، غير محترمة.. وبكل صدق وصراحة ووضوح، آن أوان التعديل والتغيير والإتيان بالبديل الذي يعيد الاحترام والتقدير والهيبة لدولتنا وحكومتنا ونظامنا السياسي. بعيداً عن السياسة وبلاويها ومناوراتها ومداوراتها وأصحاب هذه المناورات والمداورات، وبعيداً عن الاقتصاد وهمومه وألاعيب رجال المال والأعمال ومن له صلة بهم من مسؤولي حكومتنا ونظامنا ودولتنا، فأن في حياة الناس اليومية ألف باعث وباعث على كراهية الحكومة والقرف من نظامنا وعدم احترام دولتنا. العراقي يخرج من بيته صباحاً متوجها الى محل عمله الحكومي أو الخاص أو إلى مدرسته وجامعته، فتكلّفه الرحلة في يوم نصف ساعة وفي آخر ساعة وفي ثالث ساعتين... انه يتعرض الى عملية إعدام نفسي في الطرق والشوارع، وعند نقاط التفتيش القاتلة على وجه التحديد. العراقي يعود الى بيته بعد انتهاء دوامه فيمر بالدوامة الصباحية نفسها، وزيادة عليها يجد ان الازبال أو المياه الآسنة المتراكمة في دربونة بيته على حالها، وأسوأ.. وقبل أن "يجر نفسه" تنهال عليه الشكايات: غاز ماكو.. الحصة لم تصل للشهر الثاني على التوالي.. الكهرباء "تخربطت" من جديد .. الجهاز الكهربائي (الصيني) المُشترى منذ ثلاثة اشهر فقط احترق.. حنفية المطبخ تحتاج الى تبديل.. الأبن الذي "تخربط" قبل يوم لم يفده دواء المستوصف ولا مناص من مراجعة طبيب خاص. العراقي لا يعقل ان تبقى مشاكله ومكابداته تتناسل كالجراد.. لا يعقل الا يجد حلاً لبعض من مشاكله وخلاصاً من بعض مكابداته.. لا يعقل ان يكون قد كُتب عليه الذل والقهر والحرمان منذ الأزل والى الأبد. العراقي يريد حلاً.. يريد خلاصاً .. يريد أن يرى ضوءاً في نهاية النفق. العراقي يتساءل بكل وجع وحرقة ومرارة: أين تذهب مئات مليارات النفط، وكيف تُنفق مئات مليارات الموازنات السنوية، ما دام الأمن منهاراً والفقر عميماً والبطالة متفشية والخدمات العامة مفتقدة؟ بكل صدق وصراحة ووضوح، العراقي لا يحب الحكومة لأنها فاشلة وعاجزة، ولا يستسيغ النظام السياسي لأنه قائم على المحاصصة الطائفية والتوافق المصلحي بين أمراء الحرب الأهلية غير المعلنة، ولا يحترم الدولة لأنها لا تحترم نفسها بتجاوزها السافر على أحكام دستورها، ولأنها لا تحترم مواطنها ولا توفر له الأمن والكرامة. العراقي موجوع ومقهور وكافر بكل شيء وفاقد الأمل بأي شيء. لابدّ من عمل يعصف بوجع العراقي وقهره وكفره .. لابدّ من تعديل أو تغيير في الحكومة والنظام السياسي والدولة .. لابدّ من بديل لكل هذا الخراب المتواصل والمتفاقم. هذا ما يريده العراقي، يا أصحاب الحكومة والنظام السياسي والدولة جميعاً.. ولا أستثني منكم أحدا.
|