ثم ندمت على تبرعي لحزب الدعوة في الثمانينات

( بناءً على طلب الدكتور حامد سوادي عطية أود أن أبين بأنه ومساهمة منه في دعم جهاد شعبنا العراقي ضد النظام البعثي تبرع بمبلغ وقدره أربعة آلاف جنية استرليني وعلى دفعات في الفترة ما بين عام 1984 وعام 1988 وقد قمت بتوجيهها إلى حزب الدعوة وعوائل الشهداء والمجاهدين ضد النظام البعثي)

هذه شهادة موقعة من قبل أعز الأصدقاء، عمر صداقتنا نصف قرن من الزمن، وهو من عائلة بغدادية شيعية عريقة، وكان من أنشط المعارضين للنظام الصدامي في لندن، ويعرفه جيداً وزراء في حكومة المالكي وأعضاء قياديون في الأحزاب الشيعية، لم استأذنه في الكشف عن اسمه لذا أحجم عن بيانه، فلا يراود أحد الشك في صحة هذه الشهادة.

لعل بعضكم يتسائل عن أسباب طلبي من الصديق العزيز تزويدي بهذه الشهادة وهي مؤرخة في 28 كانون الأول من عام 2003م، أي بعد الإحتلال الأمريكي بشهور، وكنت وما زلت من أشد المعارضين للإحتلال والناقمين على المتواطئين مع المحتلين بقدر نقمتي على الإرهابيين الطائفيين، ومنذ تبني حزب الدعوة موقفاً ممالئاً للإحتلال تراودني فكرة كتابة ونشر مقال أبين فيه تحولي من نصير لهذا الحزب بالمال إلى ساخط عليه.

بالتأكيد أن أربعة الاف جنية استرليني بالنسبة للمالكي وغيره من حزب الدعوة مبلغ تافه لا يستحق الذكر، فهو لا يكفي حتى لسداد فاتورة الهاتف الجوال لأصغر أبناء النائب عن حزب الدعوة حالياً والبعثي سابقاً علي الشلاه فما بالك بفواتير أفراد عائلة سيده المالكي أو غيره من أعضاء حزب الدعوة من ساكني المنطقة الخضراء، لكنه بالنسبة لي لم يكن تافهاً، إذ يساوي عشر ما جمعته من عملي في الخليج بعد مغادرتي العراق، وكنت وقتها يائساً من الاستمرار بعملي وتحصيل معاشي بعد رفض الحكومة العراقية البعثية تجديد جواز سفري، وبالفعل فقد اضطررت في 1988 للانتقال إلى سورية، وبقيت عاطلاً عن العمل ومن دون مصدر رزق مدة إثنى عشر عاماً، لذا فقد كان المبلغ الذي تبرعت به، وذهب بعضه لحزب الدعوة ثروة بالنسبة لي، حرمت نفسي وأهلي منها وتبرعت بها كرهاً بالنظام البعثي الظالم.

أخبرني صديقي العزيز بأنه وفي نفس الفترة جال على عدد من العراقيين الأثرياء وطلب منهم مساعدة العراقيين الذين يرفضون العودة للعراق فلم يستجيبوا له.

عندما عرفت بالجهات التي وصلها مبلغ التبرع فرحت بذلك، ولكني اليوم حزين لأن قسماً منه ذهب لحزب الدعوة، هذا الحزب الذي وقع رئيسه الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية مع أمريكا، والذي يصفه البعض بأنه صديق أمريكا، وهو في تقديري أكثر من صديق لها، وحزب الدعوة أشد المتحمسين لعودة البعثيين، ويعج اليوم بالبعثيين السابقين أمثال علي الشلاة، وفي ظل حكم حزب الدعوة استشرى الإرهاب وترسخت الطائفية وعم الفساد والاختلاس والرشوة والمحسوبية والإثراء غير المشروع وانتشر الفقر وازدادت البطالة وعادت الروح للقبلية المنتنة، ووصل العراق إلى حافة التفكك والانحلال.

أحسنت الظن بحزب الدعوة فتبرعت له في وقت عسرته وعسرتي، ولو كنت أعلم الغيب لما تبرعت له بدرهم واحد