التجريم السعودي للارهاب.. خداع وتضليل للحقائق |
لن يستغرب المتابعون للسياسة السعودية ولا المراقبون على الصعيد الاقليمي والدولي القرار الملكي السعودي بتجريم الارهاب وتوقيته؛ معتبرينه لعبة مخادعة مكشوفة النوايا جاءت لخداع الرأي العام السعودي أولاً ومن ثم العربي والاوروبي بعد كشف الكثير من حقائق دعم وتمويل وتدريب وتسليح آل سعود للاهارب السلفي التكفيري الذي يفتك بالانفس ويزهق الارواح في سوريا والعراق ولبنان ومناطق اخرى . وتزامنت اللعبة المزيفة مع اعلان المخاوف الاوروبية – الاميركية من عودة الالاف من المسلحين المقاتلين الى ديارهم مع التقدم الميداني الذي يحصل على الارض بفضل العمليات الجريئة للجيشين العراقي والسوري في تضييق الخناق على الارهابيين السلفيين التكفيريين وسقوط المزيد من القتلى في صفوفهم هذا بالاضافة الى الخسائر التي يمنون بها جراء الصراعات الداخلية بين داعش والجبهة الاسلامية والجيش الحر وجبهة النصرة ولواء الشام وغيرها من المجموعات التي جاءت الى سوريا لمنح شعبها الحرية والديمقراطية حسب زعمها وإذا بها تتقاتل على توزيع الغنائم الحاصلة ميدانياً والدولارات النفطية القادمة من السعودية وأخواتها؛ مما سيدفعهم الى الهروب ليلا في جنح الظلام الدامس نحو الحدود التركية أو الاردنية ومن ثم العودة الى الديار التي قدموا منها . وعقدت عدة اجتماعات على مستوى عال لمناقشة هذا الموضوع بعد أن أحست أميركا والغرب الموالي لها بأنهم سیحصدون العاصفة التي نثروا بذورها في منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام المنصرمة، وكان آخرها الاجتماع الذي عقد فى بولندا حيث شارك فيه وزراء داخلية اميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واسبانيا وايطاليا وبولندا ورؤساء أجهزة الاستخبارات للبلدان الغربية، أكد في ختامه وزير الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون أن "المسؤولين الأمنيين في أوروبا يولون اهتماما خاصا للمتطرفين في دولهم الذين يذهبون إلى سوريا لحمل السلاح" وخصوصا في ظل المعلومات المؤكدة عن سفر " حوالي سبعة آلاف شخص من اميركا وكندا وأوروبا الى سوريا للقتال هناك في وقت يحاول متطرفون بشكل نشط تجنيد غربيين وأدلجتهم بعد أن صقلوا بالخطابات التكفيرية وإعادة إرسالهم الى بلدانهم الأصلية لتنفيذ مهمات متطرفة". أما في المنطقة الخليجية فقد ظهرت بوادر بيارق العودة الخائبة للمسلحين الجناة اليوم في الكويت البلد الذي احتضن ودرب ودعم وأرسل أقذر الارهابيين السلفيين وأكثرهم إجراماً ودفعهم نحو التناحر الطائفي وشق صفوف الأمة الاسلامية في العراق وسوريا، فنحروا الابرياء وهتكوا الأعراض وسلبوا الأموال وقتلوا الأطفال أمام أعين آبائهم وأمهاتهم في الزهرة ونبل السورية مثلاً، لتكشف صحيفة "السياسة" الكويتية عن وجود "خلايا نائمة" وملاذات للجماعات المتطرفة والتكفيرية في الكويت بينها "داعش" و"جبهة النصرة" بالاضافة الى التنظيم الأم لكل هذه الجماعات الاسلامية المتطرفة (جماعة الاخوان المسلمين) . وربما ستكون السعودية المحطة الثانية لعودة فلول التكفير والاجرام، قبل أخواتها الاخريات خاصة أنه لا أحد ينكر دور النظام السعودي في دعم وتمويل وتسليح وإرسال عشرات الآلاف من هؤلاء المسلحين نحو الحرب الطائفية المستعرة في بلاد الشام ومن قبلها العراق ولم يعد ذلك بخاف على أحد والنظام وأذياله وأذنابه يعترفون جهارة وعلى مختلف الفضائيات بدورهم في دعم الحراك المسلح في سوريا وزعزعة أمن وإستقرار المنطقة ونشر إرهاب الدولة في سوريا والعراق، ولم یعودوا ینکروا هذه الحقائق، بل یحاولون بشتّی الوسائل تبریر ما یقومون به خاصّة فيما يتعلق بالأعمال المدمرة وسیاساتهم النفاقية التفريقية . وليس بخافٍ على أحد من أن الریاض تنفّذ خطّة تعرّض السلام والأمن العالمییْن للخطر في ظل استمرار صمت وسكوت الولایات المتّحدة التي تتشدق بأنّها حاملة لواء "الحرب علی الارهاب منذ أکثر من عقد من الزمان"!!، لتجد نفسها محبطة وغير قادرة على أن تنأی بنفسها عن العنف في المنطقة والموجّه من قبل حليفهم الستراتيجي في المنطقة ألآ وهم آل سعود. الأزمة السورية التي أوشکت علی دخولها العام الرابع، تحوّلت الی مأساة إنسانیة تعيد للاذهان ما فعلته المجموعات الصهيونية المسلحة بابناء فلسطين خلال العقود الماضية تلك الفصائل التي انهالت على أرض الانبياء وقبلة المسلمين الأولى من مختلف البلاد الغربية والعربية وأنتهكت الحرمات وعبثت في الأرض فساداً بدعم آل سعود ذاتهم، ليأتي الدعم نفسه اليوم للمجموعات الارهابية التكفيرية السلفية الذين ربتهم ودربتهم دولارات البترول الخليجي خاصة السعودي بأکثر من (000ر150) قتيل وأکثر من (000ر400) جريح ومصاب، ناهیك عن أکثر من (000ر200ر5) لاجئ في لبنان وترکیا والعراق والأردن بوضع مشؤوم وغیر إنساني بالاضافة الى الملايين المشردة في داخل سوريا هذا اذا ما تطرقنا لما فعلته آلة الأجرام السعودي وأخواتها الخليجية في العراق طيلة العقد الماضي راح ضحيته الملايين من الابرياء. وإنتقاماً لهزیمتها في العراق، إختارت الریاض المذابح والمجازر في هذا البلد، وخططت الكثير لاضعاف حکومة نوري المالکي، فيعد أن فشلت قامت بالمساهمة في إذکاء النار والتحریض ضد الحكومة السورية تحت يافطات ملونة منها "الديمقراطية" التي تفتقدها ,اخواتها ذات السيادات الموروثية، سعياً منها للتعویض عن إخفاقها في العراق والحصول علی توازن إقلیمي لصالحها بکلمات أخری، تحصل علی سوريا مقابل فقدانها للعراق ! . وفشل النظام السعودي المتوالي في العراق وسوريا ولبنان وإنكساح العصا الارهابية في هذه الدول نحو تمزيقها وتبديدها، دفع بالرياض للشعور بالخوف من ان تصل الحركات والثورات التي تعم العالم العربي الى السعودية في وقت اقرب مما يتصوره الامراء، فجاء قرار تجريم الارهاب السعودي الذي هو للاستهلاك العالمي وكلام فارغ ولا يمت بصلة لقانون مكافحة الارهاب، ليغطي على مخاوف العائلة الحاكمة ويضلل على الحقائق التي دفعت بالملك السعودي عبد الله الى إصدار مثل هذا القرار . واذا ما أخذنا بنظر الاعتبار نوعية القرار وتاريخ إصداره وكيفية إنشائه وتأكيده على تجريم كل ارهابي يقاتل في الخارج ويعود الى أرض السعودية وليس تجريم كل من يذهب من السعودية نحو بلد آخر للقتال أو التحريض على ذلك كما أذاعته وكالة الانباء السعودي الرسمية.."أصدر العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز أمراً ملكيا بمعاقبة كل من يقاتل في الخارج أو ينتمي لتيارات دينية متطرفة أو يدعمها. ويقضي القرار بالسجن لمدة تترواح بين ثلاث سنوات وعشرين عاما بحق كل من يشارك في اعمال قتالية او ينتمي الى جماعات متطرفة او مصنفة منظمات ارهابية.. اذا ما عاد الى البلاد !!" . وزاد مخاوف الرياض من حشود المقاتلين العائدين الى البلاد ما كشفته دراسة غربية بعنوان “المقاتلون الأجانب في سوريا وجنسياتهم”، من أن السعودية احتلت المرتبة الثانية بعد الشيشان بعدد مسلحين قارب الـ12 ألف مسلح يقاتلون في سوريا تمت تصفية 3872 منهم وسجل نحو 2689 كمفقودين. فيما اشارت الدراسة الى أن الشيشان تتصدر عدد المسلحين الاجانب في سوريا بـ14 ألف مسلح تمت تصفية 3671 وسجل 1397 كمفقودين. القرار الملكي السعودي وصفته منظمات حقوق الانسان انه في خانة قمع الحريات والمعارضة الوطنية، ومساعٍ لتجميل الصورة قبيل زيارة الرئيس الاميركي لها، وانه امتداد لمرسوم ملكي سابق يجرم أي انتقاد للمفتي أو الامراء أو هيئة كبار العلماء، موضحاً ان قانون التجريم الجديد ليس إلاّ موجهاً ضد الاصلاحيين والنشطاء، المطالبين بدولة قانونية وعدالة اجتماعية واحترام لحق الاقلية والمساواة بين ابناء الشعب؛ فتسابق وعاظ سلاطينهم باصدار فتاوى تجريم القتال في سوريا بعد أن كانوا قد أكدوا وجوبها وشرعيتها في المئات من فتاواهم الماضية طيلة أكثر من عقد من الزمن دمروا خلالها العراق وبلاد الشام وراح ضحيتها الملايين من الابرياء وانهار من الدماء ودمار طال البنى التحتية ودور العبادة في الكثير من البلاد الاسلامية خاصة العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين. فهرع الشيخ "عبد اللطيف آل الشيخ" رئيس شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسعودية لنجدة القرار الملكي ودعمه "شرعياً" ليصف الوعاظ الذين يدفعون الشباب السعودي للذهاب إلى الجهاد في المناطق الساخنة ب"مثيري الفتنة"، قائلاً: "يستحق من يستغل القنوات التلفزيونية والفضائيات كمنبر لبث الفتنة، أن ينطلق عليه بالداعي للفتنة والضرر". مضيفاً: "ان الدعوة الى الجهاد مقتصرة على ملك البلاد الملك عبد الله وكل من يصدر الفتوى بالجهاد باستثناء الملك فهو مثير للفتنة ويجب أن يطرد من المجتمع"!!. من جانبها وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية المعنية بحقوق الانسان القرار الملكي السعودي.. "ان القانون الجديد وحشي نصاً وروحاً وهو يتضمن كل ما يدعو الى الخوف من السلطات السعودية سوف تستخدمه بسهولة ضد المعارضين السلميين". |