لقد وثبَ الزمانُ على الزمانِ
فأعْتقَ مصر من أسْرِ التواني
وأوْجدها بعاليةٍ ومجدٍ
وتوّجها بجوهرةِ الأماني
وأخرجها من الليلِ المُدجّى
بداهيةٍ سعتْ نحو الشَنانِ
إلى مصر التي سطعتْ رؤاها
بأنوارٍ من الفِكَرِ الجُمانِ
تحية مُغرَمٍ في حبِّ أرضٍ
وإنسانٍ بآفاق العَنانِ
تواكبنا بمبدعَةِ انْطلاقٍ
إلى أمَدٍ بسامقةِ المَعاني
وترشدنا بأفكارٍ ونورٍ
فتنجينا مِنَ الضَعفِ المُدانِ
وتأخذنا لناصيةٍ بآتٍ
مدججةٍ بآلاتِ الأوانِ
وتمنحنا مواطننا بسعدٍ
وترشدنا لميناءِ الأمانِ
موائلنا إذا عزّتْ وضاقتْ
تزوّدُنا بمَخزونِ الجِنانِ
بها التأريخُ من عَجبٍ تواصى
بأمجادٍ وأشهادِ المَباني
وإنّ النيلَ دفّاقٌ ويبقى
يُخاطبنا بأمْواجِ الحَنانِ
ويُطعمنا ويروينا بعزمٍ
ويحْمِلنا لرائدةِ التفاني
وكمْ دارتْ بنا أرضٌ ودامتْ
بدائرةٍ بمِضمارِ الكيانِ
كنانةُ روحِنا هتفتْ بوعْدٍ
يُطالبنا بإبْداءِ التهاني
لمنجزةٍ لِما وعَدتْ وأوْفت
إرادة أمّةٍ ذاتَ اقترانِ
بأجيالٍ مُكللةٍ بفكرٍ
وأنوارٍ مؤجّجةِ البيانِ
فقفْ هيّا وشاهدْ مرْتقاها
بقاهرةٍ وميْدان الضمانِ
وعاصرْ نبعَ علياءٍ ومَعنى
وغنّي في مرابعها الأغاني
وجاهرْ إننا أمٌّ ستحْيا
بحاضرها وأفلاكِ الزمانِ
إذا قالتْ لنا مصرٌ كلاما
ستحدونا بواضحةِ العَيانِ
هيَ الجمرُ المزكّى باختبارٍ
وإنّ النارَ في شببِ الدّخانِ
أرى أملا بهِ الآمالُ تشفى
ومقتبلاً تماهى بالرَصانِ
وتحريرا من الوَجَعِ المُدحّى
بأفئدةٍ وأرواحٍ تعاني
أرى مصر التي وهبتْ نجوما
مألّقةً ثريّا لا تداني
أخاطبها بأشعاري وعلمي
وأدركها بموقِدةِ الثواني
مُبلسمةٌ ووافيةٌ بعهدٍ
يُشافي من تباريح الوِطانِ
فما جَهلتْ شعوبٌ ما خطاها
وفيها مَنْ رعاها بالجَنانِ