محمد الصدر جرح سرمدي لايندمل |
لا اعلم كيف ابدأ رحلتي إلى عالمك الرحب، وكيف ادلف إلى ذكرياتك يامن تسكن ذاكرتي وتحتل كياني، وكيف اتحدثُ عنك وكلماتي تعجز عن وصف مواقفك، وكيف يطويك النسيان وانت تفترش عيوني وتغفو بين اضلاعي جرحاً سومرياً لايندمل مهما تقادمت السنون، ايها الساكن في كل الازمنة، ايها القمر الذي اضاء كهوف الصمت ونثر قطرات الضوء على دروبنا المتيبسة من الخوف فأورقت اغصاناً من المواقف والتضحيات والبطولة، ايها الصوت الملائكي الهادر على منبر الكوفة لتعيد كتابة التأريخ بلغة جديدة لايفهمها إلا من اتخذ الحسين رمزاً ومناراً وهوية، يامن كسرت بمعول الشجاعة كل اصنام السكوت فكنت صوتاً للحقيقة المغيبة في دهاليز الخضوع، يامن هدمت كل الجدران الفاصلة بين الحوزة والمجتمع فسكنت العقول والقلوب والبيوت، ياملاذنا عندما تداهمنا جيوش الخوف وفيالق الرعب، ياوطننا الواسع في اغترابنا الازلي عندما يضيق بنا الوطن وتوصد امامنا كل الأبواب، يامن اعدت لنا وجودنا وكرامتنا وهيبتنا وحضورنا بعد ان لم نكن سوى وقوداً للحروب ومحل تجارب لأساليب القمع البعثي، يامن كنت مؤنساً وخليلاً لكل المغيبين في ظلام الزنازين، محمد الصدر ايها الراحل إلى موطنك الابدي موطنك الذي اخترته بإرادتك بل كنت متلهفاً إليه لأنك تدرك إن الخلود هو خلود المواقف لاخلود الاشخاص وها انت خالد في مواقفك التي يزدحم بها التاريخ، ياسيد المواقف الكبيرة التي اذهلت حتى محبيك، يامن ارتديت كفنك بكل اصرار فكان عنوانا للثورة وهوية للأحرار ورسالة افصح من كل الشعارات الفارغة التي لاتغني ولاتسمن من جوع، ياصدرنا آه كم اشتقنا لعصاك التي كنت تهشُ بها عن وجوهنا كلاب البعث الذين ملأوا وطننا نباحاً وضجيجاً، سيدي نحتاجك جداً هلا تعود إلينا وتمسح على رؤسنا فقد انهكنا اليتم فلا تترك يتاماك يتسولون على ارصفة الحزن يبحثون عن قطرة دمع يغسلون بها حزنهم ومواجعهم ويسدون بها رمق مصابهم، هلا تعود فقد كثر الذين يتاجرون بإسمك ويدعون انتماءهم إليك تعال لتعريهم وتكشف سوءاتهم، هلا تعود وترحم اشتياقنا ياعشقنا الابدي يامن لازلت وستبقى مرجعنا وقائدنا وملهمنا المبادئ والقيم الاسلامية الحقة، سيدي ابا مصطفى نشكوا إليك همومنا ومواجعنا وظلمنا أيها الثار الكبير والمصلح العظيم يامن اسست مدرسة الجهاد والمقاومة فخرجت اجيالاً من الثائرين، ياسيد الجهاد ومعلم الثوار يامن رسمت لنا طريق المقاومة عندما هتفت بصوت الحق (كلا كلا امريكا كلا كلا اسرائيل) فأصبحت انشودتنا وسيمفونيتنا التي عزفناها بإرواحنا وشرايين قلوبنا ومنها ارضعنا اطفالنا لتبقى في كل العصور ترنيمة ترعب الطغاة في كل زمان، نعم ياصدرنا لازلت ترعبهم ولازالوا يخافون من اسمك ومنهجك وعصاك وكفنك، محمد الصدر ستبقى ذلك السراج الذي مزق رداء الظلام ونشر نور الحق والحقيقة في مدن الوطن، ولئن فقدناك مرجعاً واباً حنوناً فإننا سعدنا بنيلك الشهادة التي تمنحها السماء لمن يستحقون الخلود ومن غيرك يستحق الشهادة والخلود. |