فقهاء الحكام وفقهاء العوام (2).. بقلم / السيد عصام احميدان الإدريسي* |
العراق تايمز ــ كتب / السيد عصام احميدان الادريسي : "خط المرجعية" و"شخص المرجع" سأتناول ضمن سلسلة (فقهاء الحكام وفقهاء العوام) إشكالية العلاقة بين الفقيه والسلطة من جهة ضمن الفصل الأول الذي سيحمل عنوان (فقهاء الحكام)، ثم أنتقل إلى الحديث عن علاقة الفقيه بالمجتمع وذلك في الفصل الثاني الذي سيحمل عنوان (فقهاء العوام). الفصل الأول : محنة أهل الإسلام مع فقهاء الحكام. الفصل الثاني : محنة أهل الإسلام مع فقهاء العوام . خاتمة : البديل الرسالي : فقيه الإسلام الشهيد في غيبة الإمام . الفصل الأول : محنة أهل الإسلام مع فقهاء الحكام بالعودة إلى ما كتبه السيد الشهيد محمد باقر الصدر رض في بحث (خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء) ضمن كتاب (الإسلام يقود الحياة)، فإنه عندما يتطرق لدور الفقيه ، فإنه يقول : (ومن هنا كانت المرجعية كخط قراراً إلهياً ، والمرجعية كتجسيد في فرد معين قراراً من الأمة) (محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة ، ص: 133)، من هنا فالسيد الشهيد أقام تمييزا بين "المرجعية الخط" و:"المرجعية الشخص" ، فالمقدس هو "خط المرجعية" لا "شخص المرجع" ، لأن "خط المرجعية" قرار إلهي يستمد قدسيته من صاحب القرار وهو الله تعالى ، بينما "المرجعية الشخص" فهي قابلة للنقد والتقييم والتقويم من قبل الأمة مادامت الأمة هي التي قررت العودة إلى ذلك الشخص دون غيره من الأشخاص ، إذ يقول السيد الشهيد الصدر رض : (فالنبي والإمام معينان من الله تعالى تعييناً شخصياً وأما المرجع فهو معين تعييناً نوعياً أي أن الإسلام حدد الشروط العامة للمرجع وترك أمر التعيين والتأكد من انطباق الشروط إلى الأمة نفسها) (محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، ص 133). من هنا ، فقد وقع الكثير من العوام في لبس كبير قد يكون ساهم فيه بعض حواشي الفقهاء ، حيث تم الترويج لفكرة كون "المرجعية الشخص" مقدسة في ذاتها ، وأن الدين والمذهب متقومان بذلك الشخص، وهو أمر لا أساس له من الحق شرعا و عقلا.. إنني في المقابل أيضا، أؤكد أنه يجب أن الانتباه إلى كون نقد "المرجعية الشخص" لا ينبغي أن يجعلنا نتحرك خارج إطار "خط المرجعية" لأنه خط ثابت كما الشجرة الطيبة المباركة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء ، مادامت المرجعية كخط هي امتداد موضوعي لخط الشهادة على الناس استمرارا لخطي النبوة والإمامة وهما الامتداد الشخصي الشهودي على الناس . من هنا ، أعتقد أنه لمقاربة موضوع الفقيه والسلطة ، لابد من عرض الإطار النظري لتلك العلاقة بين الفقيه والسلطة (المبحث الأول) ، ثم الانتقال بعد ذلك لعرض التجربة التاريخية الإسلامية لتلك العلاقة الملتبسة بين الفقيه والحاكم (المبحث الثاني). المبحث الأول : الإطار النظري للعلاقة بين الفقيه والسلطة : قال الله تعالى في كتابه العزيز : {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا}(سورة الأحزاب ، آية 72) ، فأمانة الاستخلاف على الأرض مسؤولية تحملها النوع الإنساني ، يؤكد ذلك أيضا قوله تعالى (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) (سورة فاطر، الآية 39 ) ، لكن دار جدل بين العلماء والباحثين حول طبيعة الاستخلاف هل هو نوعي أم شخصي، أو بعبارة أخرى : هل آدم خليفة الله بصفته الرسالية أم بصفته النوعية الإنسانية؟ وإذا كان آدم خليفة الله بصفته النوعية لا الشخصية ، فمتى انطلق الخط الرسالي الإلهي وما علاقة ذلك الخط بخط الخلافة العامة للنوع الإنساني؟. إن الإجابة عن هذه الأسئلة هي وحدها الكفيلة بتحديد الإطار النظري العام للعلاقة بين الفقيه والسلطة ، لأن هذه الأخيرة المفروض فيها أنها تجسد إرادة الناس جميعا بما هم خلائف لله تعالى في أرضه ، بينما يفترض في الفقيه أن يمارس نفس الدور الذي مارسه الأنبياء والأئمة عليهم السلام دون تعيين شخصي ولا عصمة . من هنا ، يجب أن نتحدث عن المرتكزات النظرية لكل من خطي الخلافة والشهادة ، لنعرف ما للفقيه وما للحاكم؟ وهل هناك ضرورة لكي يكون الفقيه هو الحاكم؟ وطبيعة دور الفقيه فيما لو انحرف الحاكم عن المسار الصحيح والسليم للحكم؟ وسأتطرق لذلك في هذا المبحث من خلال فرعين أساسيين : الفرع الأول : المرتكزات الأساسية لخط الخلافة العامة . الفرع الثاني : الوظائف الرسالية لخط الشهادة . (يتبع) * السيد عصام احميدان الادريسي الحسني - معتمد ووكيل سابق للمرجع الرسالي السيد محمد حسين فضل الله (رض) بالمغرب . - حاصل على بكالوريوس القانون العام شعبة العلاقات الدولية من كلية الحقوق بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، المغرب . - بصدد إعداد رسالة الماجستير في القانون والعلوم الإدارية للتنمية بكلية الحقوق بطنجة ، جامعة عبد الملك السعدي، المغرب . ـ عضو مؤسس للخط الرسالي بالمغرب. - كاتب للعديد من المقالات في صحف مغربية وعربية .
|