الفقر... التحدي الاكبر لنشؤ الديمقراطية


(العودة للريف.....تنظيم الاسرة......التحرر من الخوف)
ان التاريخ الانساني ابرز لنا صور كثيرة من ثورات الفقراء للتخلص من فاقة الفقر والحرمان والاستعباد فرسمت لنا ثورة العبيد من خلال اسبارتكوس وثورة الزنج في البصرة والحرافيش في رواية نجيب محفوظ وهكذا قامت الاديان السماوية والافكار الدينية والاحزاب السياسية على رقاب الفقراء فالفقراء وحدهم من يحلمون بالحرية والتحرر والرفاهية فهم وقود التغيير والحروب.
وهنا سوف نركز على مفهوم الفقر بمعناه المادي والمعنوي الذي يهدد الأمن الاقتصادي، فكما نعرف ان الفقر بمفهومة التقليدي "فقر الدخل" يقاس بمقدار ما يتوافر للانسان من سلع وخدمات "الانفاق الاستهلاكي الحقيقي للفرد" ليتوسع الى مايعرف "بالفقر الانساني" والذي يقاس بمعيار الدخل وابعاد اخرى ذات قيمة حياتية مثل التعليم والصحة والحريات الاساسية وهنا سنكون امام مصطلحين هما تحت خط الفقر هو أدنى مستوى من الدخل يحتاجه المرء أو الأسرة حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في بلدٍ ما وهو الحصول على قوته اليومي اي مايعادل 1800 سعرة حرارية للفرد الواحد في الواحدلمساعدته على ديمومة الحياة مايعادل في العراق 150 الف دينار عراقي للفرد شهريا لضمان غذاء يسد رمقه للفرد ويعطيه ديمومة للحياة وحسب احصائية وزارة التخطيط العراقية ان 23% من السكان هم تحت خط الفقر وهو مايعادل 8000000 مواطن من سكان العراق اغلبهم في الريف العراقي وخصوصا في محافظات ذي قار والقادسية والمثنى وميسان وهنالك من هولاء الثمانية ملايين مليونان يعيشون الفقر المدقع وهو مستوى من الفقر يتمثّل بالعجز عن توفير تكاليف المتطلبات الدنيا الضرورية من حيث المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن هولاء يعيشون في العشوائيات ومدن الصفيح والخيم ويقتاتون على المزابل والفضلات ويعملون باجور متدنية وظروف عمل سئية واطفال في الشوارع متسولين في الطرقات او في العمالة الغير قانونية وهم بذلك يكنون بيئة خصبة للجريمة المنظمة والارهاب والاتجار بالاعضاء البشرية وايضا سهولة شراء اصواتهم الانتخابية من خلال تقديم لهم البطانيات والملابس وبعض الاغذية او دجاجة مرسوم على غلافها صورة مرشح وهم مادة دسمة للفضائيات لنشر الشبق الاكرامي الكاذب والمنافق للعهر الاعلامي في اشاعة الفضوضية والياس والاحباط من الاصلاح والتنمية .
ان للفقر حديثا مفهومان:
• الاول ويتمثل بالشعور بالضعف وسهولة التأثر اما خارجيا بالتعرض للصدمات والضغط والمخاطر مثل تذبذب سقوط الامطار، والامراض الوبائية، والجريمة، والضعف الى جانب الصراعات الاثنية، والارهاب والجريمة المنظمة وداخليا بضعف الحماية الذي يعني نقص وسائل التغلب على المشاكل من دون خسائر مثل نقص الدعم الحكومي والعجز عن رفع القدرة الشرائية لهولاء او اعادة تاهيلهم وجعلهم يشعرون بانسانيتهم والمواطنة.
• والمفهوم الثاني: يتمثل بنقص المشاركة في اتخاذ القرار، لتمتد الى ضعف المشاركة السياسية من جراء الاحباط من خذلان السياسين والمرشحين لتحقيق الوعود والملل من الكذب للبرامج الانتخابية السابقة ان هذا الاحباط يجعل الفقراءيعيشون حالة العزلة عن المشاركة في القرار السياسي من خلال المشاركة في الانتخابات ولذلك يكون تاثير الموسسة الدينية او العرقية اكبر على خيارتهم الصحيحة وهذا ناجم عن الجهل والامية المستشري في هذه الفئة المحرومة والمضطهدة من الشعب.
ان قياس معدل الفقر البشري (حرمان الفرد من القدرات والفرص) ولذلك نرى من خلال سير بعض الديمقراطيات الواعدة بعض الاسقاطات مثل ظاهرة شراء الاصوات وتبيض الاموال للدعاية الانتخابية والتـأثير على المتلقي من خلال الاعلام والفرص المتاحة بوفرة الذي يؤدي الى عدم تكافؤ الفرص بين المرشحين والتاثير على نتائج الانتخابات مما يولد خيارات مشوهة تزيد في فقرهم واحباطهم وياسهم وتدفعهم نحو العصيان والوقوع تحت تاثير اليمين المتطرف للحصول على الحقوق من خلال السلاح .
ان احدى مفاهيم الديمقراطية المهمة هي توسيع خيارات البشر ولكن هذا المفهوم يصطدم مع الفقر في تحديد الخيار الذي يمكن شرائه بسهولة ويسر من الاحزاب المتنفذة ومن المتاجرين بالاصوات ان البناء الاسلامي العادل في زمن الخليفة العادل عمر بن الخطاب هو التوزيع العادل للعطاء ومصادرة الاثراء الفاحش للولاة حتى لايتحولوا الى اساطين مالية وبلغت العدالة الاجتماعية في زمن امير المومنين ابو الحسن في المساوة في العطاء حتى للخوارج الذين يامن شرهم واطلق صيحته المشهورة لو كان الفقر رجلا لقتلته وكن حرا نعم كونوا احرارا رددهها الامام الحسين في كربلاء ضد اشاعة الفقر في الامة ومصادرة حقها السياسي وجعلها فقيرة وذليلة للعطاء الاموي هي دعوة للتحرر من الخوف نعم من الخوف من ضياع الرغيف .
ان خلال العشر سنوات الماضية عجزت الدولة في معالجة مشكلة الفقر لغياب الاستتراتيجيات الحقيقية للمشكلة وهي غياب المشروع الرئيسي الذي اعتقده سيحقق طفرة كبيرة في معالجة الفقراءفي العراق وهي (العودة للريف ) نعم هي ايجاد بيئة ريفية جاذبة للسكان بعد ان كانت طاردة للسكان الى اطراف المدن والعشوائيات ان الاهتامام بالريف وايجاد مشاريع زراعية وانتاجية ريفية حيوانية وبناء مدن ريفية جاذبة سيساهم في محلة معضلة كبيرة وسيحقق عودة الموازنة الحقيقية بين السكان ان تكون نسبة سكان الارياف الى 60% وهذا احدى الحلول التي اعتقد لاتحتاج الى ميزانية كبيرة وهي الاهتمام بتحقيق التنمية الريفية، حيث ان المجتمع الريفي يمثل حوالي 45 في المائة المجتمع العراقي ويشتغل فيه حوالي 50 في المائة من القوى العاملة، وذلك بانشاء المشاريع والجمعيات الانتاجية. لتنمية اغراءات الهجرة المعاكسة من المدينة للريف لاعادة البنية التحتية للريف كما كان ان 70% من المجتمع العراقي في سنة 1957وان نتائجها ستصب في مصلحة الامن الغذائي والانتاج الوطني وستاهم في تعزيز المسيرة الديمقراطية من ايجاد خيارات جديدة للناخبين الفقراء توافق هذه التنمية وتصب في خدمتها والخطوة الثانية المهمة هي تنظيم الاسرة من خلال المساهمة واشاعة ثقافة تحديد النسل للحد من التصاعد الجنوني للسكان وان هذه الزيادة المضطردة والغير مخطط لها والغير محسوبة والمتهيء لها من خلال خطط التنمية الصحية والتعليمية ستكون كارثية وستزيد من معدلات الفقر والبطالة وتضعنا في دوامة نقص الخدمات وازمة السكن والصحة والتعليم. ان ادى وظائف الدولة الديمقراطية المهمة هي حماية شعوبهم من البطالة والفقر و تحسين مستواهم الصحي والتعليمي
ومساعدتهم في التكيف مع المتغيرات البيئية، والسماح لهم باللتعبير عن آرائهم في الحياة العامة وضمان المشاركة الديمقراطيةو توفير الحمايةمن الجريمة المنظمة والصراع الاجتماعي والقمع السياسي والاتجار بالمخدرات والبشر.
ان هذه الوظيفة بحاجة الموسسة التشريعية الى ناس اكفاء ومراكز دعم من خبراءيعون هذه المسوؤلية الملقاة على عاتقهم في تعزيز المسارين الديمقراطي والتنموي.
ان الاحساس بانعدام الأمن يتناقص باستمرار بفعل القوى التي تعمل على زعزعته والمتمثلة في : الفقر، وغياب الحكم الرشيد، والاحساس بالغبن(اللاتوازن)، والاستقطاب المصطنع وفق اسس دينية واثنية.
ان الفقر..... المرض... الجهل ....ثالوث مدمر للديمقراطية والتنمية