قانون التقاعد : انصف الاحرار وظلم العبيد


تاريخ الامبراطوريات القديمة . قامت وتطورت وتوسعت , على فرض قانون يقسم المجتمع , الى احرار وعبيد . وجسدت بشكل كامل , شريعة طائفة الاحرار , على كل اركان الحياة , بان لهم الحقوق الكاملة , في النعيم والترف والتمتع بمباهج الحياة الكريمة , بانهم سادة المجتمع دون منازع , ولهم مطلق الحرية , في استغلال واضطهاد العبيد , حتى الحكم عليهم بالموت الاجباري , وحتى لو كان الحكم , نتيجة مزاجية طارئة , اضافة الى استخدامهم في اعمال السخرة الشاقة والمضنية والقاهرة , مقابل اطعامهم بكسرات من الخبز , حتى يبعدون عنهم الموت الى اجل موقت , يعتمد على استمرار قوتهم العضلية في اعمال الشاقة , بمعنى كل الحقوق المدنية والانسانية , تعتبر حق شرعي لهم . وكل الظلم والحرمان لطائفة العبيد . وقانون التقاعد الموحد الجديد , يجسد هذه المفاهيم النظرية بشكل واضح , لاجدال فيه , في تقسيم المجتمع العراقي : طائفة الاحرار وطائفة العبيد , والمادة 38 السيئة الصيت , برهان قاطع على ذلك التقسيم , بحيث يحق لاعضاء البرلمان , احتساب خدمتهم التي لا تتجاوز اربعة اعوام , بان يحتسب راتب تقاعدي لهم مقداره 40 مليون دينار شهرياً , مع الاحتفاظ بكل الامتيازات والمنح السخية . بينما طائفة العبيد يحتسب الراتب التقاعدي , بعد خدمة فعلية مقدرارها 30 عاماً , حتى يحصلوا على راتب تقاعدي مقداره 400 ألف دينار شهرياً , بهذا المنطق من العقلية والتفكير والثقافة المهجورة , يرجع العراق الى الوراء الآف السنين . اي نحو شريعة الغابة , التي تبيح وتسمح للقوي , ان يمارس اللصوصية والابتزاز والاختلاس , وسرقة قوت الشعب , ونهب اموال الدولة , والعكس تقف بالمرصاد للضعيف , وتسد ابواب العدل والحق والميزان . من مصائب الاقدار الكاريثية , بان هذه القوانين تصدر وتشرع , في زمن الاحزاب الاسلامية , التي في قبضتها الحكومة والبرلمان ومؤسسات الدولة الحيوية والحساسة , التي جاءت الى الحكم باسم , الايمان والعفة والطهارة والنزاهة , ونظافة القلب واليد , والايمان بقانون العدل والحق , وانصاف الضعيف والفقير والمحروم , وتعديل ميزان الحياة بالضمير المطلوب , حتى تطمئن لعاقبتها في الدنيا والآخرة . لكن تجربتها في الحكم وفي قبضتها مصير الوطن والمواطن , خلال عقد كامل , تؤكد بكل وضوح , بانها بعيدة عن هذه القيم السامية , كبعد الارض عن السماء , بل توحشت بكل ضراوة وعنف , وتحجرت رأفتها وشفقتها , وتصلبت قلوبها بالسحت الحرام , وانخدعت ببريق الدولار , ولكي تستمر بغرف من بحر النعمة والترف , سلكت طريق الخداع والدجل , والضحك على ذقون الشعب , والطامة الكبرى , التي تكشف عن عوراتها وزيفها , بانها اقسمت اليمن , وحلفت بالشرف والاخلاق , بانهم سيتنازلون عن رواتبهم التقاعدية , من اجل عيون الشعب , وسيقرون اصدار قانون التقاعد , يؤكد هذه الحقيقة الدامغة , والآن اصدروا قانون الجديد بمادته المشؤومة رقم 38 , باي وجه وشرف وضمير ووجدان واخلاق , سيواجهون الشعب والله , أم يستمرون بالمزايدات الرخيصة المنافقة . لقد سأمنا من مسرحياتكم البهلوانية . يا أهل النفاق والكذب , ابحثوا عن مسرحيات جديدة , تنوم الشعب وتخدره الى يوم الدين