ضاع أبتر بين البتران: الأصل والنسخة


مرة أخرى يرفع الإستغراب والحيرة عن الشعب العراقي، حينما تتبين وقاحة المسؤول في سَن قانون التقاعد الموحد، والذي هو مشروع مجلس الوزراء وبتوقيع أغلب الوزراء، وبعضهم بتوقعين، وبكل صلف وعنجعية تُقر الامتيازات، عكس إرادة الشعب والمرجعية الدينية، بينما تظهر تصريحاتهم، براءتهم من هذا الفعل الشنيع، ليضعوها في ملعب مجلس النواب، الذي صوت مرتبكا باكيا نادما.

هذا الموضوع يذكرنا بحكاية شيخ الثعالب، الذي سرق أحدى دجاجات قرية، وأطلق ساقه للريح وفمه ملآن، ولما لحق به رجال القرية، ضربوه فجاءت أحداها على ذيله، فقطعته من الأصل، فأصبح أبتراً، ومنذ ذلك الوقت والثعلب الأبتر، يشعر بالعار، وينكر فعلته ويرميها على غيره، كلما ذكره أحد بها، ففكر في حيلة للتخلص من التهمة التي لحقت به، وأنبتهُ كثيراً.

وفي احد الأيام، دعا جميع ثعالب المنطقة لوليمة عملها خصيصا لهم، ولما بدأت الثعالب بالأكل، ربط ذيولها جميعا، وصاح بأعلى صوته، أهربوا جاءكم الأسد، فهرب الجميع وتقطعت ذيولهم المربوطة، وعندها ضحك الثعلب وقال :-ضاع أبتر بين البتران.

ما حصل من إلقاء التهم على هذا وذاك، وهذا وقع وذاك لم يوقع، يسير باتجاه مفهوم حكايتنا، فيما لو بدأنا بها من النهاية الى البداية، ففي بداية الأمر ضاع الصواب على الناس، بل وعلى بعض المسؤولين أنفسهم، وأخذ الإعلام والفضائيات يذكر بمثالب النواب، وتشريعهم لهذا القانون الغير منصف.

فيما أخذ النواب والكتل السياسية، تدافع بكل ما أوتيت من وثائق وشهود، ونجح من نجح في أثبات عدم تأييده لهذا القانون، وبات كاذباً أمام الشعب من صوت بنعم، بينما إعتراضه في الفضائيات فقط.

لكن الحقيقة التي ظهرت بالوثائق، وعلى مرأى ومسمع الجميع، أن المشروع جاء بأنامل الوزراء وأفكارهم وبعضهم بتوقيعين، الأول أصالة عن نفسه ووزارته الأصلية، و الثاني وكالة عن الوزارة التي يديرها بالوكالة .

فيا ترى هل لازال شعبنا مؤمن بنظرية "ضاع أبتر بين البتران"؟ أم أن الأمور أصبحت واضحة.