تُصنُف نايجيريا بين الدول الفاشلة في العالم، كما هي دولتنا، برغم انها من الدول النفطية الرئيسة في العالم، فهي مثل دولتنا مبتلاة بالفساد المالي والاداري الذي يضرب بأطنابه حتى أعلى مراكز السلطة في البلاد، ففي الأسابيع الأخيرة وجهت اتهامات إلى الرئيس جودلاك جوناثان بالفساد. ومن الطريف في قصة الفساد في هذا البلد الأفريقي أنها تشتمل على وقائع شبيهة بوقائع قصة الفساد في بلادنا. المعارضة ووسائل الاعلام في نايجيريا اتهمت الرئيس جوناثان بالتواطؤ مع الفاسدين والعفو عنهم، فقام الرئيس من جانبه يوم الخميس الماضي بعزل رئيس البنك المركزي لاميدو سانوسي بدعوى تقصيره في ادارة البنك، لكن الحقيقة ان سانوسي لعب دوراً كبيراً في الكشف عن قضية فساد بقيمة 20 مليار دولار تورّط فيها مسؤولون من هيئة البترول الوطنية. ومع ان نايجيريا دولة فاشلة مثل دولتنا، الا ان البرلمان هناك اتخذ موقفاً مختلفاً تماماً عن موقف برلماننا من قضية قيام رئيس حكومتنا بعزل محافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي. البرلمان النايجيري وقف في وجه الرئيس وقال له ان إجراءه باطل لأنه غير دستوري، إذ تصرف الرئيس خارج نطاق القانون بعدم عرض قراره على البرلمان. أما عندنا فان أحداً في مجلس النواب لم يقل لرئيس الوزراء "على عينك حاجب". بل ان رئاسة مجلس النواب متورطة هي الأخرى في إجراءات عزل الشبيبي بما يخالف أحكام الدستور وقانون البنك المركزي وأحكام النظام الداخلي لمجلس النواب. أكثر من هذا ان برلماننا الذي شكّل لجنة برئاسة النائب الاول لرئيس المجلس للتحقيق في الاتهامات التي أشيعت بوجود قضايا فساد في ملف مزاد العملة لم تعلن على الشعب حتى اليوم نتائج تحقيقها. ولمن لا يعرف، فأن نتائج تحقيق اللجنة البرلمانية، كما نتائج أعمال الرقابة والتدقيق التي قام بها ديوان الرقابة المالية على نشاط مزاد العملة (كتابه الى رئاسة مجلس النواب في 25/9/2012)، تبرّئ الشبيبي ونائبه الدكتور مظهر محمد صالح وثمانية من كوادر البنك اعتقلوا لنحو عشرة أشهر.. تبرئهم من كل تهمة فساد، بل الثابت ان الفساد كان يحصل خارج صلاحيات ومسؤوليات البنك المركزي، وأن بين كبار الفاسدين المستفيدين من قضية بيع الدولار أعضاء في مجلس النواب. ويمكن القول ان رئاسة مجلس النواب قد تواطأت في هذه القضية بعدم إبلاغ الشعب بالحقيقة. ولو نشرت نتائج التحقيق لأحرجت رئاسة مجلس النواب نفسها ولأحرجت رئيس الوزراء، لأنها كانت ستبين ان ما يجري عندنا يشبه ما يجري في نايجيريا، حيث يحظى الفاسدون بالعفو الرئاسي ويطاح النزيهون من مناصبهم، مع الاستدراك بوجود برلمان يقظ في نايجيريا لا يشبه برلماننا الغافل الغافي.
|