هذا يوم أريده للاستراحة.. من السياسة اللعينة والأمن غير المؤمّون والحكومة والدولة وأهلها المتصارعين على مغانمها. هل تتذكرون سيارات "واز"؟ قرأت أمس تقريراً طريفاً عن هذه السيارات السوفييتية، بثته وكالة "المدى برس"، كتبه مراسلها في محافظة واسط، فهي تعرف الآن في بلدة الصويرة مثلاً باسم "زوبة"، لكن الطرافة في التقرير لا تنحصر في هذا الاسم الجديد لهذه السيارة التي كانت في حقبة من تاريخ العراق سيدة على الطرق وفي الشوارع. يعرّفنا التقرير إلى "أبو ضياء"، الآمر السابق لأحد الوية الجيش العراقي، الذي "لم يتوقع" –بحسب التقرير– أن يرى هذه السيارة التي كانت رمزاً للعز والمجد والرفعة والسيادة في دنيا العسكرية، وقد كثر وجودها في البلدة فتحولت الى واسطة النقل الافضل لدى السكان بعدما كانت حكراً على القادة والآمرين العسكريين. في الصويرة تستخدم الـ "واز" أو "زوبة" في "التنقل بين أحياء المدينة ونقل حاجياتهم المختلفة مثل الحصة التموينية والنفط والغاز والخضار لقلة الأجور وقدرتها على المرور في القسم الأكبر من الشوارع المليئة بالأطيان والأوحال في فصل الشتاء". الواقع إنني منذ سنوات وجدت بعضاً من سيارات "واز" يُستخدم للأغراض نفسها في مربع صباي، مدينة المدحتية (محافظة بابل)، ولكن يبدو أن أهل الصويرة أقبلوا عليها أكثر من غيرهم، فتحول الأمر الى ظاهرة ملفتة استحقت أن يكتب عنها المراسل. الآمر العسكري السابق "أبو ضياء" أزعجه أن "يتبهذل" رمز سلطته ومكانته الرفيعة في سابق الأيام. ينقل عنه التقرير القول: "ماكنت أتوقع أن تصل الواز الى هذه الحال بعد أن كانت لها هيبة كبيرة ومكانة في الشارع يوماً ما"، بل يشقّ عليه الأمر أكثر فيقول "تُستخدم الواز في نقل الأشخاص والمواد الغذائية والخضار والغاز ورضينا بذلك كله، لكن أن نجدها قريباً من علوة بيع المواشي تُستخدم لنقل الماعز والأغنام وحتى صغار الأبقار فهذا أمر يحزّ في النفس كثيراً". على أية حال، ما من شيء يبقى على حاله ومنواله، فالأيام دول، يوم لك ويوم عليك كما قيل في الماضي، والمشكلة ان الذين يتعظون بدرس التاريخ وحكمته قليلون جداً.. أكثر الناس، وبخاصة الذين تؤول اليهم مقاليد الأمور، يتصرفون كما لو عائشون أبداً وكما لو ان أيام عزهم وسلطانهم وجبروتهم وطغيانهم دائمة. ما من مجد خالداً غير الإبداع، أدباً وفناً وعلماً وعمارة، الذي يُبقي صاحبه حيّاً على مرّ العصور، وما من عزّ دائماً غير عزّ العمل الطيب الذي يحفظ لصاحبه الذكر الطيب جيلاً بعد جيل. كم استرحنا من السياسة والأمن والدولة والحكومة.
|