عالية نصيف + 4 سنوات = كابوس

فرحت وأنا اقرأ البيان الذي أصدرته مفوضية الانتخابات والذي اخبرنا أصحابه بأن هناك قراراً باستبعاد عدد من النواب من الترشيح للانتخابات البرلمانية المقبلة، فقد كنت مثل غيري من ملايين العراقيين، نأمل أن يغط برلمانيونا الأفاضل في نوم عميق كي نتخلص من فوضى التصريحات الببغاوية، وكنت أتمنى ان يصدر قرار بمنع  كل برلماني فشل في تقديم خدمة لناخبيه وانشغل بدلا منها بإثارة النعرات الطائفية، فربما يرتاح الناس من فوضى الخطابات والهتافات التي تفاقم أزمة الاحتقان السياسي، فما الذي سيجنيه الناس من نواب يعيدون إلى مسامعهم الخطب نفسها وتمتلئ شاشات الفضائيات بمعارك تاريخية غير مسبوقة؟ وتتحول حواراتهم   إلى مناكفات شخصية.
في أوضاع كهذه من حق العراقيين ألاّ يبالوا بغياب برلمانييهم الموقرين، والاّ يقعوا في غرامهم، والسبب لأن بضاعتهم قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بإقامة دولة مدنية حديثة. 
الناس تدرك جيدا أنها تعيش في ظل نواب ظرفاء ولطفاء لا يعجبهم القول بأن برلمانهم ولدا وفاقدا البصر والبصيرة، وان وجوده ضد الطبيعة البشرية، كونه جاء خالياً من الكفاءات -مع استثناءات قليلة جدا- بعد عملية إبادة جماعية نفذتها الكتل السياسية ضد كل الأصوات التي طالبت بان يكون البرلمان صوتا حقيقيا للناس.
إن هؤلاء البرلمانيين لم يتركوا لأحد فرصة كي يصدقهم أو يحترم مواقفهم، فهم من كثرة تقافزهم فوق أسوار حدائق السلطة  منذ سنوات يجعلنا نستقبل كل ما يصدر عنهم بالارتياب وعدم الاعتبار، ذلك أنهم في غالبيتهم مسؤولون عن هذه المآسي التي يعيش في ظلها ملايين العراقيين.
سيغيب بعض النواب عن البرلمان القادم وسيقول المواطن العراقي متهكما، وماذا بعد؟ هل وجودهم  سيعيد الاستقرار السياسي للبلاد، سمح لهم بالترشح ام لم يسمح، لن تفرق كثيرا، بل ان السماح لهم بالعودة الى البرلمان ثانية سيكلف الميزانية الكثير من الاموال، كما انهم سيملأون السموات والأرض بتصريحات عن الوطنية ومصلحة البلاد والدفاع عن "فلاح السوداني"، لكنهم يعجزون عن مناقشة قانون يصب في مصلحة الناس، ففي إحصائية مثيرة عن نشاط البرلمان العراقي يتبين للمطلع أن عدد الأيام التي حضر فيها البرلمانيون إلى قبة البرلمان لم تتجاوز 
"130" يوما، أما عن القوانين التي أقرت لصالح الناس فحدث ولا حرج.. فالامر لم يكن سوى غابة كثيفة من الخطب والشعارات والبيانات التي تملأ فضاء السياسة العراقية لكنها لا تعكس اهتماما حقيقيا بمستقبل الناس، فهي مجرد بالونات ملونة  يطيرها هذا الطرف اوذاك للفرجة والمتعة. 
ربما سيلومني بعض القراء لأنني أطالب مجلس النواب بان  يغير جلده وربما سيقول البعض إن تغيروا  أو لم يتغيروا، لن يفرق كثيرا، فالأمر لا يعدو كونه مصاريف وأموالا تصرف بلا معنى، استهلاك للمصفحات وتعطيل مصالح الناس وشل حركتهم أثناء توجه هذا النائب أو ذاك الى المجلس والعودة منه، وتشبع الجو بكميات إضافية هائلة من فقاعات الكلام الأجوف التي من شأنها مفاقمة أزمة الاحتباس السياسي، وهو أخطر كثيرا من الاحتباس الحراري الذي تعاني منه الكرة الارضية. 
 فالسادة النواب الجدد حالهم حال  النواب السابقين سيقولون نفس الكلام المكرر والممل عن الخطوات التي سيتخذها المجلس لإنقاذ العراقيين من الهلاك والتشرذم والفرقة والانهيار، وسيلقي البعض منهم خطابات تاريخية غير مسبوقة عن الازدهار والتقدم الذي تشهده البلاد، وستنعقد تلك الجلسات وتنفض مخلفة وراءها مئات الأمتار المكعبة من عوادم الكلام المعاد المضرة للسمع والبصر.. والنتيجة دائما صفر. 
فنحن إزاء مجلس نواب أصابته شيخوخة أبدية بلا نهاية.. وان أعضاءه خططوا للبقاء فيه عبر وراثة البرلمان، ولان الدولة ترفض الكفاءات وتقتلهم في شوارع الغربة ولان  المتحكمين فى السلطة يريدون إعادة انتاج دولة القائد الأوحد  التي تدافع عن نفسها ضد التطوير والتحديث.  
ماذا تنتظر من مؤسسات لم تحاسب نفسها، لا في قضايا الفساد وسرقة المال العام ، ولا في كوارث الامن.. ان انصار الطائفية والمحسوبية والانتهازية  بما يمثلونه  من عصابات مصالح ومؤسسات فاشلة  مصرون على قتل كل امل في بناء دولة المواطن لا السياسي.
ايها السادة عالية نصيف + اربع سنوات  أخرى يعنى تدهورًا لا تطورًا، ، إحباطًا لا أملا .. أما محمود الحسن  + دورة أخرى .. فإنه الكابوس يا عزيزى.