هل يتغير طعم قهوة يومك إذا اخذت معها سكرا ملونا؟؟ أتساءل؟؟ فكل صباحتنا ومساءاتنا هي داكنة رغم ما فيها من اضواء ملونة تضيف لها طعم البهجة، لكني أشعر ومن خلال الجلوس بقربك او ملامسة شفاهك بالبرود والهروب ايضا... هذا ما تذوقته!! مع العلم هذه ليست المرة الاولى التي أشعر بهذا الإحساس أنه للمرة العاشرة... وبرغم ذلك احبك حد الثمالة.. لا أدري!! ربما لأني تعودت على طعم طباعك تماما مثلما أشتهي خمري المعتق الذي لا أذوب او اتحول فيه الى شاعر، رجل يمسك خاصرة الاقدار إلا حين منادمتك والنوم بين ذراعيك ناسيا كل ضجيج من حولى حتى لو كان صراخ آهاتك، هل أنا مخطيء بحقك؟؟ أقول في كثير من الاحيان لنفسي ربما!! لا أدري؟ لكن وحين خلوة مع نفسي مع جردٍ لوريقة ايام عمري معك أجد هناك هنات غصة معك، لكنها ليست بالقدر الذي بدر منك، فالحياة هي هكذا بين... وبين، وما الحب إلا لاصق قوي كالغرة التي لا تنفك إلا بالتقادم او القطع ولا اعتقد اني قد تصرفت معك بقسوة تجبرك على أي شيء، هكذا أعتقد.. لكنك يا حبيبتي صرتِ من النوع الذي أوهن روح المعاشرة من داخلها، لا اقصد بقولي هنا الجسدية بل النفسية، الروحية فأنا أكاد افتقد.... بل فقدت الاحساس بنبضات الحياة الذي كنت أسير معه وبه.. هذا بالضبط ما انا أشعر به بعد ان تركت كل شرايين الحياة من عمري مبذولة لك لتحي بها، ربما قسوت عليك حين طلبت منك ان ترتديني كليا؟ فلم اترك لك بعضا من الاختيار في تصرف او مزاج... اعتقدت أن الحب يكون معك حد التملك بل التناسخ.. لذا تريني استنسخت روحي بكل مشاعرها واحاسيسها بداخلك، مثلما أردت ان تكوني بداخلي كما أحب ان تصبحي وتمسي زهرة عطرها لا يفوح إلا لي، اخبريني... هل ترين أني مجنون حينا أو اناني إن تصرفت بهاته الطريقة؟ مجنون أنا ربما تقولين عني ذلك!؟ لكن جنوني هو أنتِ، فأنا يا سيدة أيامي أتصرف كما يملي علي قلبي وروحي.. فهل سمعت أو علمت يوما ان روحا تتنفس دون قلب ينبض؟ إذن كيف تطلبين مني ان اتوقف عن جنوني بك، لعلك مللتِ!؟ ارجوك قبل ان تردي علي دعيني اخبرك حين كنا في مرة كان ذلك في بداية معرفتي بك... إنه الموعد الغرامي الاول أتتذكرين؟؟ كنا نحتسي القهوة على شرفة النهر بمقهى العشاق ومرت بالقرب منا إمرأة تقرأ الفنجان... بعد ان دنت وقالت هل أقرأ لكم الطالع؟؟؟ ضحكتي، رحبتي بالفكرة، مع العلم أني لم أكن أؤمن بذلك، لكن الفضول الذي كنت تحملين غير نظرتي ووافقت، فقط لأرى لواعجك ومكنونات وجهك، تعابيره التي تتغير مع كل كلمة تقولها قارئة الفنجان، يا الله !!! لو كنت ترين ما أراه على قسمات وجهك، كانت سِفرا من المفردات حاولت بكل ما امتلك من معرفة ان أترجم طلاسمه فلم استطع، لكني لملمت صورة هنا وصورة هناك رتبتها حسب أحساسي بك، وأضفت لها لمسة الحب الذي أكنه لك... والغريب!!! أنك كنت لهفة لمعرفة طالعي أكثر من طالعك، فضولك أثار فضولي في الطلب من العرافة ان تقرأه لي... اتتذكرين ما قالت؟!! أني اتذكر جيدا وبالحرف الواحد... اسمع يا ولدي وارجو ان لا تحزن فأنا أقرأ لك ما أراه... فهززت رأسي بالايجاب، أما أنت فقد اصفر لونك، انخرطت معنوياتك، لم أكن اعلم أنك تؤمنين بقراءة الطالع، المهم قالت: طريقك طويل وامامك الكثير لتحققه على مستوى المستقبل الشخصي، إلا ان طموحك ينقلك من والى وهذا جيد لك ولمن معك، بيد أن تأتي فترة تشعر بالحزن والغصة برغم بكل ما لديك وهذا التأثير يأتي بسبب من تحب .. ثم صمتت بعد ان نَظَرت إليكِ...، ضَحِكت واشرت لها ان تكمل، فقالت: غريب هو طالعك يا ولدي في الحب، إنه كمن يجري وراء سراب تحسبه ماء رغم انك تعوم بيمه، تشعر بلظى العطش يحرق جوفك في كل لحظة، ومن تحب تقف الى جانبك لكنها مكتوفة الايدي، لا أرى ما هو السبب بوضوح، لعلها هواجس افكار او أسميه الضجر والفتور، ربما أكون مخطئة... لحظتها مددت يدك لتمسكي يدي لتمحي بذلك ما سمعت او هكذا فهمت من لغة عينيك بأن لا أصدق ما تقول، حاولتي ان تنهي قرائتها لفنجاني لكن فضولي أنا تحرك، فقلت لها أكملي رجاء... فقالت: أنك يا ولدي ستجوب عالم غريب في الحب، ستسكن قصرا في الهواء، وفي حياتك إمرأة جميلة تهمس لليل جوا بك تغزل من خيوط الشمس معبرا الى روحك... لكن يا ولدي سماء حياتك ملبدة بالغيوم عاصفة تجوب بين طياته تنزل بك فيضان من القلق والجمود حين تأتي فترة البرود الثلجي من جانب من تحب، حتى أنك تشعر بأنك فقدت الحب والى الابد، تلجأ الى كل طريقة كي تعيد بناء صواري سفينة حبك لوحدك بعد ان تتخلى عنك من كانت شراع معك لتلك السفينة، قد تغدو لك إمرأة لكنها كالدنيا، ستقلب حياتك رأسا على عقب.. في وقت تكون أنت في أمس الحاجة لأن ترمي في مرسى ميناءها كل حمولتك حيث وصل بكم العمر الى ان تودع كل متاعبك في ركنكم الهاديء، لكنها ستكون الى جانبك وهي بعيدة عنك ستثير الحيرة في نفسك فلا تعد تدري في اي اتجاة تسير بما تحمل من ركام تخلفه هي بجفائها لك برفض مشاركتك رحلتك... لا أدري يا ولدي هل يكون ذلك في منتصف الطريق أو ربعه او اغلب الظن في الربع الاخير من نهاية مسيرتك في الحياة... ضحكت بصوت عال وقلت لحظتها الحمد لله إذن سأرى مع من أحب ايام كثيرة عسل وسكر، سأجعله ملون مثل سكر هذه القهوة، استغربتي انتِ!!! هززتِ رأسك تنفين ما سمعت، بيد ان العرافة تبسمت قائلة.. ولدي من الجميل ان أرى على وجهك هذا الفرح برغم ما أراه في طالعك... لكنه يبقى يا بني قراءة فنجان يُصدِق أو لا يُصدِق فأنت وما تؤمن به. ثم اردَفََت هل تريدني ان أكمل ام اتوقف؟ قلت لها يا إلهي هل هناك من بقية؟ لقد قرأت طالع من أحب بعجالة لم يكن هناك الكثير فيه من الخطوط... قالت العرافة: ذاك لأنها لم تكن لها نية واحدة حين شربت القهوة كانت وبرغم لهفتها لقراءة الفنجان إنما قَصَدَت فنجانك انت.. ثم إلتفتت إليكِ وقالت: أليس كذلك يا أبنتي؟؟ أطرقت برأسك دون أن ترد بكلمة واحدة، كان الفضول لمعرفة بقية ما تراه من صور يلغي شريط افكارك، وهنا اجبت بدلا عنك لعدم أحراجك بأن لا تكمل... لكنك وفجأة قلت .. لا دعها تكمل أريد أن اعرف بقية ما تراه؟ رغم استغرابي من ردة فعلك إلا أني لم أعارضك فأشرت لها بأن تكمل... فقالت العرافة... يا بني ستتيه في فترة ما وتبحث عن ذاتك في داخلك ومن حولك حتى تفقد توازنك ، تذبل شجرة الحب التي كنت تسقيها من شرايين همس ليل ووجد لا ينتهي، في لحظة ما تعرف وبعد رحيل العمر بأنك تطارد خيط دخان، ذلك الدخان الذي تعودت على تَدْخينه حتى أدمنته خدرا، تصبح بعدها كما اراك هنا مهزوما كسيرا، اما هي فسترمي بقلاعك بعيدا عن الميناء الذي يجب ان يرسو بسفينتكما عليه، ستنزل الى ميناء آخر افترة لا أرى عنوانه هنا.. ولا أرى متى؟ لكن بالتأكيد ستبتعد عنك هكذا تشعرك.. دعني اقول لك شيئا يا ولدي... لا تحزن كثيرا فستكون هي الخاسرة ذلك ما تجنيه به حين تبتعد عنك، سترمي بها الايام والهواجس الى عض النواجذ، ستتبخر كل انفاس ما كان يتخم صدرها... لا أنكرك إنها تحبك كثيرا لكن ليس كما تحبها انت، فالمرأة يا ولدي تحب التملك وإن كان العكس فذلك يعني بالنسبة لها التهميش، وهذا ما لا تحبه المرأة كونك سيد الموقف وصاحب الريادة، ستفعل ما تقول رغم أنك كل ما تفعله لها بدافع الحب لا التملك، لكنها تفهم العكس تواكبك المسيرة، تحاول كثيرا ان تتسلم زمام حياتكما، لا تنفك تحاول حتى لو أخذ ذلك منها نصف عمرها فهي لا تضجر، لكن متى ما باءت حيلها بالثبوط لا يبقى لها سوى الهجر سلاحا لا أظنها تفكر مرتين، خاصة إن علمت أنها تمكنت منك بحبها في قلبك، بل قلبك صار هي، تعمد على إضعاف خفقانه بالهجر... في ذلك اليوم تذكر ما أقوله لك الآن حتى لا تنهار كليا وتسقط اوراق عمرك بخريفه الذي سيأتي إليك.. بل أبقي جذرك ريانا واغصان ايامك يانعة، أصلح ذات البين إن شئت أو ابتعد عنها فذاك افضل لك... ولك الخيار. حبيبتي اتذكر حين عدت الى المنزل بعد لقائي بك جلست طويلا افكر بما قالته العرافة وفوقي سحب الدخان من قلق، دونت أغلب الخطوط العريضة التي قالتها وكانت جميعها حاضرة، لم اخبرك بذلك وها نحن الآن في مفترق طرق كما قالت العرافة، ترى هل انت كذلك؟؟ كانت الصدمة عليها كصفعة اطارت بكل هواجسها المتكورة كعجوز شمطاء بعيدا، التفتت نحوه ... ماذا تقول؟؟؟؟ يا إلهي!!! ألا زلت تذكر؟ آه لو تعلم كم حاولت ان اعيد تشكيل نفسي، أعيد صياغتها، لكني اجد نفسي تقودني الى ما تراه تصرفا احمقا أو هو كذلك، استغرب لنفسي!!! فأقوم على تحسين الجو بيننا فأراه اصبح عادة، حتى ترهل وصار مثل الاكل والشرب، اقسم لك أني مثلك سطرت الحروف التي قالت حرفا .. حرفا.. نسجت ايامي على الجانب البعيد مما قالته لكن يبدو أن يد القدر هي التي تعيدني الى مسارها كونه قدري معك... حبيبي... إنك ملاذي.. وسُكري الملون في قهوة حياتي هذه التي أُظلمت بخطوط فنجان... أعدك أني سأكون كما تحب، سأبتعد بهالات التملك التي أرنو رغم إنها التعبير عن حبي لك... تحملني؟؟؟ لنعمل على أن نكذب ما قالته قارئة الفنجان، وأقسم أني لا أستمع مرة أخرى الى عرافة تقرأ وتتنبأ عن المستقبل.
|