قناعاتنا سلطات فوق القانون والقناعة كنز لا يفنى!!

 

تعارفت الأمم على أنماط من الديموقراطية تختلف من حيث الرؤى بين بلد وآخر.وفق ظروفه وتركيبة شعبه ونسيجه الأجتماعي وتعدد إثنياته. ولكن هناك قواسم مشتركة بينها. وهي وجود سلطة تشريعية وثانية تنفيذية وثالثة قضائية.وإتفق الجميع على كون الصحافة سلطة رابعة.وتباينت في دساتير الدول مهام وواجبات السلطات الثلاث بنسب متفاوتة ولكن ليست بدرجة كبيرة. ولا تبتعد عن جوهر الديموقراطية وروحها. وهي حكم الشعب بالشعب.أما كيف وبأي درجة من درجات المشاركة؟ فتتفاوت النسب والطرق والتنفيذ.

وبما إننا في العراق إنتقلنا من الحكم الشمولي الى حكم الشعب أي الحكم الديموقراطي, فقد ركز دستورنا على ما فيه من مآخذ على الحكم الديموقراطي والمساواة بين أفراد الشعب في الحقوق والواجبات. وأسس لمجالس المحافظات كبرلمانات مصغرة ,ومجلس نواب لعموم العراق. يفرز حكومة إتحادية للعراق لكل أرضه وشعبه. وأسس هذا الدستور لمجلس قضاء مستقل, ومفوضيات مستقلة للأنتخابات وحقوق الإنسان, ومصرفاً مركزياً بنظام مستقل يحفظ للعراق توازنه المالي و ثروته. ويدرأ عنه التضخم المالي والإنحدار الإقتصادي .

إلا إن ما آلت إليه حال العراق من فوضى سياسية, نجم عنها فوضى أمنية ومجتمعية وضعف السلطة وشبه غياب للقانون, بعد أن ضعف أمام من هو أقوى منه من قوىً سياسية ودينية ومذهبية طائفية وزعامات نافذة مدعومة داخلياً وإقليمياً ودولياً وتغول للعشائرية والقبلية.مما تسبب في نشوء سلطات تكاد تكون سيادية لقوتها ونفوذها الذي تجاوز الدستور والقانون. حيث سطعت ضوءً. وخفت ضوءُ المؤسسات الشرعية والسلطات المرعية المشكلة وفق الدستور, الذي يفترض العمل به .

تتركز هذه السلطات المستحدثة في سلطات أحزاب متنفذة فرضت نفسها على الشعب بعد أن فَصَّلت الدستور على مقاساتها. ورتبت لقاون إنتخابات يضمن إستمراريتها بالتحكم بخناق الشعب, ومصادرة إرادته الوطنية المشروعة . فصارت هي من يُشَرِّع القوانين أو يعطلها ,وفق مصالحها أو بالأحرى مصالح زعمائها الذين لم يعد يهمهم أمر الشعب ومصيره. والشواهد كثيرة. فهم من عطل عمداً قوانين مهمة كقانون إستثمار البنى التحتية, كما يعطلون اليوم قانون الميزانية العامة, وقوانين أخرى كقانون الأحزاب والنفط والغاز والمجلس الأتحادي وقوانين تحدد علاقة الأقاليم والمحافظات بالمركز. ولم تبذل جهداً لتعديل الدستور أو إصدار قوانين للضمان الأجتماعي والصحي .ولكنهم بنفس الوقت تسارعوا لسن قوانين تصب بصالحهم بعد توافق سريع عليها كالمادتين 37 و38 من قانون التقاعد الوحد. وقوانين أخرى ساهمت بإهدار المال العام ووهبت هبات وعطايا لشرائح دون أخرى. بعد أدارت ظهر المجن للمحتاجين والعاطلين عن العمل.ولم تكترث بإحياجاتهم الأنسانية المشروعة .ولم توفر لهم الخدمات المطلوبة.

كما سادت سلطة دينية غير مخولة شرعياً أو مرجعياً, بل فرضت نفسها ووجودها. فتجد في كل وزاارة أو دائرة شخصاً يسمى السيد أو الشيخ أو المله يأمر وينهى ويوجه.وهو متمكن من الحل والعقد, بعيداً عن القانون واللوائح والنظام.يسهل هذه المعاملة ويؤخر تلك, بلا حسيب أو رقيب .قد يكون هذا موظفاً في هذه المؤسسة أو تلك. وقد يكون من خارجها ولكن مجرد حضوره تجري الأمور بما يأمر وينهى.

أنا لا أقول إن هذا الشخص يمثل مرجعية او قيادة دينية ولكن طبيعة الحكم والحال الوضعي فرض هذا وشَرْعَنَه.ولكني لا أجد من يضع حداً لهذه الظاهرة الغريبة.

أما السلطة المتطفلة الأخرى فهي السلطة العشائرية, التي بسطت سلطتها على الدولة والمجتمع. فالقاضي يخشى العشيرة هذه أوتلك. فلا يتمكن من تطبيق العدل.والطبيب هياب متوجس من إجراء أية عملية خشية غضب العشيرة إن حدث ما لايحمد عقباه وكذلك استاذ الجامعة والمدرس والشرطي ومراقب البلدية. الكل يخشى العشيرة ونفوذها وتطبيقها قوانين البعيدة كل البعد عن المنطق والعدالة.فالعشيرة باتت أقوى من الدستور والقانون والنظام .فلم يعد القانون متمكناً أن يعيد حقاً لصاحب حق.

نحن لا نقلل من شأن العلاقات القبلية والعشائرية إن كانت لخدمة المجتمع وقدرتهما لحل المشاكل بالبساطة المعهودة, دون القفز على العدالة والقوانين والأعراف .حيث من غير المعقول أن تطالب العشيرة بدية سارق يدخل داراً عنوة بقوة السلاح ويرهب أهل الدار. وعندما يدافع صاحب الدار عن داره المستباحة وماله وعرضه, ويقتل هذا اللص المجرم يأتي رجال عشيرته مطالبين بدمه .أو يرهبون طبيباً شاء الله أن يموت مريضاً تحت يديه لأرادة رب العالمين.أو يرعبون أستاذاً جامعياً رفض أن يعطي نتيجة النجاح لطالب متسيب منفلت.والمراقب البسيط يرى إن غالبية مرشحي الأنتخابات هم من شيوخ العشائر بعد أن توارى الأكاديميون وإزووا حرصاً على كرامتهم وحياتهم وأسرهم.

أما السلطة الأخيرة المستهجنة والتي ولدت مع هذه الظروف فهم أقارب المسؤولين وأحبابهم ومريدهم ومحاسيبهم ومنسوبيهم وحواريهم. فهؤلاء شكلوا مافيا تنهب وتسلب وتسرق وتستولي على المال العام وتتدخل في القضاء وفي دوائر الدولة, دون رادع.حَرَفوا البلاد عن مسار العدالة والنظام وأشاعوا الفساد.فخربوها دون وازع من ضمير.

إننا مقبلون على إنتخابات جديدة. فالأحرى بنا أن نُحسن الأختيار. لنتختار من يُلَجِم هذه السلطات الفوضوية المارقة لنخطوا الخطى الصحيحة الثابتة, نحو الأمن والأمان والتقدم, وتحقيق الرفاه. فهل ممكن هذا؟ أم إننا لا نستحق إلا ما نحن عليه؟؟؟؟ وأنا أظن إننا باقون كما نحن. أو ماضون نحو الأسوء .فلقد إرتضينا هذا والقناعة كنز لا يفنى .هههههههههههه سلامات يا قناعةّ!!!