انتهى ذاك العصر الإبداعي
شارك و لأكثر من مرة عدد من رموز الثقافة والأدب بالحديث المعمق و النقاش المفصل عبر صفحات موقع "الفيسبوك" ، كيف أن العروض والنشاطات المختلفة تتلقى صفعات متتالية لأسباب كثيرة يطول شرحها ووصفها ، و أنها في تراجع مستمر وانحسار بل أنها في بعض المناطق معدومة نهائيا.
أن أساتذتي المثقفين والأدباء قد تجاهلوا نقطة مهمة رغم أنهم يعلمون بها ، وهي أن الانفجار التكنولوجيا السريع بات يفرض نفسه في كل مجالات الحياة ومنها طبعا المجال الثقافي والأدبي.
إذا طالعنا المواقع الثقافية والأدبية على شبكة الانترنيت فأننا نجدها بتزايد سريع بينما المطبوعات الثقافية والأدبية وحتى الصفحات الثقافية والأدبية التي توجد في مختلف الصحف فأنها في تراجع بسبب التكاليف الباهظة وصعوبة التوزيع والانتشار بل أن أغلبها لولا وجودها على شبكة الانترنيت لما كانت استمرت واستطاعت جلب قراء ومواد مختلفة لصفحاتها ، وهذا الأمر أعلنته صحف أمريكية وبريطانية مرموقة عمرها عدة قرون فلقد تلاشت ورقيا ولكنها ما زالت تنبض بالحياة عبر شبكة الانترنيت .
شئنا أم أبينا فبصمة التكنولوجيا سوف تفرض نفسها وهي من سوف تنتصر في النهاية فلماذا نتشبث بأمور عفا عليها الزمن ، أجد كثير من المثقفين على سبيل المثال يصرون على دعم المسرح وفق المعايير و الأسس القديمة والمعروفة بينما يمكننا الآن عمل عرض مسرحي لمرة واحدة فقط وتسجيله بالكامل حتى لو كان عشر ساعات و تنزيله على الانترنيت وجعله سهل التداول وجلب ملايين المتابعين والمعجبين له و بهذا نكون أنجزنا عمل مسرحي ناجح وقد حقق نجاحه عبر متابعة الآخرين له بأعداد ضخمة .
العلماء العالم قالوا جملتهم وهي ""أن العالم أصبح قرية صغيرة"" وعلينا أن نسأل أنفسنا أين مكاننا نحن في هذه القرية الصغيرة هل يعلم مثقفينا وأدبائنا الأجلاء أن أغنية ""كانكم استايل"" الذي غناها شاب من كوريا الجنوبية جلبت أكثر من مليار متابع ومستمع وأصبحت من الأغاني العالمية المعروفة بينما نحن ما زالنا نناقش كيف نحصل على دعم وتمويل من أجل صرفها على عروض ونشاطات لا يحضرها إلا عدد قليل جدا لا يتجاوز ألف أو ألفين كحد أعلى.
أن العصر الإبداعي الذي يتشبث به البعض أصبح مصاب بالمرض وفي أي وقت سوف يلفظ أنفاسه الأخيرة فماذا سوف تكون ردة فعلنا وماذا سوف نفعل حينها .