في العراق فقط، ولا أريد أن أقول في الدولة العراقية لأننا لا نستطيع تسمية هذه الفوضى دولة. لا شيء في العراق يدل على وجود دولة، لا تعليم، ولا تربية، ولا سياسة عامة، ولا انتخابات، ولا تعيينات، ولا شهادات، ولا طب، ولا صحافة، ولا ولا ولا.
كمثال على عدم وجود دولة نأخذ مجال واحد فقط وهو مجال التعليم الذي يعد من أهم ركائز الدولة لعلاقته الوثيقة والمباشرة بكافة المجالات الأخرى.
بعد التغيير في نظام الحكم من بعثي إلى ديموقراطي في عام 2003 م، تشوهت عملية التعليم شيئا فشيئا وبدأت من تفشي الدروس الخصوصية مرورا بالمدارس الأهلية ومن ثم الشهادات المعادلة واخيرا وليس آخرا الدراسات الطائفية المتمثلة بامتحانات الوقف الشيعي وامتحانات الوقف السني التي دمرت كل قيم التربية والتعليم عن طريق منح شهادات النجاح لكل من يحمل القلم سواء كان يكتب أو لا يكتب بل حتى من لا يعرف كيف يحمل القلم! فالمهم أن ينجح السني الحزبي ولا يدع فرصة للشيعي أن يتغلب عليه، والمهم أن يلحق الشيعي الحزبي بركب الشهادات العليا التي حصل عليها السني أيام الحكم البعثي. هذا طبعا تفكير من أسس للفكرة الخبيثة المتمثلة بإيجاد الوقفين الشيعي والسني لتقسيم البلد وتدميره أخلاقيا وبنيويا ونفسيا.
ولان الانتخابات تأتي بمن يريده الحزب وتقربه الطائفة فإن صاحب (شهادة الوقف) سيتمكن من الوصول إلى البرلمان بكل يسر وسهولة وسيترشح (لكفاءته) لإحدى الوزارات المحاصصية خصوصا إذا كان مقربا من رئيس الكتلة البرلمانية، وسنرى مشهد متكرر بحصول صاحب شهادة (الدمج) الطائفية على منصب وزير وسيكون رئيسا ومسؤولا عن آلآف الشهادات الحقيقية لأصحاب العقول النيرة والواعية التي لم تأت بعلاقة حزب ولا بقربة طائفة.
وسيكتشف أصحاب شهادات الماجستير والدكتوراه وما بعدها إن شهاداتهم التي حصلوا عليها بعد سنين من التعب والسهر والدراسة الجادة بلا مساعدة من أحد، لا تعدل عند الأحزاب العراقية (برشامة) توزع من قبل الوقفين الشيعي والسني على الطلبة مع ورقة أسئلة الامتحانات النهائية!
وتصبح على دولة يا عراق ..
|