قلت لسياسي صديق ذات صباح وانا في مكتبه: الليلة الفائتة حملت لنا تسريبات مؤكدة بان فرقاء ازمة الرمادي، وقطباها، رئيسا الحكومة والبرلمان، توصلوا الى تفاهمات قد تسحب التوتر واجواء التجييش في اية لحظة، اما الصديق فلم يأخذ هذه التسريبات على محمل جد وسارع الى فتح جهاز التلفاز الذي انفتح على مؤتمر صحفي كان رئيس البرلمان يتحدث فيه وخلاصته ان التفاهمات لا وجود لها، وان التسريبات الليلية لا تعدو عن كلام اقرب الى التمنيات. وهكذا تدخل مكونات بقعة الزيت الطافية التي نسميها افتراضا ازمة الشراكة، وهي في الواقع ازمة ثقة مفقودة بين اركان الطبقة السياسية، في افضل توصيف حيادي وبارد لها لعبة مسلية، او لعبة يتسلى فيها اصحاب الازمة باعصابنا التعبانة وعقولنا المثقلة، وصبرنا الذي بلغ منتهاه واللعبة بسيطة، ومستعارة من دعابة قديمة لأبي جعفر مع جارية له، انتهت على خير، فيما لا نعرف على اي حال ستنتهي حكايتنا مع هذه الدوامة التي نتابع فصلها الاول في الليل، خلال لقاءات واتصالات وتسريبات وشائعات، وفصلها الاخير في النهار اذ تتبخر الوعود والتمنيات وكأن شيئا لم يكن. وللعبة ابطال، فالذي يبشرنا بقرب انتهاء الازمة، يفسح المجال لصاحب له يتولى اثارة ذعرنا مما يحصل، والذي يتحدث بشاعرية مسائية عن رسوخ العملية السياسية وان ما تبقى من خلاف “لا يفقد للود قضية” قد يقوم هو نفسه بذبح آخر أمل لنا باختتام فصول الدوامة على خير. المشكلة، اننا حيال دوران للارض والكواكب، فلا بد ان يحل فينا ليل، ولا بد ان يعقبه نهار، ولسنا على مدار من الكرة الارضية بحيث ننعم بيوم، كما تنعم فيه مدينة بيتروغراد او موسكو، بحيت يتصل الليل والنهار في ما يسمى بـ “بيلي نوتش” اما قصة ابي جعفر مع الجارية التي تركته على وعد الحب مساء البارحة وفي النهار سحبت وعدها، فقد لخصها ابو نؤاس على لسان المنصور، بقوله: فقلتُ الوعد سيدتي فقالتْ.................... كـلام الليلِ يمحــوه النهــارُ
“الحقيقة دائماً تؤلم من تعوّد على الأوهام”. بيدل
|