بناء الديمقراطية يحتاج الى ثقافة ديمقراطية .. |
الارث الديمقراطي لدينا متواضع ان لم يكن معدوما ، فنحن عشنا ازمنة طويلة تحت امرة الحاكم بامره السطان المستبد الذي لا يمكن ان يعارضه احد وهو الآمر الناهي المستمد سلطته من الحق الآلهي الذي لا يمكن ان يعترضه ، كما ان الاسرة االعراقية وهي مثل كل الاسر العربية والشرق اوسطية القيادة فيها للاب وهو رب الاسرة الذي يطاع والذي يستمد ثقافته من المحيط الاجتماعي المسور بالعشائرية والمفاهيم القبلية ، فنحن اذن لا نملك ارثا ديمقراطيا مثل اوربا التي ابتدأت فيها الديمقراطية منذ العصر الروماني قبل اكثر من الفي عام حيث عرفت حضارة روما الديمقراطية ومجلس النواب والشيوخ ودرسها فلاسفة الاغريق القدماء امثال ارسطو وافلاطون وغيرهم ، ولقد تاسست الديمقراطية الحديثة في اوربا قبل اكثر من مئتي عام اي بعد الثورة الفرنسية ، و الديمقراطية نهج في الحياة أختارته العديد من شعوب العالم في التعامل و العلاقات بشأن القضايا الحياتية لتلكم الشعوب، نهج سلمي للحوار قائم على قاعدتين أساسيتين هما الحرية و المساواة بين الأفراد بغض النظر عن الجنس أوالعرق أو المعتقد، ويصبح الحوار السلمي بمختلف أبعاده و أنمطته بودقة لصهر الأفكار والرؤى للوصول الى أتفاق ألجميع أو ألأغلبية المعبر عنها برغبة الناس و وفق معايير مختلفة منها صناديق الاقتراع . لقد ظهر النهج الديمقراطي وتطور عبر مئات السنين، وأخذ أبعادا وأشكالا مختلفة، نتيجة تطور الشعوب ومجتمعاتها في مختلف نواحي الحياة، ولعبت الطبقة الوسطى دورا هاما في ذلك كونها المحرك للدولة ولها الحق في التأثير على مسارات الحكومة، وفي ذلك تم رفض الشمولية كنظام سياسي واجتماعي. وفي مجتمعات مثل المجتمع العراقي الذي أجهض فيه تطور الطبقة الوسطى ومعها النهج الديمقراطي و عبر عشرات السنوات، بحيث عجزت الطبقة الوسطى في التأثير في مسارات الحياة في العراق، كما أن طبيعة الأقتصاد العراق الريعي (موارد النفط وليس الضرائب) هي المصدر لمالية السلطة، أدى الى فقدان التطور التاريخي للطبقة الوسطى وتأثيرها.يضاف الى ذلك أمتزاج النضال الوطني والنضال الديمقراطي، والنضال الوطني ضد الاستعمار لم تكن موضوعة للديمقراطية . أختلف نهج الشعوب التي خرجت من النظام الشمولي، فالشعوب التي كان لها أرث ديمقراطي أستطاعت أن تتجاوز محنة التحول الى الديمقراطية وأصبحت تمارسها نهجا في الحياة أما الشعوب التي لم يكن لها موروث ديمقراطي فقد سقطت من جديد في براثن أنظمة دكتاتورية من قبل نفس الأشخاص أو غيرهم ولكن بأدوات ونظم دكتاتورية جديدة، وفي العراق حيث لا أرث ديمقراطي مؤثر في السابق ولا حالة من وجود ديمقراطي منظم واسع بحثت الناس عن أنمطة مؤثرة على الساحة الواسعة في التعامل ، لذلك نجدالوعي الديمقراطي مازال متواضعا لدى الغالبية الاجتماعية ،ولقدأستطاع النظام السابق تصفية أو أضعاف كل المؤسسات ليحتكر العمل السياسي ، وأعتقد أن العقدة الأساسية في تطور الوعي الديمقراطي في العراق هو عدم الوضوح لدى العديد من القيادات ما بين النضال من أجل ألأستقلال الشامل وعدم الرضوخ لحكم الأجنبي المباشر أو غير المباشر والعمل من أجل الديمقراطية المتمثلة بمؤسسات للدولة من جهة، وقيام منظمات سياسية واجتماعية من جهة أخرى. وأحيانا أخرى طغت البرامج السياسية للأحزاب على برامجها من أجل الديمقراطية، وتمت التضحية بالأخير لمصلحة البرنامج السياسي والمعادلات السياسية التي ترتأيها قيادات الأحزاب بحيث ضحت قيادات الأحزاب بأسس الديمقراطية والتطلع الديمقراطي في سبيل ما كانت تعتقده من ضرورة لتطور البلد، لقد عبر هذا الموقف من ألأستهانة بالديمقراطية بأعتبارها ليست من اوليات العمل بأشكال مختلفة ومن قبل مختلف قيادات الأحزاب التي تدعو برامجها للديمقراطية، وأدت هذه المواقف الى تناقض ما بين دعاة الديمقراطية والأحزاب السياسية الديمقراطية، وأدى ألى عدم تجذر النضال من أجل الديمقراطية، بل ما حصل هو التأكيد على النضال والعمل السياسي الوطني من دون ألأخذ بنظر ألأعتبار كونه ديمقراطي أو غير ديمقراطي ، لاننا ما دمنا اخترنا الديمقراطية كطريق للحياة فلابد ان نتوسع في معرفة الديمقراطية ونشر مفاهيمها كسلوك حياتي يومي وان لا نكتفي بالمعرفة الاكاديمية للديمقراطية وانما القيام بتنفيذ مفرداتها في انشطتنا اليومية ومحاولة نشر ثقافتها بشكل واسع لتشمل كل مساحة العراق ,, |