الدعاية الانتخابية من منظور الدكتاتور

الاحداث السياسية في العراق تتجه الى المجهول الذي سيؤدي الى تغيير مسار العملية الديمقراطية وعودة العراق الى مربع التفرد بالسلطة واعتماد النفس الطائفي للحصول على مكاسب حزبية لاتتعدى كونها تجذير للعمل من اجل الاستحواذ على السلطة بهدف تجيير المال العام وخيرات العراق لجيوب المنتفعين من اعضاء قيادة العصابة الحاكمة . ان مايقوم به رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من اعمال وتصرفات واتخاذ قرارات غير مدروسة ساعدت على تازيم الموقف السياسي وجر البلاد الى اتون الحرب الاهلية واحياء الروح الطائفية التي كلفت العراقيين الكثير من الخسائر بالارواح عامي ( 2005 ــ 2006 )من خلال خلق ازمات غير مبررة لشد انتباه الناس وحرف الراي العام وتضليله لابعاده عن النظر في ملافات الفساد الكثيرة التي اثيرت على اعضاء في حكومة ائتلاف دولة القانون وعلى راسها ملف الفساد في صفقة السلاح الروسية . ويبدو ان المالكي ليس لديه بعدا استراتيجياً في تحريك الملفات فبالوقت الذي فتح جبهة مع اقليم كردستان ادت الى تصدع التحالف الاستراتيجي بين الاكراد والشيعة وتصدع وتفكك التحالف الوطني الشيعي والتي قد تصل الى وقوع حرب داخلية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم . ووقوع مثل هذه الحرب يعيد ذاكرة العراقيين الى ماحصل في سبعينيات القرن الماضي عندما هاجم صدام الشعب الكردي وقتله بدون رحمة , وهذه المرة ستكون النتائج عكسية لوجود فارق كبير في موازين القوة بين المركز والاقليم .بالوقت نفسه يفتح جبهة مع الشريك السني والذي نجح في تقكيك صفوفه عاد وخلق ازمة قد تعيد لهذا الشريك الشرس وحدته وتخندقه للوقوف بوجه الحكومة والمطالبة برفع الثقة عنها. والمالكي بدلاً من ان يجد سبيلاً لحل الازمة مع الاقليم وخصوصا بعد تردي الوضع الصحي لصمام امان علاقة المالكي مع الكرد الرئيس جلال الطالباني والذي قد يفتح باب واسع من الخلاف حول من هو البديل عمد الى التحرش بالمنافس الوديع والذي لم يكن ندا له في فترة النزاع بينه وبين القائمة العراقية التي ينتمي لها ليفتح بذلك ملف اخر يغطي به على تداعيات ملف الازمة بين المركز والاقليم و ملف غياب الرئيس. ان الازمات السياسية المفتعلة الهدف منها السيطرة الاكبر على مقاليد الامور وهذه السياسة لاتحمل الا تاويلين- الاول- التغطية على اخفاق الحكومة في ادارة البلاد وتراكم ملفات فسادها.. والثاني- الدعاية الانتخابية من وجهة نظر الدكتاتور لقد اثبت المالكي انه رجل مريض بسبب معارضته للنظام السابق واحتكاكه معه مما ادى الى انتقال عدوة الدكتاتورية منه اليه وهذا المرض العضال سيؤدي الى , اما سقوط المالكي السياسي من خلال اصوات العراقيين الانتخابية او انهيار العملية السياسية مما سيؤدي الى نشوب حرب اهلية في العراق وقودها الناس والبنى التحتية للبلاد . ان على الكتل السياسية وبالخصوص الشيعية ان تعي جيدا ان المالكي يجر بالبلاد الى الهاوية ويقامر بمستقبل العملية السياسية ويثبت يوما بعد يوم ان الشيعة لم يكونوا موفقين حين بسطت لهم وسادة خكم العراق . في المكون السني. ويبدو من تحليل هذه المعلومات ان القضية التي اثارها المالكي ضد وزير المالية ليس الهدف منها الحد من الارهاب أو الحد من استغلال الصفة الحكومية في تنفيذ اعمال اجرامية وانما الهدف منها خلق جو وراي عام مضاد يستفاد منه المالكي في التغطية على الاخطاء الكبيرة التي وقعت بها حكومته وملفات الفساد التي طفحت رائحتها حتى أصبحت نتنة آخرها ملف صفقة السلاح الروسي. ان الازمة الاخيرة لها مجموعة من المردودات السلبية على الموقف السياسي والاجتماعي والامني , فعلى المستوى السياسي خلقت الازمة جو من الاحتقان الطائفي بين مكونين اساسيين يشكلون حكومة شراكة وطنية كما يدعون. مما يؤثر على مساحة التوافقات السياسية على أزمات قديمة عالقة , والاهم من ذلك أنها جعلت الفرقاء السياسيين السنة يقفون في خندق واحد وياليت وقوفهم هذا فيه مصلحة للبلد بل هو اصطفاف طائفي ضد الحكومة التي تقودها الاغلبية الشيعية , وعلى المستوى الامني فان قطع الطريق السريع وقيام مجاميع ارهابية بتنفيذ عمليات مسلحة طالت المدنيين ساهم في زعزعة الوضع الامني الذي هو بالاساس وضع هش ويحتاج الى مصالحة حقيقية . اما على المستوى الاجتماعي فقد ساهمت ازمة اعتقال حماية رافع العيساوي في تجذير النفس الطائفي وخلقت مناخ مناسب للذين يصطادون في الماء العكر من الذين لا يردون للعراق الخير والادهى من ذلك كله هي حالة الخوف والتردد الذي زرعته هذه الازمة سابقاتها لدى الراي العام الدولي مما قد يساعد على اصرار الدول الاعضاء في الامم المتحدة لأبقاء العراق تحت طائلة عقوبات البند السابع وعندما يصبح لدى القوى العظمى وعلى رأسها امريكا من التدخل العسكري في الشأن العراقي متى ما ارادت ذلك. ان وجود رئيس الوزراء نوري المالكي على راس السلطة يعني عدم استقرار العراق ويعني قيام نظام (ديمقراطي دكتاتوري ) لا يؤمن لا بالغالبية ولا بالشراكة ولا بالتداول السلمي للسلطة ويعتمد سياسة الاقصاء والتهميش وخلق الازمات مما قد يسبب في تفاقم الاوضاع وتفكك اللحمة الوطنية وقد يؤدي بعدها الى تجزئة العراق على اساس مكوناته الثلاثة الاساسية . ان كل ما يقوم به المالكي من اعمال يعتقد انه يكسب بها الشارع العراقي الشيعي وهذا هو عين الوهم فالعراقيين اليوم يعود جيدا ان رئيس الوزراء رجل فاشل وان حكومته حكومة فاسدة وان ادارته للبلاد ادت وستؤدي الى خراب العملية السياسية وقد تؤدي الى نشوب حرب داخلية لا تنطفيء