المالكي يستعد لإعلان الديكتاتورية في العراق
في سابقة خطيرة لم تحصل في حتى الدول الفقيرة ، والتي تعتاش على المساعدات من هنا أو هناك ، أن يتدخل رئيس حكومة في تعطيل عمل برلمان صادق على حكومته .
إعلانه تعطيل عمل البرلمان ، وإعلانه صرف الأموال سواءً وافق البرلمان أم لم يوافق ، يعد انقلاب سياسي وإداري على الدستور.
المالكي في كلمته الأسبوعية انقلب على الدستور سياسيا وإداريا في كلمته ولم يبق سوى أن يعلن ذلك عسكرياً ،إذ بدأ يفعل ما يريد من دون الرجوع إلى البرلمان أو المؤسسات الديمقراطية الأخرى ، فماذا تبقى للانقلاب سوى أن يعترف به المالكي ويعلنه صراحة ، ولا نستغرب أن نستيقظ صباحاً لنجد الدبابات في الشوارع ، وإعلان بداية عهد جديد من حكم الحزب الواحد .
إعلانه هذا جاء بعد فشل البرلمان في المصادقة على الموازنة ، على أثر خلاف مفتعل كل عام مع الأكراد وصرف موازنة الإقليم ومطالبهم ، والتي هي الأخرى ازدادت ، وأصبحت أكثر ثقلاً على الدولة ، وفاقت طلبات أي محافظة أخرى في الجنوب أو الوسط ، وهذا بحد ذاته يعد إدامة الأزمة مع الأكراد ، واستغلال من الأكراد ، والذين يسعون من الاستفادة من أي مكسب يحققونه من المركز .
التصريحات هذه بمثابة "انقلاب على الديمقراطية" وعودة إلى الأحكام العرفية التي تتضمن تعطيل الحياة الدستورية، والعودة إلى التسلط الذي احرق البلاد ، وجعلها تسير في نفق مظلم لا يمكن الخروج منه ، خصوصاً العراق يعيش أزمة أمنية خانقة تهدد العملية السياسية برمتها ، وسقوط الانبار بيد الإرهاب "داعش" ، وانفلات الأمن في " ديالى وصلاح الدين والموصل ، وشمال بابل وغيرها من مدن العراق .
حديث المالكي اليوم بشأن صرف أموال الموازنة العامة من دون موافقة البرلمان غير دستوري وفيه إلغاء واضح لمجلس النواب العراقي والعودة إلى زمن الأحكام العرفية ،كما أن الدستور لايعطيه صلاحية صرف أموال الموازنة من دون إقرارها في مجلس النواب العراقي. 
كما أن هذا التشنج الذي يظهر به دائماً السيد المالكي ، لايعكس رحابة صدره في تلقي هموم بلده وشعبه ، وهو رئيس حكومة ، وظيفتها تنفيذي ، وتقديم الخدمات للناس ، وحمايتها من أي تهديد يحيق به ، كما أن اتهام رئيس البرلمان "النجيفي" يعكس هو الآخر حجم الخلافات الشخصية بين الطرفين ، والتي انعكست بالتالي على سلة العراق الغذائية ، وحقوق شعبه .
وخلال خطابه تطرق إلى أن مجلس الوزراء قرر أن يمضي ويصرف الأموال بما يحقق الكثير من متطلبات الشعب حتى وان لم يصادق مجلس النواب على الموازنة "، داعيا أعضاء البرلمان إلى " تعطيل حضورهم إلى جلسات مجلس النواب إلا إذا استجابت هيئة الرئاسة لعرض الموازنة على جدول الأعمال ؟!!
ونحن هنا بدورنا نتساءل " من هم أعضاء مجلس الوزراء ، أليس الأكراد جزءً من هذه الحكومة ، وكم وزارة ، وهل صادقوا هم الآخرون على تمشية الموازنة في مجلس الوزراء ، أم ما هو موقفهم من هذا القرار ؟!
جميع الأحزاب والكتل السياسية بعد 2003 ، وسقوط اعتى ديكتاتورية شهدها التاريخ في العراق ، عملت الأحزاب ، والتي جزء منها "حزب الدعوة " بقيادته على إرساء أسس الديمقراطية ، وبناء دولة المؤسسات ، وبث روح الإيمان بالتسليم السلمي للسلطة ، وهذا جاء بالتأكيد لإيمان هذه الأحزاب بهذه النظرية ، لهذا يجب أن يكون هناك موقفاً صريحاً من قبل التحالف الوطني ، والذي نتساءل ، هل يقاد من قبل المالكي ، أم انه من يقود المالكي ، أم ما هي وظيفته كأعلى سلطة تقود البلد اليوم .
يبقى على جميع الكتل أن تعرف مسؤوليتها تجاه بلدها ، وان تسعى إلى تفعيل دور البرلمان خلال دورته الانتخابية القادمة ، والسعي من اجل بناء مؤسسة دستورية خارجة عن أي تدخل أو تسلط ، لتكون هي أعلى سلطة تقود البلاد ، ولكي لا تكون أداة بيد القرارات والانفعالات الارتجالية ، والتي جعلت البلاد تدخل نفق الأزمات تلو الأزمات ، ولا حلول لها .
السيد المالكي يخوض حرباً، ويدخل البلاد إلى متاهات لا يُدركها، او هو ربما هو عارفٌ بها، مريدٌ لها لغرض في نفس يعقوب.
ونحن هنا نتساءل "تحت اي مسوغ وطني ودستوري، ، يتصرف السيد المالكي في اخطر شؤون البلاد، بهذه الطريقة العبثية المتعارضة كلياً مع الدستور..؟ومن أجاز له التصرف المطلق بمستقبل العراق وثرواته وخيراته وأرواح أبنائه ؟