ابن الإسلامي العامري صنو ابن البعثي أحمد البكر

تأخر راكب في الوصول للمطار فأقلعت الطائرة من دونه، حدث اعتيادي يتكرر كل يوم، إلا إذا كان الراكب ابناً لوزير النقل العراقي هادي العامري، فيسارع الابن متسلحاً بسلطة أبيه لإصدار الأمر بمنع الطائرة اللبنانية من الهبوط بمطار بغداد فتعود الطائرة وتذهب الرحلة أدراج الرياح.

مهزلة مضحكة مبكية من تأليف وإخراج وتمثيل حكام العراق الحاليين، ذكرتني بمهزلة أخرى في أول عهد الرئيس البعثي أحمد حسن البكر.

كنت طالباً في الجامعة الأمريكية في بيروت عندما سمعت بالخبر، أمر صادر من الحكومة العراقية يقضي بمغادرة كافة العراقيين لبنان من دون تأخير، لم يهدأ بالي حتى أكد لي زميل عراقي أن الطلاب مستثنون من هذا القرار، تقصينا خلفية القرار فكان السبب العجب، تبين أن ابن الرئيس أحمد حسن البكر كان يقضي سهرة حمراء في أحد ملاهي لبنان الليلية حيث تسفح زجاجات الخمر ويتنافس السكارى على الفوز بـ "الفنانات"، ولسبب أو أخر غير نزيه تعارك ابن الرئيس مع لاهين سكارى، وخرج من المعركة مهزوماً ومغتاظاً، وعندما سمع أباه الرئيس بالخبر اصدر قراره بمغادرة العراقيين لبنان فوراً، وأتذكر بث التلفزيون اللبناني شريطاً مصوراً لمصطافين عراقيين حزينين لاضطرارهم لمغادرة لبنان على عجل ولما تكبدوه بسبب ذلك من خسائر مالية ومعاناة.

انتقدت هادي العامري في مقال سابق لدعوته الشيعة للتأسي بهابيل ابن آدم، وهو ما يعني سكوتهم على القتل الجماعي شبه اليومي على أيدي الإرهابيين، وهي دعوة باطلة ومناقضة للأمر القرآني للمسلمين بإلدفاع المشروع ورد العدوان إحياءً للأنفس البريئة، وبالأمس تأكد لنا وبالدليل المادي ابتعاد هذا المحسوب على التيار الإسلامي المشارك في حكم العراق عن قيم الدين السامية، والساكتون عليه من أرباب المنطقة الخضرء شركاء له في الخطيئة، وهم وأبناؤهم لا يختلفون جذرياً عن العامري وولده.

تربى ابن العامري وابن أحمد البكر في بيئتين مختلفتين، أو هكذا يبدو على الأقل، هذا في بيئة إسلامية أومتأسلمة وذاك في بيئة بعثية علمانية، اي أنهما سقيا من ماء مختلف إفتراضاً، لكنهما صنوان في الفكر والسلوك، مما يثير التساؤل إن كانت البيئتان مختلفتين فعلاً، وفي تقديري اختلفت الواجهات والجوهر واحد، فكلا الجماعتين نابعتان من المحيط العراقي القبلي المتطبع على الأنانية والاستعلاء والعجرفة واستبداد القوي والنفاق، وكل زرع ينبت وينموا في هذه التربة الموبوءة والملوثة وان اختلف في الصنف أو التسمية هو صنوان.

(للإسلام غايتان عظمتان هما الإحياء والاصلاح، ووسيلة كبرى وهي التعلم)