بعد سنين طوال.. "المراجع الاربعة" يتخلون عن دينهم وينكرون فقه الامام جعفر الصادق‏..








العراق تايمز: كتب الدكتور فوزي العلي.

من البديهي جدا ان الانسان العالم او الباحث عندما يؤلف كتابا او ينشر بحثا فانه سيدافع عن النتائج التي توصل لها بعد ان بذل من الجهد ما بذل وبعد اتباع جميع المقدمات الصحيحة في البحث والتحليل.

عندما يطرح العالم نظرية ما فانها تكون قابلة للتصديق او التكذيب بحسب صحة مقدماتها واسلوب ومنهجية البحث التي اتبعها، او قد تحتاج الى تعديل او انه يدعو الى مزيدا من البحث لتصل الى مبتغاها.

هذا على مستوى العلوم التطبيقية، اما على مستوى العلوم الدينية كالفقه والاصول فالامر يكاد يكون مختلفا نوعا ما.

بحسب ما اعتادت عليه مدرسة الفقه الجعفري، يصبح رجل الدين مجتهدا بعد ان يقضي سنين طوال في الدراسة والبحث والتمحيص، تجعل منه في نهاية المطاف وبحسب رأي اساتذته او من يعرفون باهل الخبرة (وهم فضلاء الحوزة العلمية ومدرسيها وطلبة البحث الخارجان يكون مجتهدا ومرجعا للتقليد وله العمل والافتاء بما يراه هو بحسب اجتهاده.

ويبقى المرجع او المجتهد يدرس طلبته العلوم الدينية والاصول الفقهية التي بنيت عليه خلاصة اجتهاده الا وهي الرسالة العملية ، ولا يكتفي بذلك وانما من واجبه ان يحض المقلدين والاتباع على العمل برسالته العملية وما جاء فيها، حيث تعتبر خارطة الطريق بالنسبة للمكلف.

يتفق جميع المراجع والمجتهدين باختلاف متبنياتهم الفقهية والاصولية على امر واحد وهو كتابة عبارة في مقدمة جميع رسائلهم العملية تنص على (العمل بهذه الرسالة العملية مبرئ للذمة باذن اللهاي انه اجاز ووجه بما لايقبل الشك الى العمل بما جاء بها وفقا لمتبنياته الفقهية وكل عمل مخالف لما جاء بهذه الرسالة فهو غير مبرء للذمة اكيدا وهذه تعني عند قائلها العكس حرام وغير مبرئ للذمة، يعني الذي لا يعمل بهذه الرسالة غير بريء الذمة، وبذلك يتحمل المجتهد مسؤولية عظيمة امام الله والناس بكل ما جاء بهذه الرسالة.

مر العراق بظروف وازمنة كان من الصعب فيها تطبيق جميع ما جاء من احكام بهذه الرسائل العملية بسبب بطش الانظمة الحاكمة ومخالفتها فقهيا لاغلب ما جاء بها من احكام وبسبب ضعف المؤسسة الدينية وابتعادها عن المواجهة مع النظام الحاكم انذاك.

بعد عام ٢٠٠٣ وزوال النظام البعثي وانزياح فترة مظلمة من تاريخ العراق الحديث، تمكن اتباع المرجعيات الدينية الشيعية من استلام مقاليد الحكم في العراق، واصبح من السهل تطبيق ولو جزء بسيط من الاحكام الواردة في هذه الرسائل العملية حيث نص الدستور العراقي على ان الاسلام هو الدين الرسمي في العراق وانه لا يجوز اقرار اي قانون مخالف للقران والشريعة الاسلامية، واتاح الحرية للمواطن العراقي بممارسة طقوسه وعباداته ومعاملاته واحواله الشخصية بحسب معتقده وديانته على ان ينظم ذلك بقانون كي يكتسب الصفة القانونية.

وعندما سنحت الفرصة بعد مرور اكثر من عشر سنوات على حكم الاحزاب الاسلامية في اقرار قانون الاحوال الشخصية وفق الفقه الامامي الاثني عشري الجعفري واستنادا الى المتبنيات الفقهية لهؤلاء المراجع انفسهم (واقصد هنا ما اسموه المراجع الاربعة واتباعهم من الاحزاب الاسلامية كحزب الدعوة الحاكم والمجلس الاسلامي الاعلى وحزب المستقلين بقيادة الشهرستاني ومنظمة بدر واحزاب صغيرة اخرى كلها تعود فقهيا الى هؤلاء الاربعة). نتفاجئ بان اول المعترضين على هذا القانون هم هؤلاء المراجع الاربعة في حادثة غريبة تكاد ان لا يصدقها احد كونهم اعترضوا على متبنيات فقهية هم من وضعها والزموا الناس بها طيلة هذه السنوات!!!!

اختلفت اشكال اعتراض هؤلاء الاربعة فمنهم من رفض القانون وتدخل بصورة مباشرة (بعد ان ارتضى لنفسه السكوت سنوات طويلة عن كل ما يجري في العراق مصورا للناس انه لا يتدخل في الشأن العراقي ، ولكن الوقائع تثبت عكس ذلك ، وليس محلها هنا لتبيانهالغرض منع اقراره في مجلس الوزراء في المرة الاولى بعد ان اتصل مكتبه بوزيرة المرأة لتبلغ الحكومة رفضه للقانون، وبعد الضغط الشعبي والمرجعي للشيخ محمد اليعقوبي وازدياد المطالب باقرار القانون ، لاح على استحياء منه ضوء اخضر لغرض اقراره ولكن دون الاعلان عن ذلك مع الايعاز لاتباعه المراجع الثلاثة الاخرين وما يتبعهم من احزاب للاسف اسمها اسلامية بضرورة شن حملة تسقيط واعتراض على القانون.

اقر القانون واحيل الى مجلس النواب لياخذ طريقه للتشريع دون ان يتم التصويت على القانون المرافق والمكمل له (قانون المحاكم الجعفريةوالذي يعتبر الاداة لتطبيق وتفعيل هذا القانون في محاولة خبيثة لافشال المشروع.؟

تبرأ اثنان من المراجع الثلاثة الاخرين من القانون الجعفري بعد ان كانوا قد وافقوا عليه اثناء زيارة وزير العدل حسن الشمري لهم وطرحه للقانون عليهم لاخذ اراءهم قبل التصويت عليه في مجلس الوزراءوتمادى احد هؤلاء وهو المرجع الباكستاني بان وصف القانون بانه مخالف للشريعة الاسلامية و قال انه يحتوي على شطحات فقهية كبيرة، ولو تنازلنا وقلنا ان فيه شطحات رغم ايماني بعدم وجودهالا اعتقد انها ترتقي الى مستوى احد شطحاتك ايها المجدد عندما اتهمت اغلب الناس الموجودين في العراق وخارجه بانهم ابناء غير شرعيين بنظريتك الجديدة (نظرية الشفط او الجذبحيث قلت انه لا يمكن اثبات ان الجنين المتولد في رحم المراة هو نتاج نطفة زوج تلك المراأة حيث يوجد احتمال كبير انه نتاج نطفة من ماء رجل اخر موجود على الفراش اصلا وبما ان الرحم شافط او جاذب للحيامن او النطف فانها ستجد طريقها الى الرحم وتقوم بتلقيح بويضة المرأة، وعليه لا يمكن اعتبار المولود المتكون من ماء زوجها؟؟؟!!! وبالامكان الرجوع الى تسجيل الفيديو للشيخ الباكستاني والرد عليه بمقالة سابقة للدكتور فوزي العلي.

ما اريد ان اقوله هنا ان اغلب ما جاء في هذا القانون الجعفري هو من نتاج الرسائل العملية لهؤلاء المسمين بالمراجع الاربعة، وان النقطة الخلافية التي اقاموا الدنيا عليها ولم يقعدوها والتي هي تحديد عمر البلوغ عند المرأة بـ ٩ سنوات هي من اصل متبنياتهم الفقهية وليس من متبنيات المرجع اليعقوبي الداعم لهذا القانون، حيث ان الشيخ اليعقوبي يعتبر سن البلوغ عند المراة بـ ١٣ سنة وليس ٩ سنوات خلافا لهؤلاء الاربعة.

من هذا يتضح ولاول مرة بالنسبة لي ان ارى علماء وبهذه المنزلة يتخلون عن علمهم واساسيات دينهم التي درسوها ودرسوها لعشرات السنين والزموا الناس باتباعها ولازالت موجودة في كتبهم ويقفون بالضد منها (مدركين لهذا الشيء ام غير مدركين، عن قصد ام عن غير قصدويحاربونها بشتى الوسائل لا لشيء فقط بسبب الانانية في المرجعية.

بحسب رأيي المتواضع امام هؤلاء الاربعة احد هذه الخيارات:

اولاالاولى بهؤلاء الاربعة سحب رسائلهم العملية وحذف ما جاء بها وتضمنه قانون الاحوال الشخصية الجعفرية واعلان البراءة منها من الوصية والارث والزواج والطلاق وغيرهاوعدم الزام الناس باتباعها، وان بعتذروا امام الله ورسوله واهل بيته وجميع الناس عما قالوه وقاموا به طيلة هذه السنين من الزام الناس باتباع امور هم لا يؤمنون بها اصلا والدليل رفضهم لاقرارها بشكل قانوني لغرض تطبيقها).

ثانياعليهم الاعتراف بان هذا القانون خاص باتباع المذهب الجعفري وهو ليس الفقه الذي يتبنونه هم واعتقد ان هذا محال لان ما ورد بالقانون هو من كتبهم كما اسلفناوعليهم التصريح انه لا شان لهم به لا من قريب ولا من بعيد ، فالجعفريون احرار في اقراره واتباعه ، فلا نعترض لاننا لسنا منهم.

ثالثاابداء ارائهم وتعديلاتهم على القانون رغم ان الفرصة قد سنحت لهم منذ اكثر من سنة، الا انهم لم يحركوا ساكنا بسبب ما تعودوا عليه وارتضوه لانفسهم بان يكونوا من القاعدين وعدم الاهتمام باحوال الناس والشعب العراقياو تأييد القانون كي ياخذ طريقه نحو الاقرار ولا يضللوا الناس بامور هي بعيدة عنه بعد السموات عن الارضاو ان يمنوا علينا بسكوتهم الذي تعودوا عليه ويتركوا الناس وشأنهم في اختيار ما يروه مناسبا لدينهم ودنياهم وان لا يتدخلوا بشؤون الدولة والقضاء وهو امر الزموا انفسهم به عندما رضوا ان يكونوا مع الخوالف، وهم غير ملزمين بتطبيق القانون على انفسهم فلهم بلدانهم التي تختلف عن بلدنا العراق فبامكانهم الرجوع اليها وممارسة ما يروه مناسبا من قوانين تتماشى مع فقههم الذي هو غير الفقه الجعفري اكيدا...

للحديث بقية..