السيد نوري المالكي هو الازمة

لا احد يستطيع فهم نوع السياسة التي يتبعها السيد نوري المالكي في التعامل مع شركاءه او المتحالفين معه ولا تفهم السياسة التي يدير بها الدولة.
واستخدام كلمة سياسة لوصف العلاقات بين السيد نوري المالكي وبين غيره من الحلفاء والخصوم، هو وصف مجازي، فما يربطه مع كل الاطراف، حتى مع اولئك الاكثر قربا اليه، هي خصومة ان لم نقل عداء وليست سياسة. اذ ان العداء هو اعلى مراحل فشل السياسة.
السيد نوري المالكي بدأ يفقد كل حلفاءه الكبار، فهو ليس على حالة ود مع المجلس الاعلى ولا على ما يرام مع التيار الصدري. حتى وهو والبلد في حالة الازمة، لم يحسب اي حساب لردة فعل محتملة من التيار الصدري على وصفه زعيهم الروحي مقتدى الصدر بالاغر الحديث على السياسة.
السيد نوري المالكي في حالة حرب ايضا مع احزاب السنة، على الاقل اولئك الذين يعتقدون ان استخدام السلاح ورقة ضغط فعالة ولا يمكن التخلي عنها بسهولة والذين يمثلون الجناح السياسي لحركة التفخيخ وزرع العبوات.
كما انه في حالة تناحر سياسي مع بقية الاحزاب السنية التي ترى فيه حالة من التفرد الدكتاتوري.
وهو في حالة ازمة مستفحلة مع التحالف الكوردستاني، بينما يصب اعضاء دولة القانون الزيت على النار بتصريحات تثير النعرات العدائية ضد الشعب الكوردي، وتحاول ان تبعث روح الانانية والاطماع والتصورات الخاطئة عند المواطنين.
هو ايضا ليس على وفاق مع اغلب الدول الاقليمية التي بدى وكأنه لا يغامر بزيارتها خشية الاستقبال الفاتر له، او ربما خشية الاعتذار عن استقباله كما فعلت السعودية عندما اعتذرت بان للملك ما يشغله.
نحن لا نتحدث هنا عن الاخلاق ولا عن المزاج الفردي، فرئيس الحكومة يجب ان يضع اخلاقه الشخصية وتصوراته الفردية وايمانه العقائدي في بيته و ان يلتزم بالقوانين في ادراة شئون الدولة.
القوانين ليست تصورات او توقعات او اخلاق او مجاملات او رغبات حزبية او فردية، انها عصب الدولة، فان عطب العصب اصيبت الدولة بالشلل كما حال العراق الآن.
والسياسة ليست رغبات، انها اتفاقات وتعهدات واخذ وعطاء ومساومات وتنازلات.
نعتقد ان السيد المالكي، ولأن العراق في وضع متدهور، وان الحكومة التي هو رئيسها "وقائمته دولة القانون" هي المسيطرة على اغلب شئون الحكومة، لم تستطع الايفاء بما وعدت به، ولأنه ترك الوزراء على عدم كفائتهم، يهرفون بما لا يعرفون، ولأن الفساد اصبح فلسفة الدولة ونظامها الحاكم، ولغباء التخطيط وتخصيص رواتب فاحشة الضخامة للمسئولين الكبار دون دراسة ولا دراية بحيث ان ما نسبته 21% من الميزانية يذهب الى جيوب الرئاسات الثلاث بينما 50% هي رواتب غير متساوية لـ 29 مليون عراقي من ميزانية تبلغ 140 مليار دولار 70% منها تشغيلية و 30% استثمارية، ادت كل هذه العوامل وهذا العبث الاستهتاري الى ركود الدولة، وربما ستصاب بالعجز الكلي عند حدوث اي تضارب سلبي في اسواق النفط.
لهذا كله وعوضا عن حل ومواجهة المشاكل والازمات بحرفية وروح جدية، بتقديم التنازلات والتوصل الى اتفاقات منصفة لكل الاطراف، اتجه السيد نوري المالكي ودولة القانون الى التذرع بالوضع العام وتحميله مسؤلية هذا التدهور وخاصة في مجال الأمن، لكي يفوز بالانتخابات القادمة.
اذا كان السيد المالكي يعتقد، ان هذا التدهور الأمني، وهذا الارهاب المستشري، مرتبطا بالخلافات مع الاحزاب والعشائر السنية، وهذا صحيح، واذ كان غير قادر على انهاء القتل والمفخخات والقضاء على الحواضن المعروفة للجميع، فان عليه الاذعان لها وتلبية طلباتها ليجنب الناس هذا العذاب الاليم والموت المتواصل في حريق الانفجارات.
ان المجازر التي يذبح فيها العراقيون والمستمرة منذ عشر سنين بسبب اصرار الفاشلين على البقاء في مناصبهم واسترضاء الفاسدين باطلاق اياديهم في المال العام بالصفقات الوهمية، يجب ان تتوقف، باي شكل.
والمسئول الاول عن هذا التدهور وعن هذا الفساد وعن هذا الاستهتار بالقوانين وعن ارخاص الدم العراقي هو السيد المالكي شخصيا، فعليه مواجهة الواقع الذي كل شواهده تقول بانه واقع مآساوي.