ما وراء مذبحة بابل..

ما هو هدف التفجير الاجرامي في بابل؟ الكل يسأل، والكل يتصرف على انه لا يعرف الاجابة، او يكتفي بشتم الشيطان الذي يتخذ منظورات مختلفة تستخدم في تبرئة النفس مما يحدث، او في الكسب السياسي، او في تصفية الحساب السياسي.
في بعض المواقع الاسلامية الجهادية يقولون انه قصاص عن القصف على مدينة الفلوجة، او هو رسالة رد على الاجراءات العسكرية الرادعة، لكن هذا التأويل ليس صحيحا، لأن المدنيين الابرياء كانوا هدفا دائما، قبل احداث الفلوجة بعقد من السنين، للجماعات الجهادية، القاعدة وداعش ومسميات المقاومة، بل ان التنكيل الجماعي بالمدنيين (شمل 62 دولة حسب منظمة مكافحة التطرف) هو هوية التنظيم التكفيري المسلح، مع تعدد توصيفات “العدو” من المدنيين الشيعة في العراق الى المدنيين الهندوس في الهند الى مسيحيي نايجيريا الى دافعي الضرائب من كل الاجناس في الغرب.
وسنعرف للتو ان السؤال عن هدف تفجير الحلة المروّع ليس ساذجا، ذلك لأن قتل المدنيين هو بذاته هدف التنظيمات الاسلامية الجهادية، ولهذا اعتبرته القوانين والمواثيق الدولية بمثابة جريمة ضد الانسانية وجرّمته المحكمة الجنائية الدولية بوصفه: “القتل المتعمَّد والمنظم للمدنيين” لكن التنكيل بالمدنيين يؤدي الى حلقة اخرى من منظومة العقيدة الجهادية المسلحة وهي شل الدورة اليومية للحياة المدنية في بلدان مختارة بما يشل بناء وحركة الدولة وخدماتها ووظيفتها ويسهل، في نهاية المطاف وفي ظروف اقليمية انسب، السطو على انظمتها السياسية في فراش النوم وهي عاجزة عن المقاومة.
في هذه المنظومة ليس ثمة حلقة واحدة من الاهداف فان اشاعة الاضطرابات والكراهيات الطائفية والاثنية المحلية تسهل نشر المجزوءات الدينية المظللة عن شرعة القتل الجماعي للمدنيين، وتفسح في المجال الى تشويه وعي الشبيبة المهمشة والمتدينة وتحويلها الى جسر لامرار هذه اللوثة التكفيرية والانتحارية في تجهيزات فقهية انتقائية ، هذا الى جاني اهداف شريرة موازية تنهض بها حلقات اخرى من المشروع الجهادي على خلفية حلف شيطاني واسع، لا نحتاج الى نظرية المؤامرة لنقرأ قسماته بين السطور، وإن نأت طوائف وعناوين وشعارات ابطاله عن بعضها البعض.
ينبغي الاستدراك لتثبيت الحقيقة التفصيلية التالية التي تؤكدها تجارب مكافحة الارهاب في العالم: ان الجماعات الاجرامية المسلحة التي تترعرع، عادة، في حواضن وبيئات متذمرة ومهمشة ومقصية توظف عيوب الحكومات وفسادها واضطراب هياكلها في تأليب هذه الشرائح واستدراج افراد منها الى انشطتها الإجرامية المسلحة، كما تستغل الانشقاق المجتمعي، وانانية الزعامات السياسية في اضفاء المشرعية على مذابحها.. وكل هذه المعطيات تمشي على رجلين في العراق.


“ ماذا نفعل اذا كان الله اراد ان يمتحن ايماننا”.
انتحاري سعودي في رسالة الى اهله