نهاية وطن

اسوأ ما في الامم انها لاتعترف باخطائها حينما تتمادى في غيها وتزرو وازرة تلو اخرى حتى يتصير الخطأ الى حقيقة تبني عليها باطلها 
لم يكن ما حصل في عام 2003 ثورة ولا هو تحول بارادة امة بقدر ماهو انهيار افضى الى حصول فراغ شُغِلَ من قبل اشخاص وجماعات , بعضها كان يؤدي دورا تمثيلياً لاكمال مقاعد ما كان يعرف بمجلس الحكم . 
لم يتعظ العراقيون من تجاربهم مع الانظمة السابقة ولن يتعظوا من سورية والصومال ودول اخرى على وشك الانهيار والزوال ..
كيفما تكونوا يولى عليكم .. في تلك اللحظات تمادت الامة العراقية باخطائها فلم تكن بمستوى الوعي المطلوب  فسلمت الامر للمثلين التمثيليين , وهؤلاء لم تكن لديهم خشبة النجاة  فامتطوا الخطأ وبنوا عليه اوزار واوزار وكان اسوءها المحاصصة التي تثقل الامة باوزارها وتداعياتها .
لم يكن الوطن مقدسا ولم يعد كذلك , فاضحت العمالة مهنة , ولم تكن الامة واحدة ولم تعد  كذلك , فاضحى الانقسام الطائفي والعرقي وسيلة للسلطة .
كيف يكون الانسان عميلا اذا كان يعيش في بلد مثل العراق ؟  العراقي العميل هو ابشع العملاء , لانه يقبض من الخارج ويسرق من الداخل . 
اذا سالت كاكه حمه في اربيل وعبد الحسين في البصرة ودحام في الرمادي وصادق كهيه في كركوك  عن الرابط الذي يجمعهم فلن تجدنهم يجمعون على العراق موطنا لهم .
انا اؤمن ان نظام صدام حسين قد عمق من تشرذم الامة حينما قطع رؤوس الوطنية والوعي فبقيت بلا مذكر بالوطنية .. 
اؤمن ايضا ان فرية الديمقراطية فخ نصب للعراقيين لتعميق أخطائهم ومن ثم انقسامهم , ولكن هل الحل ,كي ننقذ ما تبقى , علينا اتباع ما نصحنا به مهاتير محمد وجاك شيراك وحسني مبارك وتشافيز بان العراقيين بحاجة الى ديكتاتور عادل ؟  
العراقيون بكوا طويلا على الامام الحسين في وقت هم بحاجة كي يبكوا بحرقة على انفسهم بعد ان دعاهم الحسين الى ان يكونوا عُرُباً وان يكونوا احرارا في دنياهم اي في وطنهم  .
المستقبل ينذر بالاسوأ والاخطر بعد ان قتل رافع العيساوي ابن عمه عيفان العيساوي لان الاول قطري والثاني سعودي , وكل منهما كان يعد نفسه لقيادة الجيش العراقي الحر . 
من كانوا ارهابيين خرجوا من السجون والبعثيون منحوا المرتبات واعيدت لهم الوظائف والامتيازات , اما ضحايا الارهابيين وضحايا حقبة البعثيين فيلاقون الذل والظلم والحرمان 
على ايدي من شغلوا كراسي السلطة باسمهم . 
اخلاقيا , باتت الناس تعبد الدولار ,اما القيم الدينية والعشائرية باتت لعق على الالسنة , وانهارت معها منظومة الصداقة والجيرة والنخوة و.. ولم يتبق منها سوى ادعاءات واكاذيب  ليس الا .. 
جهاز الدولة بكل مؤسساته فاسد ومنحط والسلطة فاسدة وافسدت اهل الراي والعقل وهم اصحاب الكلمة ووسائل الاعلام بمختلف اشكالها , فلا تعويل على هؤلاء كي يدعوا الامة للعودة الى اصولها وتصحيح اخطائها , وبالتالي لم يعد اهل الكلمة والفكر في هذا البلد ضمير الامة .. ..  انه وطن ينحدر سريعا الى الهاوية وحيدا فلا منقذ له . 
اخر ما سمعته من قطب مهم في السياسة بان اربعة اثرياء كبار هم من يديرون لعبة السلطة والحكم في العراق وان هؤلاء الاربعة يتنافسون على اعادة صناعة احجار الدومينو في المرحلة المقبلة وان احدهم يعد نفسه كي يكون ملكا على العراق بعد ان تسيل الدماء انهارا .
منذ خمسة اشهر عدت الى الوطن والان اعد العدة للمغادرة وسأصنع في المنافي تمثالا للعراق  وسابكي عليه  فاعمده بالدموع .
دعاء :  الامور خرجت عن نطاق الدعاء ..