العراقية قناة الدولة ام قناة الحكومة.؟


قضى السيد رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي بمنع قناة العراقية من نقل وقائع جلسة مجلس النواب هذا اليوم لعدم مهنيتها ومصداقيتها في نقل الحدث كما يقول محمد الخالدي مقرر البرلمان، واتهمها الخالدي ايضا بانها غير متوزانة في تغطيتها لنشاطات الرئاسات الثلاث.
كما سبق لرئيس مجلس النواب ان ابدى استغرابه عندما قطعت فضائية العراقية وقائع نقل مؤتمره الصحفي فجاة اثناء شنه هجوما لفظيا على السيد نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية. ان ذلك يعني بان قرار منع كادر فضائية العراقية من دخول مبنى مجلس النواب هو قرار مسبق وليس من وحي اللحظة، لكنه قرار فاجيء الطاقم الاداري والفني لقناة العراقية على اعلى المستويات، فقد وجد نفسه قاصرا وعاجزا عن اي فعل سوى الاعتصام.
ان ما يؤخذ على قناة الفضائية العراقية هو انها تعمل وفق عقلية تقول بتبعيتها للحكومة وليس تبعيتها للدولة، والفرق كبير بين الاثنين، بين الدولة وبين الحكومة. فالحكومة زائلة، راحلة، ليس لها علما ولا نشيدا وطنيا، هي ليست رمزا لا للوطن ولا للمواطن، انما جهازا او كيانا لخدمته، انها مسئولة امامه وتحكم باسمه، اما الدولة فهي رمز لجميع المواطنين، تمثل كرامة ومصلحة الجميع، العلم يرمز لها ويدل عليها، فان غابت عن الذهنية الحاكمة فلتكن على الاقل ممثلة بالاعلام ولو على سبيل الوهم.
لكنه امرا لا تستطيع العقلية السياسية ولا العقلية الحقوقية ولا الاعلامية ولا الشعبية هظمه، اذ طوال العهود الاسلامية ثم ما تلاها من فترات السيطرة الاجنبية وما اعقبها من ممالك ومن وجمهوريات، لم يحدث وان شهد المواطن استقلالية للدولة عن الحكومة، فقد كانت الحكومة دائما هي الدولة.
ان قناة العراقية تعمل بعقلية الحكومة، هو امر لا يخفيه كادرها الاداري ولا الاعلامي، انها قناة حكومية يقول هذا الكادر، وهذا هو واقعها، لكنه واقع زلل، واقع يجب تغييره، فالحكومة يجب ان لا تسير الاعلام ولا تتحكم به ولا تملك وسائله، فهي، اي الحكومة، وان تقيدت بالقوانين والانظمة، لكنها تعمل وفق سياسة حزبها او كتلتها الفائزة بالانتخابات.
وفي العراق، وهو امر معروف، كل الاحزاب السياسية، وخاصة احزاب الحكومة، ولتفشي الفساد واللصوصية تمكنت وفي وقت قصير نسبيا، من امتلاك قنوات فضائية وصحف ومواقع الاكترونية، فهل تحتاج ايضا الى فضائية تمول من المال العام لتكون واجهة ولسان لدعايتها الحزبية وناشرا لنهجها الايديلوجي؟
والمال العام هو مال الدولة وليس مال الحكومة، ومن يدفع يملك، والدولة التي هي المواطنين وليس الحزب الحاكم، هي من يدفع.
ورغم ان الخطوة التي اتخذها السيد رئيس مجلس النواب كان مفعولها صادما وغير متوقعا لقناة العراقية فلم تجد شيئا اخر تفعله سوى اعتصام لم يثر تضامنا ولا تعاطفا شعبيا معها، كان ردا باهتا بقي كما كان متوقعا محصورا في توقعات تتوخى من الحكومة نصرة لم تجدها في ساحات الاعلام، ذلك لان الجميع على اطلاع بعدم حياديتها، فلم يحدث وان تضامنت هذه القناة مع مطالب الشعب ان كانت هذه المطالب تتقاطع مع سياسة الحكومة.
الا اننا نعتقد ان النجيفي، وبصفته رئيس مجلس النواب، كان يجب ان يسلك الطرق القانونية لتبويخ قناة العراقية، اذ ان اسلوب المنع، وهو ايضا سياسة الحكومة المفضلة في التعامل مع كافة اشكال الاحتجاج والتظاهر السلمي ان لم يكن يصب في مصلحتها او كان ذا زخم لا تستطيع مواجهته دون عواقب تعمل على تجنب وخامتها، نقول ان اسلوب المنع والحظر هما اسلوبان دكتاتوريان يجب ان ينتهيا نهجا وسلوكا، القانون هو المرجع والقضاء هو الفصل في منازعات الخصوم.