لي أيدي

قال لي احد القريبين من دائرة احدى القوائم “الكبيرة” ان الصراع الجاري الآن ليس بين القوائم والكتل والاحزاب، بل لافي داخلها وبين رؤوسها ومرشحيها، والهدف هو القوى التصويتية المحسوبة على القائمة نفسها.
لي الايدي، هو ما يجري الان بين المتنافسين على مقاعد في قبة البرلمان،لا ولحسن حظ المنخرطين في هذه اللعبة ان للجميع اذرع، وان للجميع، من غير استثناء، مواجع في اذرعهم، ومن ينكر ذلك كمن يقول لك ان الثرا والثريا شيء واحد، ومن يتجاهل ذلك كمن لم يسمع ما يقال عن تحالفات جديدة تكتب الان بالحروف الاولى، واخرى تبدو في مهب الريح، وثالثة تقف على رجل واحدة، ورابعة تولد عليلة، وخامسة في المخاض الاخير من الطلق
حتى الآن، تجري فصول اللعبة في الكواليس، وبين الاقوياء (معايير القوة الانية طبعا) ولاينبغي الاطمئنان كفاية الى القول الشائع ان النية تتجه الى حكمة التوافق والتكافل والتضامن والاخوة والشراكة، فان شيئا قليلا من هذا يحدث حتى الآن، وان من يقترب من دائرة تلك الكواليس، ومن يمعن النظر في تسريباتها، سيعرف كيف يلوي البعض ذراع البعض الاخر من المواضع الحساسة، والهدف إجبار الاخر على التنازل عتبة عن قاسم المشهد ومقسوم الامتيازات، وطبعا سيكون المراقب بحاجة الى تفكيك بعض الالغاز والرطانات عما يقال حيال العملية السياسية والمصالحة الوطنية، والتضحية في سبيل الشعب، ومكافحة الفساد، واعادة الاعمار.
الذي يجري باختصار، محاولات محمومة لاعادة هيكلية المصالح الشخصية، وترتيب الزعامات في قلب تلك القوائم، وعلى عتبة سلطة واليات القرار السياسي، وبهدف توظيف نتائج انتخابات نيسان، في حساب جديد يتسم بالذاتية، وثمة في السياق الكثير من الابتزاز والضغط والتلويح باجراءات وتعديلات وتحالفات جديدة، وثمة بالمقابل ايماءات عن تحريك ومراجعة قواعد وثوابت وتعهدات واستحقاقات سابقة. المتقدمون يتصرفون كاصحاب حق اضافي، والمتأخرون غير مستعدين للتنازل عن مساحاتهم، فيما يبحث الاخرون عن معابر قصيرة وآمنة للامساك بالحصان الجامح.
وبكلمة موجزة، فان المراقب الموضوعي لهذا الصراع الناشئ يلاحظ ان ثمة اندفاعا متعجلا لفرقاء الانتخابات لفرض معادلات جديدة يتساقط عنها منافسون او طامحون او خاسرون، وهذه المرة من داخل البيت الواحد، وان هناك ليّ ايدي، واصوات توجع واستغاثة، لكن ثمة فرصا محدودة للكسبٍ على السطح من دون ثمن.

“للنهر عقاب واحد لا يمارسه دائما، هو إغراق الذين يدخلونه قبل ان يتعلموا السباحة”.
حكمة برازيلية