النجاح أمنية وهدف يسعى إليهما بجد ونشاط كل إنسان على سطح هذه المعمورة.
مقياسه متعدد الأشكال بين إنسان وإنسان. البعض يظنه إنما يكون بجمع المال, وآخر يظنه بتحقيق النجومية وحصد الشهرة, وآخر يراه بتحصيل العلم ونيل الشهادات, وآخر يظنه بالارتقاء إلى مكانة مرموقة في المجتمع, وآخر يراه بأن يكون مسؤول في الدولة أو حزب من الأحزاب كي يخدم شعبه وبلاده, أو يتسلط على العباد فيذيقهم أصناف من الجور والاذلال والاهانات. وآخر يراه في القناعة بما نجم عن عمله في هذه الحياة. ولكن المقياس الحقيقي إنما هو: في ما قدم المرء من خير لنفسه ولمجتمعه وبلاده والانسانية جمعاء في هذه الحياة. وفيما قدم لآخرته من إحسان وصالح أعمال, ليدخل الجنة مع المتقين والأبرار.
والتاريخ لم يخلد بين صفحاته إلا من ترك وراءه أثراً عظيماً, كان له دور في حياة المجتمعات. النجاح قالوا عنه الكثير. وهذا بعضاً من أقوال ومواقف البعض من موضوع النجاح:
-
جورج واشنطن, قال: مقياس النجاح, وقدرة الإنسان بالتغلب على العراقيل لتحقيق هدفه في هذه الحياة , لا بالمركز الذي وصل إليه. وبنظر واشنطن, فإن الكثير ممن يتبوؤون المناصب أو المسؤوليات, في الانظمة والحكومات, ليسوا من الناجحين.
-
سقراط قال: الناجحون في هذه الدنيا أناس بحثوا عن الظروف التي يريدونها فإذا لم يجدوها وضعوها.
-
الرئيس الأميركي جون كينيدي قال: النجاح له ألف أب, أما الفشل فهو طفل يتيم.
-
الدوس هكسلي قال: سر النجاح هو في مواجهة المشاكل لا تأجيلها, أو التهرب منها. وأحسن طريقة للتغلب على الصعاب مواجهتها واختراقها.
-
غوتة قال: المواجهة هي أقصر الطرق للوصول إلى الهدف. وكم من المسؤولين وصناع القرار فاشلون, حين يلفون ويدورون حول المشاكل والمعضلات لسنين وعقود, أو يتهربون من إيجاد حل حاسم وجذري لمعضلات ومشكلات ترهق العباد والبلاد.
-
نابليون قال: أفضل أن أكون أحقر الناس ولي أحلام وأرغب بتحقيقها, من أن أكون أعظمهم ولكن بلا أحلام وآمال ورغبات.
-
المفكر روشيليوا قال: فرص النجاح في الحياة كثيرة جداً, لكن الكثير من الناس لا يتبينون فرص النجاح المتاحة لهم لغفلة منهم, لأنها تأتي في ثياب عمل شاق.
-
أم كلثوم قالت: لقد فشلت في حياتي مرة, وقررت أن أنتقم من الفشل بالنجاح.
-
طاغور قال: الفشل هو التجارب التي تسبق النجاح. وربما هذه الأقوال تفسر سر تقدم الدول الأوربية واليابان والصين وروسيا والهند وكندا وجنوب أفريقيا والبرازيل, وكيف تجسد النجاح فيما وصلت إليه هذه المجتمعات من تقدم ورقي وتطور في مختلف المجالات. وحتى الفشل, الذي هو حصيلة تجاربهم التي سبقت أو رافقت إصرارهم على النجاح, والتي نجم عنه مليارات الايتام, لم يتركوا شاردين, وإنما تم تجميعهم, وإعادة تأهليهم من جديد, كي لا يسيئوا أو يخربوا أو يشوهوا ما حققه النجاح من إنجازات في هذه المجتمعات. في حين لا ترى في دول العالم الثالث سوى تريليونات ايتام تجاربهم الفاشلة, وهي تجوب وتسرح وتمرح في كل مكان من البيوت والمعامل إلى المؤسسات ودوائر الدولة والمؤسسات والحقول والأسواق والشواطئ والبحار والشوارع والحدائق وضفاف الانهار والغابات. لطمس وتشويه أو تخريب كل معلم حضاري من معالم النجاح قد تحقق في هذه المجتمعات.
النجاح حالة لا تعرف الراحة, لأنه هو الذي يصنع كبار الرجال. والنجاح هو أن تجعل من الماضي عبرة, ومن الحاضر تجربة, ومن المستقبل أمل. فالوصول إليه مرهون بخوض غمار الحياة, وليس بالاحتماء تحت شجرة العائلة, أو التلطي تحت شجرة المال, أو الاتكاء على جذوع أو أغصان أشجار أخرى, كالقبيلة أو المنصب, أو الشهرة أو الزعامة أو النفوذ.
والنجاح إذا حصل بالغش والخداع, أو على حساب الكرامة الانسانية مكروه ولا قيمة له . فاليونانيون يرون أن الإخفاق بشرف خير منة النجاح بغش. و براتراند رسل يعتبر: أن النجاح بدون كرامة كالطعام بدون توابل, يسد الرمق لكنه غير لذيذ الطعم. أما هرمان ملفيل فيعتبر: أنه خير لك أن تفشل في الأصالة من أن تنجح في التقليد, فمن لم يفشل أبداً في مكان, لا يستطيع أن يكون عظيماً. أما جون بيرنز فيرى: أن من الأفضل أن تفشل فيما يمتعك, على أن تنجح فيما تكره. وكي تحقق النجاح عليك اتباع الطرق الصحيحة التالية:
-
التحضير المسبق للنجاح. وعبر عنه كونفوشيوس بقوله: في كل الأمور يتوقف النجاح على تحضير مسبق, وبدون هذا التحضير لابد أن يكون هناك فشل. و سر النجاح يكون ببقائك يقظاً ليل نهار, وفي ثباتك على الغاية والهدف, وإيمانك بالنجاح هو النجاح بعينه. فالنجاح يغطي عورات كثيرة, ويكسبك أصدقاء حقيقين ومزيفين.
-
التصميم الشديد هو الطريق إلى النجاح. ولكن التصميم يكون بتفاؤل لا بمشاعر حزينة ونفس يائسة. والمثل الروسي عبر عن هذا التصميم المقصود حين قال: الجندي الذي لا يأمل أن يصبح يوماً ما جنرالاً هو جندي خامل.
-
السعي الدؤوب والمستمر. والذي عبر عنه الشاعر حين قال:
وعلي أن أسعى ******* وليس علي إدراك النجاح.
-
ولوج الأمر من بابه الرئيسي. والذي عبر عنه شاعر حين قال:
إذا أتيت الأمر من غير بابه ***** ضللت, وإن تقصد من الباب تهتدي.
-
أن تسير على مهلك إذا أردت أن تصل بسرعة. لأن من يريد صعود السلم وجب عليه أن يبدأ من الدرجة الأولى.
-
أن لا تصاب باليأس إذا فشلت. وتذكر أن الفشل هو التجارب التي تسبق النجاح. لذلك إياك واليأس مهما تحطمت الكثير من احلامك وأهدافك وأمانيك, بل سارع ببناء ما تهدم, وتذكر بأنه مهما أسود الليل, فإن الصباح آت لامحالة بنور الشمس.
-
و الماريشال بدوسكي قال: أن تغلب دون أن تستسلم, ذلك هو الظفر والنجاح.
-
لا تهتم لحاسد. عندما يحسدك الآخرون أشكر رب العالمين لأنك إنسان ناجح.
-
إياك أن تصاب بالغرور إذا حققت النجاح, بل حافظ على تواضعك. لأن كل شيء ينحني للنجاح حتى قواعد اللغة. وأوسكار وايلد قال: ليس الصعود هو الذي يحتاج إلى سلالم آمنة, إنه الهبوط هو من يحتاج أيضاً يا صديقي.
-
لكي تقهر الصعاب التي تعترض طريق النجاح في حياتك, ثابر على الأمور التالية:
-
ابتسم وتفاءل بالخير مهما كانت الصعوبات, وكأنك أول مرة تواجه صعاب.
-
سامح كل من أخطأ بحقك أو أساء إليك وكأنك أول مرة تعامل الناس.
-
انسى تجاربك الفاشلة, وكل حدث وحادث صادفك وكأنك خالي الذاكرة.
-
أدي الفروض التي فرضها الله في مواعيدها دون تلكأ أو ملل أو كسل.
-
رطب لسانك بذكر الله واحمده واشكره على كل مصاب. وتذكر قول الله: وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّـهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ.
-
توكل على الله وثق بالله ثم بنفسك وقدراتك. وكن متفائلاً باستمرار.
-
لا تتردد. ولا تستعجل في طلب النتائج.
-
لا تزعم الفشل وأنت لم تحاول إلا مرة واحدة.
-
لا تلتفت إلى الرسائل السلبية منك أو من غيرك. كأن بقال لك: أنت لا تصلح لهذا العمل . أو قولك أنه سبق لي أن جربت ولم أنجح. رحلة النجاح لا تتطلب البحث عن أرض جديدة, ولكنها تتطلب الاهتمام بالنجاح والرغبة في تحقيقه, والنظر الى الأشياء بعيون جديدة. فالقاعدة تقول: المحيط + رد الفعل = النتيجة. فالنتيجة ليست معتمدة على المحيط فقط و إنما بالدرجة الأكبر تعتمد على ردة فعلك على هذا المحيط.
الناجحون لم ينجحوا بالصدفة, ولا ورثوها عن آبائهم أو أمهاتهم, أو لم تصادفهم عقبات وصعوبات وإحباطات في هذه الحياة. فما من ناجح في هذه الحياة إلا و تعرض لصعوبات و تحديات كثيرة, ولكن بعزمه وبتوفيق من الله العظيم نجح.وهذه بعض الأمثلة:
-
بيتهوفن. قال له استاذه: لا أمل لك. لكنه ثابر ولم ييأس فأصبح واحدا من أعظم الفنانين في تاريخ البشرية. و ألف أعظم سمفونياته و هو أصم. و سيمفونياته إلى اليوم تسمع من قبل ملايين الناس.
-
ولت ديزني. طرد من عمله كمحرر و أعلن إفلاسه عدة مرات قبل أن ينشئ ديزني لاند. وصلت مبيعات ديزني إلى 30 بليون دولار سنوياً.
-
توماس أديسون. قال عنه استاذه: إنه ولد غبي و لا يستطيع أن يتعلم أي شيء. وأديسون هو من اخترع الكهرباء التي نعم فيها أستاذه وينعم بها البشر في البيوت والمستشفيات والجامعات ووسائط النقل وغيرهما من مختلف المجالات, والتي تصب في صفحات مماته حسنات على مدار الوقت, والتي سيجزيه عليها رب العباد.
-
أينشتاين. من أعظم العقول في القرن العشرين. لم يتعلم النطق إلا و عمره 4سنوات, و لم يتعلم القراءة إلا و عمره 7 سنوات. و أستاذه كان يشتكي منه لأنه بطيء الفهم غير اجتماعي. ثم أصبح من أشهر العلماء.
-
تشرشل. هو الذي هزم الألمان في الحرب العالمية الثانية. رسب في الصف السادس الابتدائي, و لم يمنعه ذلك أن يصبح واحداً من أعظم رجالات القرن العشرين.
-
بيل جيتس. أغنى رجل في العالم. ترك جامعة هارفارد, و أسس شركة مايكروسوفت و عمره 20 عام. دخله 2 اليومي0 مليون دولار. إذا وزع 15 دولار لكل إنسان من البشر يتبقى من ثروته 5 ملايين دولار.
-
الشيخ صالح الراجحي. من أشهر أغنياء المملكة العربية السعودية, كان يشتغل حمّالاً في الصباح، و يبيع مفاتيح و أقفال في المساء. ثروته تقدر بـ 3 مليارات دولار.
-
هنري فورد. بدأ من الصفر, و أعلن إفلاسه خمس مرات قبل أن يؤسس شركة فورد أشهر شركات السيارات. وثروته بعد15سنة فقط من إنشاء الشركة بليون دولار.
-
أوبرا و ينفري. صاحبة البرنامج المشهور. اغتصبت و عمرها 9 أعوام, ولم يمنعها هذا الحادث الأليم الصعب من النجاح, لتصبح من اشهر و أغنى الإعلاميات في العالم. قالوا عنها: تأثيرها على الناس و ثقافتها, يفوق تأثير جامعة بأكملها، أو تأثير رئيس الولايات المتحدة بذاته ، أو أي قائد ديني, باستثناء البابا.
رماة السّهام المتمرسين يستخدمون رميتهم الأولى لاختبار قوة واتجاه الريح, ثم يحكمون تسديد رمياتهم التالية. فالنجاح نادرا ً ما يأتي من المحاولة الأولى. فبينما يتردد من يشعر بالنقص, ينشغل آخر في معالجة أخطائه حتى يكون متميزاً.فتذكر هذه الأمور على الدوام:
-
تذكر أن النجاح ليس كل شيء، إنما الرغبة والاستمرار في النجاح هي كل شيء.
-
تجنب الأشخاص السلبيين والمتذمرين والمملين والمتشائمين والحاسدين. لأن ما يقولوه عنك إذا تجنبتهم يعتبر أقل ضرراً مما يمكن أن يسببوه لك لو لم تتجنبهم.
-
تجنب الملل والتذمر والتشاؤم لأنهم أمراض معدية كالكوليرا والسرطان.
-
تذكر أنك لا تستطيع أن تتطور إذا لم يجرب شيئاً غير معتاد عليه.
-
تذكر أن الأشخاص الناجحين يتخذون قراراتهم بسرعة ويغيرونها ببطء. أما الأشخاص الفاشلين يتخذون قراراتهم ببطء ويغيرونها بسرعة.
-
تذكر أن من لديهم الجرأة على مواجهة الفشل، هم الذين يقهرون الصعاب.
-
تذكر أن الفاشلين يعتبرون النجاح هو مجرد عملية حظ. فالحظ في الحياة هو نقطة الالتقاء بين التحضير الجيد والفرص التي تمر.
-
تذكر أن المتسلق يركز على هدفه ولا ينظر تحته حيث المخاطر التي تشتت الذهن.
-
تذكر أن الذي يكسب في النهاية من لديه القدرة على التحمل والصبر.
-
تذكر دعاء طاغور: يا رب إذا أعطيتني مالاً لا تأخذ سعادتي. وإذا اعطيتني قوة ونجاحاً لا تأخذ عقلي وتواضعي, وإذا أعطيتني تواضعاً لا تأخذ اعتزازي بكرامتي.
-
تذكر على الدوام: أنك لن تجد إنساناً ( رجل كان أم أمرأه ) ناجحاً واحداً وصل إلى القمة, بدون أن يستند إلى حب أم و أب أو زوجة محبة وحنونة أو زوج, أو صديق وفي وصدوق. فكل منا مدين في حياته لأشخاص معروقين أو مجهولين, مدوا له يدهم عندما سقط على الأرض, أو أضاءوا له شمعة عندما احتواه الظلام, أو قالوا له كلمة واحدة رفعت من معنوياته والهمته الصبر, أو منحوه ابتسامة عطف, ومطارق الحياة تنهال عليه, والدنيا تكشر في وجهه, أو هي تعضه بأنيابها الحادة.
ستجد في هذه الحياة من يبخس الناجحون حقوقهم, وهم ثلة من الحاقدون واليائسون والفاشلون. وستسمع من يقول: بأن النجاح هو الأبن البار للموهبة والحظ. وعليك أن لا تهتم, وأن لا يضيرك هذا بشيء. فالموهبة هي موهبتك , وانت من تنميها وترعاها. والحظ هو حظك في هذه الحياة , والله لن يبخسك حقاً من حقوقك. وحين يبتليك الله ليمتحنك, تمسك بالصبر, وأحمد الله وأشكره, لتكن بهذا الامتحان من الناجحين بتفوق. فبسواعد الناجحين والمخلصين والوطنيين الشرفاء ينتقل المجتمع والوطن من غياهب الجهل والتخلف ودياجير الجور, إلى فضاء رحب تتلألأ فيه أنوار التقدم والتطور, وقيم الحرية والديمقراطية.
|