الدمى قراطية تدفعنا للهاوية

 

يا أمة ضحكت من جهلها الأممُ

قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام:
من هوان الدّنيا على اللّه أنّه لا يعصى إلاّ فيها و لا ينال ما عنده إلاّ بتركها). )
كل الآثام و الموبقات من الكفر و الزندقة ، و الظلم و الغش ، و الكذب و الرياء ،و الحسد و الحقد و الفجور و الفساد ، كل هذا لن تكون إلا في الدنيا ، و لا مقر للشيطان و حزبه في غيرها ، و كفاها بذلك سوءا و قبحاً. و المراد بتركها ترك المحرّمات.ومن هوان الدنيا علينا, أن تكون مصائرنا بيد ساسة- أفرزتهم ديموقراطية زائفة- أرتضوا أن يكونوا دمى متحركة بخيوطٍ يمسك بها مغرضون حاقدون من وراء الحدود .فأضروا بالشعب دفعوا به للهاوية ورموه في أتون الأرهاب والفساد والتخلف والغش والخداع والكذب والرياء.

كل يوم يفاجئنا القضاء العراقي بقرارات متناقضة.سِمَتُها الخطورة وإلإرباكٍ والدفع لأزمات وتشويه للديموقراطية . فقبل 4 سنين قررت مفوضية الأنتخابات إستبعاد الدكتور صالح المطلك والدكتور ظافر العاني من المشاركة في الأنتخابات البرلمانية, بحجة إنتمائهما لحزب البعث المنحل. وبعد أيام وبقدرة قادر عادت وتراجعت عن هذا القرار.وشغل أحدهما منصب نائب رئيس الوزراء والثاني إحتل مقعداً في مجلس النواب .فسبحان مغيير الأحوال من حال الى حال.فربما كتب قانون الأنتخابات والإجتثاث بحبر سري ورموز, ولم يستطع القضاء و مفوضية الأنتخابات من فكها.فتدخل دهاقنة الدجل وفتاحو الفأل وضاربات الودع لفك هذه الرموز.فتغير الأمر بإعجوبة . واليوم تتكررالحالة فيُسْتَبْعَد أشخاصٌ, ثمَّ يَنقضُ القضاء إستبعادَ بعضهم. بمكاييل متعددة و تخبط وعشوائية تثير السخرية والقرف..فهل يا ترى القانون مطاط؟ أم يُكيَّف وفق الصفقات والمصالح؟ فلماذا هذه المسخرة وإلأستهانة بالعدالة وبالعراقيين, والحط من كرامتهم؟والتعامل معهم كمغفلين. وهم ورثة الحضارة وخيرة من فكر وأبدع.

إنَّ مجلس النواب هو مَنْ سَنَّ قانون الأنتخابات. ويفترض في قوانيه الوضوح التام ويُسْرِ التطبيق.ولا حاجة لطلب العون من المُبَصِرين والمنجمين لفك الرموز. فلماذا الهفوات والغموض و اللبس في التفسير. فتستبعد مفوضية الأنتخابات معارضين بارزين , كانوا وزراء ونواباً في الدولة العراقية ؟كيف يجري هذا وكيف تحول هؤلاء السادة من ممثلين للشعب الى مجرمين أو سيئي السلوك والسيرة؟.وكيف يُجَرِّم القضاء شخصاً لمجرد رفع دعوى رفعت عليه من أحدٍ .ولم يصدر القضاء بشأنها حكماً قطعياً , فقد تكون كيديةً تسقيطيةً.ومن المسؤول عن تبوء مجرمٌ وظيفة عامة ؟ولماذا تكون القوانين التي يشرعها مجلس النواب مبهمة وقابلة لتتعدد التفسيرات؟ فيستغلها البعض بخبثٍ لمصلحتهم و بما يتسبب بمصادرة إرادة الأمة وحقها في الأختيار.

إن من شرع قانون النشر. ومادة (السمعة والسلوك) شريطة صحة الترشيح, يعلمُ ما يفعلُ وما يرمي إليه, من وراء هذا التشريع المريب. وهو إستبعاد البعض من الترشيح,عندما جعل السياسة أقوى من القانون .فكيف مرَّت هذه المواد على أكثر من 325 نائب؟ وهل الكل جهلة وأميون,فمرروها؟ أم إنهم يتغاضون عمّا يريده أولياء النعم؟

يرشح مسجونون لجنح للأنتخابات في بعض الدول الديموقراطية. أما في ديموقراطية العراق العظيم فيستبعد الشخص, لمجرد دعوى قد تكون كيدية . فعلى أي مبدأ من الديموقراطية نسير؟ أم إنَّ جهلةً ماهيَ إلا دمى قراطية مُحَرَّكةٌ بخيوطٍ وأصابعٍ تدفعنا للهاوية.

يبدوإن من سن القانون يجهلُ ما سَنَّ. وغير مؤهل للتشريع .فسنَّ قوانين ناقصة المعنى ضبابية مبهمة.كان المفروض بهم الأستعانة بمكاتب إستشارية مهنية ضليعة بالقوانين, تُعرَض عليها مسودات القوانين قبل سنّها. لترى فيها رأياً, وتُسدي النصيحةَ, فتسد الثغرات, وتمنع اللبس والأبهام .أم إن الهدف السيء هو خلق الأزمات وجعل هذه القوانين إلعوبة بأيدي من يتاجر بمصير الأمة ومستقبلها؟ويدفع بها للهاوية خدمة لأجنبي حاقد على العراق وشعبه الجريح.

إن قرارات الأستبعاد العشوائية لمفوضية الأنتخابات تشكك في مصداقيتها. و تبين لنا خلفية المفوضية. التي أختيرَتْ وفق مبدأ المحاصصة, التي دمرت البلاد فعاث فيها الأرهاب والفساد.كونها لم تُختَر وفق الأستقلالية والمهنية .وهكذا المفوضيات الأخرى التي سُمِّيتْ زوراً مستقلة,كمفوظية حقوق الأنسان.فهي مُمثلة لكتل وأحزاب وبعيدة عن الأستقلالية.وقراراتها متأثرة بوجهة نظر ومصلحة الكتل التي رشحتها.وكان نتيجة هذا التخبط إضطرار منتسبيها للأستقالة الجماعية.وإعترافها بضغوط عليها من السلطة القضائية والسلطة التشريعية.

إننا من إختار مجلس النواب الذي عين هذه المفوضيات و لم يكن إختيارنا صائباً و لا نحسد عليه.فلماذا نختار الجهلة الذين يدفعوننا للهاوية؟

أما القرار الأخير الذي صدر عن مجلس النواب بعم شرعية إستبعاد أي مرشح غير محكوم قضائياً فهذا جهل بإصول التشريع. فهو حبر على ورق. وليس ملزم. لأنه ليس بقانون مستوفي شروط التصديق والنشر بالجريدة الرسمية .وهذا جهل وتخبطٌ بالتشريع .وتأكيد على إن المجلس ليس مؤهلاً للتشريع. فهل نحن جهلة فنختار الجاهلين؟

هذا درس للشعب العراقي وعليه أن يتعلم منه, وعليه عدم إختيار الجهلة لأنهم دفعوا بالسفينة الى لجج مظلمة خطرة .فكفانا جهلاً .وحَرِيٌّ بنا أنْ نحسن الأختيار.فالأنتخابات أمامنا فلتكن النتائج تشرفنا. وتعطي العالم صورة حسنة عنّا.. ونقيم الدولة الحديثة وفق مفاهيم دولة مؤسسات المجتمع المدني, لا الدولة الفاشلة. نقيمُ دولة القيادة الحكيمة والرؤيا الواضحة ونستبعد اللصوص والمزورين والجلهة.فبيدنا مصيرنا ومصير أجيالنا. فلماذا نفرط به ؟ ولنتعلم من رسول الله (ص): لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. فهل نتعلم؟أم سيتكرر المشهد وتضحك منا الأمم؟يا أمةً ضحكت من جهلها الأممُ.