سعد الاوسي ,, قتيل السنة والشيعة...!! |
كلما فكرت في انتمائي وهويتي الطائفية تملكتني حيرة غريبة لا أعرف لها وجها ولا استدل منها على وجهة : هل أنا سني أم شيعي !! شيعي أم سني !!
ورغم سخافة السؤال وأهميته في هذه الايام السوداء بعد ان وصل جوابه الى تحديد بطاقة موتك من حياتك في لحظة مجنونة على يد داعشي قاتل أو سليمانيّ* سافل , الا انه يبدو حاضرا ماثلا مهما حاولنا تجاهله او ادعينا نكرانه في جلسات وعينا الوطني ومزايداتنا السياسية وغرورنا الثقافي , كم تبدو عراقيتنا فقيرة بائسة حين يكون اول سؤال يتبادر الى ذهنا احدنا مع الاخر : هل هو سني أو شيعي ؟؟ لا يعقل هذا الجنون الذي صرناه او صرنا اليه !!
اين كانت مخبوءة كل شهوة الدم وسعار الحقد المجرم هذا حين كنا في نشوة امتزاجنا ولحمتنا احبة وأصهارا واخوة واصدقاء وزملاء عمل وابداع وحزن وجرح ودمعة؟؟
هل كنا شيعة وسنة ونحن في فرح انتصاراتنا والم هزائمنا وجوع حصاراتنا ومكابراتنا ومثابراتنا وصبرنا الأيوبي المرير !!
انها ثمار الديمقراطية والتحضر الدانية القطاف التي حملت الينا بشاراتها الانسانية مكافأة لسنوات الالم الطويلة فكان اول غيثها الاحتلال والتشريد والاقصاء والحل والاجتثاث وحشد كبير من سفلة ولصوص السياسة الجاثمين على صدر آمالنا المهترئة ليهدونا في ختام وعد الحرية والديمقراطية الميمون سؤال حقير واحد : هل انت شيعي أم سني ؟؟
كيف تنطلي علينا مثل هذه الكذبة التافهة وتتحول الى هوية تحكم وتمسك كل مفاصل حياتنا ؟ وهل عجزنا ان نفهم فلسفة الحقيقة اليسيرة التي وصل اليها العلامة والمرجع الاسلامي الكبير محمد حسين فضل الله بعلمه العظيم وبفطرته الايمانية الصحيحة يوم قال : اذا كانت السنة هي اتباع سنة رسول الله فكل المسلمين سنة , وان كانت الشيعة هي حب آل بيت رسول الله فكل المسلمين شيعة .
منطق بليغ ورؤية واضحة مسكتة لكل افواه الفتنة والحقد التي تفحّ في وجوه براءاتنا ومحبات قلوبنا . هذا هو الدين الحق , وهو ليس شيعيا ولا سنيا ابدا , انه الفطرة الاولى التي جبلنا عليها رب الارباب كي نستدل بها على اليقين المنجي .
( ربما سيقول البعض في نفوسهم المريضة الان : ها هو سعد الاوسي يفصح عن هويته منذ البدء فيستشهد باقوال مرجع شيعي , ثم يحاول ان يضفي بعض الموضوعية بقوله مرجع اسلامي )
يا أولاد الافاعي والعقارب والثعالب والذئاب : استحلف اي شئ تؤمنون به ان تقولوا الحق ولو مرة, هل هذا منطق شيعة وسنة ام انه نور الله الحق الذي تعمون عن رؤيته عامدين !!
الى اي مدى يريد ركب الغباء والتخلف ان يأخذنا بعد ارث المعرفة والحكمة والعقل النير الذي علمنا به العالم اول احرفه وسننّا له فاتحة شرائعه .
هل علينا ان نسترجع الان ماضي مشاعرنا ولهفاتنا الجميلة لنسال حبيباتنا الأُوَل مثلا : هل كنّ شيعيات ام سنيّات ؟؟؟ كي يرضى عنا القادة والسادة والمراجع والمشايخ وكي نكون مؤمنين حقّ الايمان .
ثم ماذا سيكون لو تبين لنا ان احداهن تقف في ضفة الطائفة الاخرى ؟؟ هل علينا برمجة ذكرياتنا من جديد كي نقول لهن : لا حبّ لكن بعد الآن ولا ذكرى لانكن من الطائفة العدوّة .
لنقلّب ذكرياتنا ثانية بحثا عن مدرسينا الاوائل احبة القلب وعرابي طفولتنا الطاهرين , ونخمن : من منهم كان شيعيا ومن كان سنيا ؟؟
جيراننا الطيبون ,, زملاء دراستنا ورفاق العابنا الاولى ,, اقاربنا ,, اولاد وبنات خالاتنا على سبيل المثال , اتحدى اية عائلة عراقية تدّعي اليوم ان ليس لها من صميم اقربائها من هم في الطائفة الاخرى _العدوّة طبعا _ , هل يجب علينا الان ان نتبرأ منهم او نقتلهم في حروب قادمة كي نبدو مؤمنين مخلصين له الدين !!!!
وهل سنعيش الزمن القادم محكومين بعلاقات قربى وصداقة وحب وزمالة دراسة وعمل احادية عوراء لانها يجب ان تكون من ذات الطائفة فقط !!
وهل اذا احب احدنا امراة من الطائفة ( العدوّة ) فعليه ان يعيش مأساة روميو وجولييت حين منعهما خصام عائلتيهما ان يقترنا وانتهى امرهما بالانتحار حبا !!
استعدوا اذن ايها العاشقون الذين لايملكون لقلوبهم ومشاعرهم قيادا وتوجيها وحصرا وقصرا وتخصيصا لابناء طائفتهم فقط , اقول استعدوا لانتحارات وجراحات كثيرة لانكم لم تطيعوا تعليمات مراجع الطرفين من وكلاء الله على الارض واقترفتم جريمة الحب الممنوع عامدين .
الغريب اننا عشنا ازمنة طويلة لم يفلح كل تعصب الدين وتطرف غلاته ان يصمد بكل سطوته وجبروته امام قصة حب عراقية واحدة يمكن ان تحدث في اطراف مدينة عراقية نائية , لقد كانت مئات حكايا الحب الحالمات تطرّز مخدات احلام الصبايا في سمفونية رائعة مزجت بين مسلمين ومسيحين رغم انف الاعراف والتقاليد والتابوهات الدينية .
انه الحب ايها العراقيون , الحب الذي بنى وصنع الفرح والحياة وليس الحقد والتعصب والكراهية التي لاتحسن سوى لغة الموت السوداء , هل ترانا امام حماقة الاختيار بين الحب والحقد , بين الفرح والحزن , بين الحياة والموت !! وهل يحتاج مثل هذا السؤال الساذج الى خيار كي يحسم موضع اجابته !!
(اتعبتني علامات السؤال والتعجب الكثيرة في هذا المقال ولكني لم اجد سواها لغة مستنكرة للتعبير عن جنون ما نعيش ونختلف ونسأل حائرين بكل مافي الحماقة من هزل وغرابة )
احبس الان دمعة ساخنة عن الهطول تكاد تخالط الورق والكلمات , فانا لا استطيع ان افكر ابدا بعراق طائفي تحكمه التابوهات والموانع الدينية المخادعة , حقا لا استطيع ان افكر ابدا بعامرية سنية و حرية شيعية واعظمية وسيدية تتبع ابا حنيفة النعمان وتكفّر سواه و كاظمية و حرية تتبع جعفر الصادق وتقتل من يخالفه , ربما صادفت الطبيعة السكانية لهذا الحي او ذلك بعض هذا التنوع الديني والطائفي ولكنها لم تجرؤ يوما ان تضع حواجز وصبّات وميليشيات مسلحة كي تمنع ابناء الطائفة او الدين الاخر من السكن والعيش والحب المشترك , لم تستجب قلوب العراقيين يوما للمنطق الجيوسياسي او الجيو ديني كعوامل تقاطع وتفريق وظل بيت ابي سجاد وابي حسن مجاورا لبيت ابي عمر وابي مروان ولم يعرف عثمان يوما حقدا على كراّر في المحلة رغم انهما يتنافسان على قلب بنت واحدة , لقد كانت السماحة لنا عنوانا فحوّلها مجرمو السياسية وكذابو الدين وسماسرة الطائفية الى ذكرى بعيدة تكاد تكون وهما .
من يجرؤ منكم ان ينكر ان جميع المحافظات التي صارت تصنف الان على انها سنية لايكاد يخلو بيت منها من اسم علي وحسين و حسن وزيد وجعفر وحيدر , ان لم يكن في الابناء ففي الآباء والاجداد !!
وهل يمكن ان يدعي احد ان هناك بيتا شيعيا رفض خاطبا لاحد بناته لمجرد كونه من ابناء السنة !!
اذا كان بينكم الان من توسوس له شياطين تعصّبه كي يقول غير ذلك فليرفع صوته كي ادمغه بالف برهان ودليل حي , أو فليصمت الى الابد .
لقد تداعى في ذهني كل هذا القدر من الحزن والاسئلة بعد ان اكتشفت اليوم ان حمى الطائفية السخيفة تحاول ان تمس اطرافي , اجل لقد وصلتني نار شيعي وسني امس باقلام حمقاء تحاول ان تركب هذه الخرافة للاساءة الي , انا الذي يقسم حقا وصدقا انه لايعرف الفرق الدقيق بين كون شيعيا او سنيا , انا العراقي العربي الكردي التركماني المسلم المسيحي الصابئي اليزيدي الشيعي السني , والذي يقسم بالله وانبيائه وملائكته واوليائه وسماواته وأرضيه انه لايعرف لنفسه هوى دينيا او طائفيا محددا حين يتعلق الامر بوطنيته الصادقة الراسخة اللهم الا ما يخص سلوك العبادة مع الخالق العظيم وذلك سرٌّ بيني وبينه لايملك احد ان يدخل فيه او يدعّي النيابة عنه في رحمته وعدله .
اليوم , وفي اول مفترق طريق وخلاف لي مع بعض ديناصورات وخراتيت السياسة والاعلام من ادعياء الايدلوجيا العلمانية والقومية الدجالين الكاذبين حضورا وغيابا تنبري لي اقلامهم ذات الحبر العفن وتنفتح علي بوابات قيحهم لتقول : انتبهوا فان سعد الأوسي شيعي ,, بل شيعي يعمل مع السنة ويخفي عنهم حقيقته الطائفيه أأأأأأأأي غباء هذا جعلكم تهاجمونني من امتن وأحصن مواضع شخصيتي وكياني , لقد عدت الى كثير مما سطره قلمي طوال سنوات كي ابحث عن هويتي الشيعية فلم اجد لها ملمحا ولا لونا ولاطعما , ثم عدت متقصيا عن ولاء ونفس طائفي سني ربما قفز الى قلمي في غمرة دفاعي عن مظلوم منهم , فلم اجد صوتا ولا صورة , ارتديت نظارتي قصر وبعد نظر ثم حملت مكبّرة وتتبعت اثار كلماتي في الصحافة والتجمعات والحوارات والنقاشات والجلسات والمؤتمرات فما وجدت لذلك صمتا ولا صدى , من اين جاؤا بهذه الاباطيل اذن ؟؟ فكرت قليلا ,, هاااااا , انهم يعدّون عملي مع الشيخ الصديق خميس الخنجر موضع اتهام طائفي , بينما تحمل هذه التهمة على جناحها دليل براءتين لا براءة واحدة من كيد ما يدّعون , فمعنى ان يعمل من يتهمونه طائفي سني مع من يتهمونه طائفي شيعي بهذا التناغم والمحبة وروح الرجل الواحد لهو اكبر دليل على غباء وحماقة هؤلاء وسخافة ادعاءاتهم, وهو في الوقت ذاته دليل دامغ آخر على وطنية الرجلين وعراقيتهما الراسخة غير المشوبة بكل امراض مابعد الاحتلال الامريكي البغيض .
لماذا الحديث عن براءات وتهم وادعاءات , هل نحن متهمان حقا حتى نسوق ادلة البراءة وقرائنها وبراهينها ؟؟
اجل نحن متهمان , ولكن ليس عند نفوس العراقيين خالصي الانتماء بل عند النفوس المريضة المتأرجحة بحبال المصالح والمكاسب واللاعبة بكل الاوراق والاحجار كي ترسم لنفسها ظل موقف وطني او تحجز لاقدامها المتهرئة موضعا في المسار الحق , والحقيقة انهم اوهى واوهن من خيوط العنكبوت امام الخيارات الصعبة التي تقسم الرجال وتنزلهم منازلهم يمينا او يسارا في اعلى عليين او في اسفل سافلين .
انظروا حولكم ايها الضعفاء ايها الحمقى الباعثون على الشفقة والازدراء , أما آن لكم ان تترجلوا من بغالكم العور لعلكم تلحقون ركب الفرسان المنطلقين نحو الشمس, ترجلوا وواجهوا انفسكم لمرة قبل الموت , انظروا الى المرآة , حدقوا فيها جيدا, ماذا ترون ؟؟
بالتأكيد لن تروا شيئا , الم اقل لكم انكم حمقى .
اني لأفتح عيني حين افتحها على كثيرين لكن لا ارى احدا
|