اوهام تشوه الجدران

 

لازال جدار المجتمع تشوهه الخرافات البالية بأساليب الجاهلية الاولى, رغم التطور الهائل الذي يعيشه الانسان في عصر العلم والفكر والتكنولوجيا, ورغم الجهد والوقت وبذل الغالي والنفيس الذي يقدمه العلماء والمثقفين في سبيل القضاء على تلك الآفات الخطيرة التي تقتات في ظلام وسبات الانفس الفاقدة للأمل في حياة افضل.
المحاولات الصعبة التي يقوم بها بنُاة المجتمع من الذين اخذوا على عاتقهم تلك المسؤولية وعاهدوا الله على العمل بكل ما لديهم, مستمرون بكسر حواجز الخوف في النفوس بزرع نور المعرفة, والعمل على هدم جدار الجهل والتخلف, ومحاولة بناء الجدران الجميلة الجديدة التي تتناسب والتطور الحاصل في المجتمعات, واعادة طلاء وتلميع الثابت منها لإظهاره بصورة اكثر اشراقاً مع الحفاظ على مكانته التاريخية واصالته.
تستوقفنا الكثير من السلبيات في مجتمعنا, فترانا نلعن الجهل والتخلف تارة ونقصر البعض منا في اداء واجباته في الاخرى, في حين يلتمس بعضنا العذر لمن يقوم بتلك الاعمال الغير صحيحة, في محاوله لتخفيف حدة الضرر الناجم عن ارتكاب تلك الافعال الخاطئة والمشينة بحق المجتمع الذي يجمعنا.
لكن تستوقفنا بعض السلبيات التي لها امتدادات خطيرة على مستقبل الاجيال, فالجميع يدرك بان الام مدرسة, ورحم الله احمد شوقي حين اوضح دور الام في المجتمعات " مــن لــي بـتربية الـنساء فـإنها, فـي الـشرق عـلة ذلـك الإخفاق, الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا, أعـددت شـعباً طـيب الأعـراق", ويعَّي الجميع الدور الكبير للام في اعداد جيل من الابناء قادر على ان يغير الواقع المرير.
يقال للضرورة احكام, وقد ادخلتنا الضرورة الى مرحاض النساء في احدى الاماكن العامة, لتصيبنا الدهشة والذهول في رؤية مشهد يعيدنا الى زمن السحر والشعوذة, وقت استغلال الاماكن النتنة لتمرير الاعمال الخبيثة والشريرة, لكن ارى هرمس وافلاطون وارسطوطاليس وذو مقراط والحكيم بطليموس ومن تابعهم يقف متحيراً امام الجهل المفرط الذي وصلت اليه الام المدرسة التي تحت اقدامها تكون الجنة.
الجدران شوهتها تلك الكلمات الغريبة العجيبة التي خطتها انامل الكثير من النساء الامهات وبناتهن, وهنّ يخدشنَّ الجدار والذوق العام, بكتابات ما انزل الله بها من سلطان, في محاولة لتغير واقع مرير يعشنَّه, لكن بطريقة خاطئة تعكس الجهل المفرط الذي وصلت اليه نسائنا في القرن الواحد والعشرين, وحين سؤالنا المسؤول عن ذلك المكان عما رأينا؟, تبسم ضاحكاً, وقال " بين الحين والحين نقوم بطلاء الجدران بأصباغ يمكن ازالة الكتابة من عليها لكننا نتفاجأ باستخدام اقلام كتابة تحفر حروفها في الجدران, وتتكرر هذه الحالة دون ايجاد حل لتلك المشكلة !!".
ومن تلك المشاهد ارى ان البعض من الامهات لازلنَّ قابعات في قعر بحر الجهل, في زمن يسير العالم للبحث عن ارقى اساليب التربية الحديثة للأبناء, واعاتب الكثير من الرجال الذين يجعلون اجسادهم سبورة لملذات زائلة, ويتركون لنسائهم البوح على جدران الاماكن العامة .