تجاهل العلماء العاملين سبب نكسة الامة

 

بعد ايام قليلة تمر علينا الذكرى الرابعة والثلاثين لاستشهاد العالم العربي ووحيد عصره وزمانه السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، حيث توافق التاسع من نيسان. ولا بد من تسجيل كلمة وموقف نستذكر بها هذه الشخصية العظيمة التي تركت بصمة في تاريخ العراق الحديث خصوصا ، وفي تاريخ الحضارة العالمية عموما. ولا بد من استقاء العبر والدروس من حياته (قدس سره) لانها حافلة بالاحداث والعبر والدروس التي نحتاجها في يومنا هذا، حيث ان هناك تشابها كبيرا بين ما مر به الشهيد الصدر (قدس سره) وما لاقاه من الحوزة خصوصا من عداء وحملات لتسقيطه، وبين ما نعيشه اليوم من حرب تشن على القيادة الدينية متمثلة بالمرجع اليعقوبي (دام ظله) وهو خط اهل البيت (عليهم السلام) في الحوزة العلمية الذي لا انقطاع له حتى يأذن الله سبحانه بظهور الحجة القائم (عليه السلام).

قبل مدة من الزمن قامت روسيا بصناعة نصب للشهيد الصدر (قدس سره) وضمه لمجموعة العلماء الذين كان لهم اثر على الانسانية والمشاركة في ازدهارها، على الرغم من ان الروس هم اكثر من نالتهم الخسارة نتيجة كتاباته، فهم يمثلون رأس المعسكر الشيوعي الذي قام الصدر بمناقشة افكارهم ومتبنياتهم وفندها، كما اسهمت افكاره في تخلخل معتقداتهم التي عملوا عليها سنين طويلة. الا ان هذا لم يحل دون الاعتراف به كعالم تفرد في ما طرحه وقتها.

هذه الشخصية التي اعترف بفضلها من يختلف معه بكل شيء الا الانسانية، ماذا كان موقف الحوزة التي كان ينتمي اليها ظاهرا؟ وكيف تعاملت معه في حياته وبعد وفاته؟ وهل كانت هذه الحوزة ــ الكلاسيكية ـــ تمتلك الاخلاق والامانة العلمية التي يتحلى بها من يتهمون بالكفر والالحاد؟ وهل تستطيع هذه الحوزة ان تتخذ موقفا نبيلا في يوم ما ؟؟

ان الشهيد الصدر (قدس سره) لاقى من الحوزة اشد مما لاقاه من البعث. [1]

فالقيادة الكلاسيكية هي من يملك الاموال والسطوة وهي التي تقود الحوزة لما تمتلك من نفوذ وتسلط على مر الاجيال. لا يمكن ان نستقصي كل المواقف السلبية المنهجية التسقيطية التي مارستها ضد الشهيد الصدر في هذه العجالة، طبعا لكثرتها، لكن سأكتفي ببعض ما يمثل الجوانب المتشابه الى حد ما.

اولا: مارست الحوزة الكلاسيكية حملة لابعاد الطلبة الذين كانوا يأخذون الدرس عند الصدر وبشتى الوسائل والطرق، تارة بالتأثير على اقارب الطلبة لمنعهم من الحضور، فقد تعرض السيد محمود الهاشمي لضغط من قبل اعمامه، كما تعرض السيد عبد الهادي الشهرودي لضغوطات شديدة، كما انقطع الشيخ مفيد الفقيه الذي كان يتألم لذلك ويكاد يبكي احيانا لان قلبه مع استاذه، ولكن الضغوطات شديدة عليه. وهذا ماكان يعرفه الشيخ علي الكوراني، الا انه انكر بعد ذلك، فقد سأله احدهم يوما ما عن سبب ترك الشيخ الفقيه للصدر، فاجاب قائلا: انه لما رأى ان السيد الصدر يأخذ مطالب غيره ويلقيها في درسه على انها مطالبه. ترك الدرس.[2]وليس غريبا من الكوراني تعدد الشهادات، فهناك كثير من مواقفه وشهاداته تتغير تبعا لتغير الاوضاع.

كما انقطع السيد محمد باقر الحكيم عن درس السيد الصدر الى هجرة السيد الخميني (قدس سره)، وحين سأله الصدر عن سبب الانقطاع قال: اني متحير بين الاخذ بافكار الوالد وبين الاخذ بأفكاركم، فأجابه الصدر: ان المسألة ليست من قبيل مانعة الجمع. الا انه استمر على عدم حضوره.[3]

وتارة اخرى بمنع المساعدات عن طلبة السيد الصدر وقطع رواتبهم، فقد جرى تصنيف الطلبة الى اصناف في مقدمتهم طلبة الصدر، فمن كان له ادنى اتصال به فانه يمنع من كل شيء، وقد مارس هذا الدور بشكل رئيس السيد يوسف الحكيم الذي كانت مواقفه السلبية تجاه السيد الصدر واضحة وكثيرة. فقد كان يسأل كل من يتقدم بطلب مساعدة الزواج عما اذا حصل على اعانة الزواج من السيد باقر؟ ويقصد السيد الصدر، لمعرفة طبيعة العلاقة معه وترتيب الاثر اللازم على اكتشاف علاقة من هذا القبيل. كما هو حال المرجعية (العليا) فانها لا تصرف المساعدات لمن ثبت ولائه لمرجعية اخرى، اما اذا كان يظهر الولاء لها، فانه يحصل على اكبر قدر ممكن من الاموال.

ثانيا: اتهامه بالتسنن، فقد اتهم السيد الصدر بانه سني او وهابي وغير ذلك، لما ادرج كتابه (بحث حول الولاية) ضمن قائمة الكتب التي رفعت الدولة الحظر عنها، علق احد العلماء ـــ من ال الحكيم ــ على الموضوع بأن السبب في ذلك هو ان الكتاب يخدمهم، ولما بلغ ذلك السيد الصدر تأذى وحول اصل الموضوع كتب فيما بعد لاحد طلابه: (وعلى أي حال فأعلم يا ولدي ما مر به ابوك من مراحل في حياته وما شاهده بعينه وسمعه بأذنه ووصل اليه من الضجيج والكلمات حوله واتاهامه حتى بما يشبه التسنن، وهو اعرف خلق الله بأنه من ابعد خلق الله عن ذلك وان التشيع يجري في عروقه كما يجري الدم).[4]

وذات يوم دخل السيد الصدر الى مجلس درسه يبدو الحزن على وجهه، فسأله السيد ذيشان حيدر جوادي عن سبب ذلك، فأجابه السيد الصدر: (ان الوضع في الحوزة قد بلغ حدا لا يمكن فيه للعالم ان يعيش حياة علمية ذات صيغة فكرية حرة: الان كنت في احد مراسم الفاتحة، وجرى الحديث عن كتاب صدر حديثا في الاصول المقارن بين مختلف المذاهب الاسلامية . وقد استدل المؤلف على اصالة الفكر الشيعي بأنهم يتبعون ائمتهم على اساس عصمتهم بآية (يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله والرسول واولي الامر منكم) بأن الطاعة فيها مطلقة، والاطاعة المطلقة لا تصلح الا للمعصوم. فقلت ان هذا الاستدلال قد يرد عليه ان الاطلاق انما يؤخذ به اذا لم يكن هناك قدر متيقن، والقدر المتيقن هنا ان اولي الامر يجب اطاعتهم اذا لم تكن اوامرهم مخالفة لامر الله والرسول، وفي هذه الحالة كيف يؤخذ بالاطلاق ويستدل به على عصمة اولي الامر.. فبدل ان يجيب احد الاشخاص عن هذا الاشكال رد علينا بأنك فاسد العقيدة ، وان انكار العصمة لا يتأتى الا من قبل انسان فلسفي يشتغل بالمسائل الفلسفية.. فاذا بلغ الوضع هذا الحد من السذاجة والعصبية فعلى الاسلام السلام).[5]ويبدو ان هذا الكتاب هو للسيد محمد تقي الحكيم.

وللاسف فان هذا هو حال القيادات الكلاسيكية، فانها لا ترد ردا علميا وانما تكتفي بالتسقيط والتشويه، فاما انهم يتهمون المقابل بإتكار العصمة، او الوقوف ضد الشعائر الحسينية، لما لها من تأثير على بسطاء الناس، فان من يحاول ان يوعي المجتمع ويلفت نظره الى ما يجب الالتفات اليه وكشف زيف المتصدين المتقمصين، وتهذيب الشعائر الحسينية وتنزيهها من الاضافات والمدخلات الزائفة، فانهم سيتهمونه ويهرجون ويملأون الدنيا ضجيجا.

ثالثا: لم يكتف بعضهم بتسقيطه واتهاماته، وانما هناك وشايات صدرت من ابناء اكبر مرجعية في العالم، فقد بلغ السيد الصدر ذات مرة ان السيد جمال الدين الخوئي قال لمدير امن النجف: ماذا تنتظرون بالصدر، هل تريدونه خمينيا ثانيا في العراق؟ لماذا لا تعدمونه؟ ولم يعلق السيد الخوئي على ذلك بشيء. فقال السيد الصدر عندما بلغه ذلك: غفر الله لك يا فلان، ان قتلوني اليوم، قتلوكم غدا..

وقد صرح السيد فضل الله ان السيد الخوئي على الرغم من انه كان جيدا تجاه السيد الصدر الا ان حاشيته والمحيطين به ــ وخاصة ابنه السيد جمال الدين ــ كانوا لا يطيقونه ، وربما تمنى السيد جمال الدين موته. وكان لا يخفي امتعاضه من السيد الصدر وطلابه وانصاره واتهامه اياهم بالحزبية.[6]

رابعا: اتهامه بشتى الاتهامات، منها عدم الاجتهاد وبطلان تقليده. وقد اثيرت حوله شبهة مفادها: انه عاطفي لا يصلح للمرجعية. والقيادة والمرجعية يجب ان تكون للاشداء الاقوياء فقط، اما العاطفيين الذين ترق قلوبهم او تدمع عيونهم لهذا او ذاك فلا.[7]

وكان يجيب عندما تصله هذه الاتهامات بقوله: (ماذا يريدون هؤلاء مني. هل يريدون ان اتعامل مع الناس بجفاء وخشونة، هل يريدون ان لا امنحهم حبي، اذ كيف يمكن للاب ان يربي ابناءه بقلب لا يحبهم، اليس هؤلاء هم الذين سيحملون راية الاسلام ويدافعون عن كرامة القران. اذا كنا لا نسع الناس بأموالنا فلماذا لا نسعهم بأخلاقنا وقلوبنا وعواطفنا؟ ).[8] وكان لا يرضى ان يطلق عليه عاطفي، قال لانه يحمل معنى سلبي.

فأنظر ما هو المقياس الذي تقاس عليه القيادة، وما هي نظرتهم للمجتمع ، فهل هذه هي الصفات التي لا بد ان تتوافر في القيادة بحسب منهج اهل البيت (عليهم السلام)؟ أي قول الامير علي (عليه السلام ) لمالك واستشعر قلبك الرحمة للرعية؟ وهل يصح ان تكون المنقبة التي يجب توافرها في القيادة الدينية وهي التفاعل مع اصحاب الحاجات والملمات اصبح عيبا؟؟ سبحان الله..

ونتيجة هذه الحملات التي انطلت على كثير من السذج وصل ببعضهم الحال الى انه يشيح بوجهه الى الجدار حتى لا يرى السيد، وبعضهم يذهب من شارع اخر حتى لا يضطر الى رد السلام على السيد. وبعضهم كان يمسك كتاب (فلسفتنا) بعبائته حتى لا تنتقل اليه النجاسة! فأي مستوى اوصلت هذه القيادة اكلاسيكية البائسة هذا المجتمع من الحقد على هذا العالم العظيم؟ في حين ان الصدر الثاني قال عنه : انه اعلم اهل زمانه..

وكان يجيب بعضهم عندما يسال عن السيد الصدر: انه من الفضلاء. وهو لا يريد مدحه طبعا بل انه ينتقص منه، لانه يعده من فضلاء الحوزة وليس من مراجعها، وهي نظرة موجودة عند بعضهم، فانهم لا يعترفون بالاجتهاد للشخصيات العربية عموما والعراقية خصوصا. فان هناك ترسيخ لهذه الفكرة على مدى القرون الثلاثة الاخيرة. منبعها هيمنة جنسيات اخرى على المرجعية، وبدفع مباشر من الاحتلال البريطاني.

فكان بعض موزعي رواتب المراجع يتعاملون مع السيد الصدر على انه طالب عادي، فكانوا يقدمون له شهرية قيمتها خمسة دنانير كباقي الطلبة، ومرة قال للشيخ عفيف النابلسي وهم يسلمونه المبلغ : (تأمل هذا التعامل، لا يريدون الاعتراف بأني اوزع كل شهر اكثر من عشرة الاف دينار على الطلبة، ولا زالوا في هذه المعاملة المحقرة).[9]

خامسا: كان ينسب السيد الصدر الى الضلال لا لشيء الا لانه ينادي بإقامة الحكم الاسلامي على اسس الكتاب والسنة.[10]

ويظهر انها سنة القيادات الدينية الكلاسيكية انها تحارب من يريد ان يكون الحكم على وفق الشريعة، بالامس يحاربون الشهيد الصدر لانه اراد ان يقود الاسلام الحياة وليس المزاجات والاحتكام الى الجبت والطاغوت، فما اشبه اليوم بالامس!!

سادسا: اتهام السيد الصدر بالحزبية، وانها مخلة بمقام المرجعية، وطبعا هذا متبنى المرجعية الكلاسيكية، وقد صوروا للمجتمع ان المرجعية اذا اسست حزب ما او انها تدخلت في القضايا السياسية ، فانها لا تعد مرجعية، والى يومنا هذا هناك كم كبير من المجتمع يعتقد بهذه الشبهة التي رسختها تلك القيادة.

والحقيقة مغايرة تماما لما رسخته هذه المرجعيات، فان القيادات الدينية المرتبطة بخط اهل البيت (عليهم السلام) تمتلك مشروعا متكاملا، سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، ولا بد من تطبيقه في المجتمع، لانها الوحيدة القادرة على تشخيص المصالح والمفاسد، اما مقولة ان المرجعية لا بد ان تكون بعيد عن تأسيس الاحزاب فهي دليل انهزام وبعد عن المصدر الحقيقي وهم اهل البيت (عليهم السلام) الم يؤسس علي بن ابي طالب (عليه السلام) شرطة الخميس؟ ليكونوا له اليد الضاربة التي بها يستخلص حقوق الناس ويقيم العدل، لانه يحتاج لاشخاص ينفذون رؤيته على ارض الواقع. اما الذي لا يمتلك مشروعا وليس في نيته اقامة شرع الله في الارض فانه سيجد الاعذار والحجج ليسوغ لنفسه الدعة والسكون، واتباع ما يملى عليه من خارج هذا الدين. فالقيادات الدينية التي تمثل نيابة المعصوم بحق تسعى بكل جهدها وان تقول عليها من يعد مرجعا او غير ذلك الى اقامة المشروع الالهي على ارض الواقع، وهذا يستلزم نقل رؤاها وترجمتها وصياغتها بشكل قانوني سياسي يتلائم مع الظروف التي يعيشها المجتمع. فتأسيس الحزب من القيادات الواعية هو عين الصواب، وهو يدلل على وعي القائد وامتلاكه مشروعا متكاملا.

في الختام عاش الشهيد الصدر الاول حياة صعبة قاسية مليئة بالالام والاهات، والحوزة الكلاسيكية هي من تسبب في جعل حياته بهذا الشكل، ولم تستفد من علمه واثاره الخالدة، بينما شخصه الاخرون البعيدون عن الاسلام واستطاعوا ان يترجموا علومه وكتبه الى مناهج عملية اسهمت بتطورهم وازدهار ثقافتهم.

واليوم تعيش الامة حالة مماثلة الى حد كبير، فالقيادات الدينية الكلاسيكية وبمعونة شياطين الانس وكل قوى الاستكبار العالمي اجتمعت على مواجهة قيادة العصر ووحيد زمانه المرجع الشيخ محمد اليعقوبي يحاولون بكل امكاناتهم ان يسكتوه عن قول كلمة الحق وانقاذ الامة من ايادي الظالمين والمضللين وان يجعل من هذه الامة امة حية تأخذ دورها الحقيقي في بناء الحضارة العالمية. فأستخدموا التسقيط والتشويه، والتضليل الاعلامي، وتزييف الحقائق وقلبها، الى اخره من الطرق الشيطانية. الا ان الوعد الالهي بالنصر لا بد من تحققه (والعاقبة للمتقين).

كما و واوصي اخوتي العاملين الرساليين بالاستمرار على نصرة هذه القيادة الحقة، ولا يضرنكم من يحاول ان يكون ذنبا وتابعا لعدو الدين والاسلام. ويكفيكم فخرا ان الله ينظر اليكم ويرحم الامة بسبب وقوفكم المشرف لاحياء الحق ونصرته، فلولا هذه الثلة المطيعة لله ورسوله واولي الامر لما نزل الغيث ولاصطلمكم الاعداء. واخيرا لا بد ان نلتفت الى مسألة مهمة : على الرغم من ان الجميع تنادي بأسم الزهراء (عليها السلام) وان ما يرضيها يرضي الله وما يسخطها يسخطه، ها هو مرجعنا الشيخ اليعقوبي يحيي امرها وشيعها نهارا جهارا، وهذا بكل تأكيد يسر مولانا صاحب الامر ورسول الله (صلى الله عليه واله) الا ان من كان يقول بظلمها يشارك من ظلمها واسقط جنينها بالتعتيم على احياء امرها ، فان شياطينهم من الانس وسوسو لهم بالتكتم على اجتماع الالاف من المشيعين لها، وكلهم يمتلكون قنوات اعلامية الا انهم صمتوا كصمت القبور. فهذا يدل على انكم على خير وكفى بالله ناصر..



[1] ــ السيرة والمسيرة، احمد عبد الله ابو زيد العاملي، ج3 ص 123. نقلا عن صحيفة لواء الصدر، العدد (445) 19 رمضان 1410 هـ في حديث مع الشيخ اديب حيدر.

[2] ــ المصدر السابق ص 124.

[3] المصدر والصفحة.

[4] ـــ المصدر نفسه ص 126.

[5] ـــ المصدر نفسه ص 127.

[6] المصدر نفسه ص 129.

[7] شهيد الامة وشاهدها.

[8] ــ المصدر السابق.

[9] ــ السيرة والمسيرة ج3 ص 133

[10] ــ السيرة والمسيرة، ج3 ص 132، في حديث للسيد كاظم الحائري نشرته صحيفة (بدر) في العدد 93