ولاية الفقيه .. لا ينسجم

 

 أثارت تصريحات النائب العراقي عبدالحسين عبطان القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى عن ولاية الفقيه، استذكاراً للشجون في الخلافات داخل البيت الشيعي ما بين الإفصاح عن اتباع ولاية الفقيه أو عدمه، لكونه ولي أمر المسلمين كما يرى الكثير من قيادات هذا البيت وهو آية الله علي الخامنئي، الزعيم الإيراني، والمرجع السياسي للأحزاب الشيعية التي ترى أن بيضة الإسلام (الشيعية) الأهم في الصراع الدائر في المنطقة. 
في وقت يرى البعض الآخر من ذات البيت الشيعي ان الإفصاح باتباع ولاية الفقيه في عراق اليوم، تعني المواجهة ما بين الفئات الاجتماعية، وعدّ النائب عن كتلة المواطن التابعة عن المجلس الأعلى الإسلامي عبدالحسين عبطان، ان نظام ولاية الفقيه لا ينسجم مع العراق ولا يخدمه، وقال في حديث متلفز إن «العراق فيه طوائف ومكونات وطوائف متعددة، وبالتالي فإن المجتمع العراقي لا ينسجم معه نظام ولاية الفقيه ولا يخدمه»، مبيّناً ان «العراق يختلف عن الدول والمجتمعات الأخرى»، لكنه استدرك بالقول إنه «ليس مع فصل الدين عن السياسة لأن الدين هو الأخلاق والسياسة بحاجة الى الأخلاق».
هذه المقاربة بين السياسة والأخلاق الإسلامية، تكمن في ذلك التعارض الواضح ما بين الطروحات عن إسلام ليبرالي وإسلام راديكالي، فيما واقع الحال يؤكد ان الدين الإسلامي لا يمكن أن يربط بالتطبيقات الليبرالية لتبادل السلطة عبر الاقتراع العام لوجود نظام الخلافة والمبايعة، وصلاحيات الحاكم الإسلامي وفقاً للتفسيرات الشرعية بكونه النائب عن الإمام الثاني عشر الغائب «عجل فرجه الشريف»، في وقت مازال القرن الحادي والعشرين بانتظار تحديثات فكرية لنظام الحكم الإسلامي، سواء في الفكر الشيعي او السُّنّي، لتجاوز هذه العقدة الافتراضية، ما بين رفض المجتمع الدولي لاسيما الأمريكي لنظام الحكم الإسلامي واتهامه بترويج الإرهاب، انطلاقاً من أحداث الحادي عشر من ايلول في تفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك وما انتهت اليه عمليات تنظيم «القاعدة» الإرهابية، التي تروّج الجانب المظلم عن الفكر التنويري الإسلامي، وما بين النموذج الشيعي في حكم الولي الفقيه، بالشكل الذي يمنح رجال الدين السلطات الدنيوية، باعتبار أن الإسلام هو دين ودنيا، لتنال ذات الاتهام بالظلامية وعدم التطابق مع المعايير الدولية لأخلاقيات الحكم الحديث. 
مشكلة فكرة «ولاية الفقيه» أنها تستعيد فرضية الحكم للأجنبي وفقاً لمنظور التقوى الإسلامي، في حين ينظم القانون الوضعي التعاملات الدولية على اساس شرعية الدولة، فالتعاطي مع الولي الفقيه (الأجنبي) يعدّ قانوناً نوعاً من إطاعة الأجنبي او التجسس لصالحه، وهو الأمر الذي يوقع أصحاب نظرية ولاية الفقيه في مطب دستوري وقانوني، لتوصيف نوع التعامل بين شخصيات عامة في عراق اليوم وبين الخامنئي في إيران، والمعروف أن ما وصل اليه نفوذ طهران داخل البيت الشيعي العراقي إنما ينطلق أصلاً من هذه النظرية، فهل تصحّح الانتخابات المقبلة هذا التعارض الذي جعل المتظاهرين في ساحات الاعتصام يصفون حكومة المالكي بـ«الصفوية»؟!