لم تتغير اساليب ووسائل الحملات الانتخابية للمرشحين لكسب الناخبين او اقناعهم ببرامجهم الانتخابية كثيرا عن سابقاتها من الحملات الانتخابية , شعارات تستهلك نفسها , تغيير , بناء , تطور, تقدم . خدمات , اسكان , تعبيد طرق , وخدمات وما الى ذلك , وبدأت شوارع المدن واعمدتها وواجهات مبانيها تغص بالمعلقات التي تحمل صور النواب وشعاراتهم تلك ,وتعاد هذه المعلقات على شكل منشورات عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي , ورغم ما يعاب على هذه المعلقات كثرتها وتشويهها لبيئات المدن خاصة مع أول منخفض جوي بسيط قادم فانها بدت مزعجة كثيرا للمواطن ليس لانها تحمل تلك الشعارات انما لان هذه الشعارات لم تتحقق خلال اكثر من عقد من الزمان مضى على العملية السياسية التي تحولت الى مجرد صراع باسم الطائفة او القومية اوالعرق او غيرها في ممارسات ابتعدت كثيرا عن الوطنية الحقيقية وارست قواعد قوية لمحاصصة عقيمة باسم التوازن بين الطوائف والقوميات , وما الحقته هذه المحاصصة بالعملية السياسية من انتكاسات سوف لن تصحو منها الا بعد وقت طويل وجهد جهيد , وحقيقة الامر ان هذا الموقف من الحملات الانتخابية تجسد منذ وقت مبكر على الاستعداد للانتخابات حيث ابرزت وسائل الاعلام ومازالت رايا عاما سلبيا ازاء المرشحين القادمين قبل ان تعرف من هم وماهي برامجهم ووعودهم الانتخابية ومازال هذا الموقف يتصاعد كل يوم على لسان المواطنين في انحاء العراق , ما يؤشر ضعف اتجاهات الراي العام ازاء المشاركة في الانتخابات تأسيسا على ذلك باستثناء فئات من الجمهور تعيش حلمها بضرورة التغيير وفي ذلك دعوة للمشاركة في الانتخابات ولكنها ضعيفة ولا اعتقد ان مفوضية الانتخابات بما لديها من اجهزة وامكانات مادية او بشرية في اطار التثقيف الانتخابي قادرة على حث الجمهور او تشجيعهم للمشاركة في الانتخابات وان كان ذلك ليس من واجبها الرئيس , انما يناط هذا الواجب بالكيانات والاحزاب السياسية وهي ليست في موقف يميزها عن المفوضية بل قد تتاخر عنها كثيرا في هذا الجانب رغم القدرات المالية العالية لدى الكثير منها , فاين يكمن الحل في اعداد أو خلق حملة اعلامية انتخابية مؤثرة في الناخبين سواء للمشاركة او لاختيار المرشحين ؟ . للاجابة على هذا السؤال المهم ينبغي ان تأخذ تلك الحملات باعتبارها ضرورة مغادرة الجانب التقليدي الذي اشرت اليه قبل قليل والكف عن الادعاء بالبناء والاعمار وتوزيع المساكن وتعبيد الطرق وتشغيل العاطلين وغير ذلك من الوعود التي لم تلق اذانا صاغية من الجمهور الذي يئس منها في الدورات البرلمانية السابقة وسوف يحصل مطلقوها على نتائج مخيبة للآمال , لذا يجب ان تاخذ حملة الكيانات السياسية بعدا ستراتيجبا في التخطيط يتم من خلالها تشخيص اسباب الفشل السابقة وطرح الحلول الواقعية لها من خلال رؤية وطنية شاملة لجميع المشكلات التي اعاقت التقدم الاجتماعي والسلم الاهلي وبناء الدولة ومؤسساتها على اسس وطنية غير طائفية او قومية او اثنية والكف عن اي شكل من اشكال الصراع والتسقيط السياسي وبتقديري ان القوى التي بدات تصف نفسها بالمدنية والديمقراطية وهي على نقيض من كيانات الاسلام السياسي المذهبي او القومي هي المؤهلة نظريا في طرح ستراتيجية اعلامية في هذا الاتجاه لكنها غير قادرة على التنفيذ الفاعل لضعف امكاناتها المادية وافتقارها الى وسائل الاتصال المؤئرة في الجمهور كالفضائيات ودور النشر والمسموعات وحتى المؤتمرات الجاذبة للناخبين في الزمان والمكان المعينين , بمعنى آخر ان نجاح الحملة الانتخابية للقوى المدنية رهن بتوفر تلك الامكانات ’على النقيض من الكيانات التي توصف بالكبيرة ربما لعدد مقاعدها السابقة او قدراتها الاخرى المعروفة , ولكننا ايضا لانستبعد ان تغير شيئا من ستراتيجيتها الاعلامية للاتصال بالناخبين من خلال رسائل ذات طابع وطني يهدف الى اعادة بناء الدولة من جديد بعيدا عن المحاصصة والطائفية والقومية الاحادية المبتعدة عن مصالح القوميات والمكونات الاخرى في الوطن, لكي تضمن صعود خطها البياني في عدد المقاعد ويبدو انها قد سعت اليه فعلا وهو موقف شجاع يسسجل لها في هذه المرحلة ’ وما يؤكد هذا الامر ان هذه الكيانات الكبيرة وهي من كيانات الاسلام السياسي بدأت تستقطب المرشحين المستقلين واللبراليين من اصحاب الفكر والثقافة المعاصرة الذين يمتلكون رؤى متناغمة مع التطورات في بناء مؤسسات المجتمع الديمقراطي على اسس سليمة تحكمها القوانين النابعة من حاجة المجتمع الحقيقية والمنسجمة مع حقوق الانسان مثلما فعلت كتلة المواطن بقيادة السيد عمار الحكيم’ كما عبر بعضها عن ستراتيجبة جدبدة لاقناع الناخبين وهي العمل في حالة الفوز بمقاعد كبيرة عدديا الى التأسيس لحكومة ديمقراطية حقيقية تمثلها الاغلبية وتعارضها الاقلية كما فعلت كتلة دولة القانون برئاسة السيد المالكي, فيما عبر البعض الآخر عن اهمية التغيير دون ان يشير الى نوع التغيير المنشود هل هو تغييرالاشخاص اوكيان الدولة ومؤسساتها بشكل عام مثلما عبر عن ذلك في اكثر من مناسبة قياديون في كتلة الاحرار ومنهم السيد بهاء الاعرجي في تصريحات عبر وسائل الاعلام, وبتقديري اذا نجحت القوى المدنية والديمقراطية ومعها المستقلون واللبراليون المنضوون مع كيانات الاسلام السياسي في ايصال أصواتهم للناخبين وبالتالي نجاحها في الانتخابات والوصول الى البرلمان الجريح فان الحديث عن التغيير او التقدم الحقيقي للديمقراطية في العراق سيصبح ممكنا كبداية مثمرة وليس فرضا من الخيال , اما ماتبقى من الناخبين العراقيين الذين مازالوا يلهثون وراء الطائفة لانهم اخافوهم من الطائفة الاخرى ووراء قوميتهم اودينهم لانهم اخافوهم من القومية او الدين الآخر , فان على المثقف العراقي من النساء والرجال يقع العبىء الاكبرفي توعيتهم وتثقيفهم في الزمان والمكان الذين يتواجدون فيه وبلاهوادة والاستعانة بمنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات لايصال صوته الى فئات الناخبين لتوجيههم كلما كان ذلك ممكنا للمشاركة والتغييربدل اعادة تشكيل المشهد السياسي والديمقراطي في العراق بنفس الطريقة التي حولت المجتمع الى ما هو عليه الان من تناحر ومحاصصة متخلفة ونزاع حد الاقتتال وانتشار ظاهرة الفساد الاداري والمالي في مفاصل الدولة التي تعتمد على اقتصاد ريعي وحيد الجانب لاامل منه في حل مشاكل البلد والمواطن والاقتصاد العراقي الذي ينبغي ان يكون متعدد الجوانب.
|