لم تقتصر واقعة كربلاء في تمثيلها الرمزي والمعنوي على شخوص ابطالها فقط بل تعدت ذلك لتصبح عنواناً انسانياً عريضاً للبطولة طوراً وللمظلومية تارة ً، فهي مثال للوفاء عندما تتكلم عن الأوفياء وللغدر ايضاً حين تستذكر الخونة والغادرين . وليس هناك من تجسيد لتلك الواقعة وحسينها الشهيد أفضل من مأساة العراق والعراقيين . فالعراق المبضع وأولاده المذبوحين بسيوف الساسة والمسؤولين الذين وفروا كل الأسباب اللازمة للفساد وللإرهاب نتيجة فشلهم وعجزهم وتقصيرهم ، بل ان اكثرهم يمثلون عين الفساد والجريمة والإغتيال وما يفعلونه في العراق والعراقيين المذبوحين لايختلف عن نبال حرملة بن كاهل ورمح شبث بن ربعي وسيف شمر بن ذي الجوشن ومحمد بن الأشعث وسنان بن انس وزيد بن ورقاء حكيم بن الطفيل . هؤلاء لا يختلفون عن من عشق السلطة وشهوتها كعمر بن سعد وزياد ابن ابيه وغيرهم حين اغرتهم المناصب والأموال والإمتيازات وأعمت بصيرتهم فلم يعودوا يستطيعون التفريق بين الحق و الباطل . لا أستطيع ان اتذكر وانا ارى الاف الصور التي تهاجمنا من كل حدب وصوب وتستهزئ بنا وبقتلانا وبجوعنا وبجراحنا وبأملنا المفقود ، وبطوق الدول التي تكالبت علينا وعلى بلادنا سوى تلك العبارة التي يرددها اصحاب المراثي حين يصورون لنا واقع معركة الطف ويبدعون في تصويره : فزعوا فرد فزعة على حسين نعم سيدي يا حسين ، نعم سيدي يا عراق ، فإن النفوس التي سلبت خاتمك ودرعك هي نفسها اليوم من تسلب الأيتام والفقراء اموالهم ، انها ذات النفوس القذرة . لكن الأمل يبقى في وجود حر رياحي هنا او هناك مهما تكاثر الأشرار ؟
|