جاء الآن دور التركمان للإبادة الجماعية !

كأنما وفقا لجدولة و " استحقاقات " !!، وبناء على قائمة مرتبة مسبقا ، تتعرض الأقليات الدينية و المذهبية و القومية العراقية العريقة والمسالمة تاريخيا ، لأعمال مجازر و إبادة منظمة ..
وإذا كانت حصة " العرب الشيعة " من أعمال الإبادة الجارية على قدم و ساق هي الأكبر و أضخم دوما من خلال العمليات الانتحارية و السيارات المفخخة و الأحزمة الناسفة ، فأن الأقليات العراقية كانت هي الأخرى مستهدفة على طوال الخط : ففي البداية تفردوا بالأقلية المسيحية فنشوا ضدهم حرب إبادة شعواء وضارية ، لا سيما في بغداد و الموصل ، ففجروا كنائسهم مع ارتكاب سلسلة مجازر تلو أخرى ضدهم ، بغية إجبارهم أما على الأسلمة أو دفع الجزية ؟!! ، أو الهجرة و النزوح من العراق ..
بعد ذلك جاء دور الأيزيديين فتعرضوا إلى سلسلة استهدافات إجرامية و تفجيرات مروعة في مناطق وأحياء سكناهم ، فقُتل منهم بالمئات وجرحوا بإعداد مماثلة ، مع مسح كامل وتسويتها مع الأرض لعشرات من بيوتهم السكنية ..
أما ما يخص الأخوة المندائيين فهم أيضا لم يكونوا بمنأى عن أعمال القتل والمضايقات ومحاولات الأسلمة الإجبارية ، فاضطرت أعداد كبيرة منهم للهجرة والنزوح ..
و يبدو إنه قد جاء الآن دور التركمان ، ليتعرضوا لعمليات الإبادة المنظمة عبر سلسلة تفجيرات و اغتيالات شبه يومية في مناطق سكناهم سواء داخل كركوك أوفي ضواحيها ..
و كأنما محاولات عملية تفريغ وطمس هويتهم القومية و الثقافية و الروحية لا تكفي في كركوك وضواحيها بالتوازي مع شعورهم المتزايد وكأنهم مواطنين من الدرجة الثانية !..
و إذا بهذه الهجمات الإرهابية المنظمة تأتي كأنما تتويجا وتكملة بهدف القضاء على هذه الأقلية العريقة وتفريغ مناطق سكناهم من وجودهم القومي و الأقلوي و ذلك عبر سياسة الأرض المحروقة ..
أما الأكراد الفيليون ــ كأقلية قومية أو طائفية ــ فأن مأساتهم المعروفة لكل قاص و دان ، و لا تقل فظاعة عن مأساة باقي الأقليات ..
ومع كل ذلك ..
بينما " الحكومة المركزية " ( أي نعم شجرة التوت بالبستان هيبة !! ) و كعادتها طبعا صامتة ومتفرجة و متفرغة للصراعات على السلطة وبسط النفوذ ، وكأن الأمر لا يعنيها ، مثلما في الحالات السابقة والمماثلة ، حينما تعرضت الأقليات القومية و الطائفية الأخرى لمجازر وأعمال إبادة مماثلة ..
في حين أن الحكومة التركية التي يفترض بها مبدئيا أن تدعم تركمان العراق ــ على الأقل ــ طبعا معنويا كأضعف الإيمان ــ فهي ساكتة لأن مصالحها الاقتصادية في العراق تقتضي ذلك ، حالها في ذلك حال النظام الإيراني المتاجر بمعانات ومأساة الشيعة العراقيين ..
لذا فلم يبق أمام هذه الأقليات سوى أن تدافع عن نفسها بنفسها وتحفظ أمنها ذاتيا ، و ذلك انطلاقا من قدراتها الذاتية تنظيما و تسليحا و تمويلا ، طالما أنها متروكة لحالها المأساوية وحيدة و ضعيفة أمام هجمة ذئاب الإرهاب الشرسة و المتوحشة التي تهاجمهم من كل حدب و صوب ..
ففي عراق الفوضى الخلاقة وعصابات المافيات السياسية : فما من أقلية مسالمة تستطيع الحفاظ على كيانها القومي أوالأقلوي إذا لم تتسلح بهدف الدفاع عن نفسها أمام هذه الهجمات المنظمة والمتكررة ..