للدول دورات حياة، هكذا يقولون، نشوء فازدهار ثم انحطاط وربما زوال، والتاريخ زاخر بالأمثلة، وكذلك الجغرافية، يكفي أن تقارن بين خارطتي العالم اليوم وقبل قرن واحد من الزمان أو نصف قرن فقط.
ليست أياماً في حساب التقويم، ولا هي أيام ضوئية في حكم الفلكيين، وليس كل يوم فيها بخمسين ألف سنة مما تعدون، بل هي أزمان تتفاوت في مددها، فقد يكون اليوم فيها أياماً أو أشهراً أو سنوات معدودات.
تعيش دولة العراق أيامها الأخيرة، عشرة أيام لا غير، سيؤذن اليوم العاشر من بينها بقرب أفول الدولة العراقية، وفيما يلي بيانها:
اليوم الأول: حرب العراق على إيران، أنهكت العراق سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وأحدثت شروخاً عميقة بين مكوناته الإثنية والطائفية، ما زالت معالمها واضحة ونتائجها مؤثرة، تلك كانت بداية الانحدار نحو الاضمحلال.
اليوم الثاني: الاحتلال الأمريكي للعراق أذل الشعب، وحط من معنوياته، وقتل مئات الألاف من أبنائه، وكرس الفرقة بين مكوناته للوصول به إلى التفكك والزوال.
اليوم الثالث: تحول العراق بحكم الدستور الجديد من دولة موحدة إلى فدرالية ومنح المحافظات حق تشكيل أقاليم شبه مستقلة أسوة بالاقليم الكردي.
اليوم الرابع: تبني ساسة العراق للمحاصصة الطائفية والإثنية والتوافق في تشكيل الحكومات وتوزيع المناصب والمنافع وعلى غرار النموذج اللبناني الفاشل الذي أنتج حروباً أهلية وأزمات سياسية حادة وخلافات عميقة بين طوائفه.
اليوم الخامس: غزو الإرهابيين التكفيريين للعراق نتيجة دعوة المحتلين الأمريكيين لهم للمنازلة على الأرض العراقية.
اليوم السادس: توقيع الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية مع حكومة أمريكا وصيرورة العراق بموجبها تابعاً لسياسات أمريكا في المنطقة، التي ترى في عراق موحد قوي تهديداً لسياساتها ومصالحها وحلفائها من عرب الجزيرة والكيان الصهيوني.
اليوم السابع: عودة الانتماءات القبلية للتأثير على تفكير وسلوك الفرد، ومن المعروف بأنه كلما ضعفت الروابط الوطنية الشاملة قويت الانتماءات القبلية.
اليوم الثامن: تفشي الفساد السياسي والإداري والمالي، مما ينذر بإنحلال منظومة القيم والأخلاق في المجتمع العراقي، وهي ظاهرة مترابطة ومتلازمة مع تدهور وتفكك المجتمعات.
اليوم التاسع: الفشل المزمن للمؤسسات الحكومية العسكرية والأمنية والخدمية والإنمائية في تحقيق الحد الأدنى من الأمن ووقف الإرهاب وتوفير الخدمات الأساسية وتنفيذ المشاريع الإنمائية وتقليص معدلات الفقر المزرية وخفض نسب البطالة المرتفعة.
اليوم العاشر: إعادة انتخاب نوري المالكي وحزبه وحلفائه وغيرهم من سكنة المنطقة الخضراء ليكملوا مسيرتهم الغبية التخريبية والتقسيمية للعراق.
تلك عشرة كاملة، انقضت منها تسعة، ولم يبقى سوى يوم واحد، عندما يحل ذلك اليوم المشؤوم فلينتظر العراقيون ما يخشون لبلدهم.
(للإسلام غايتان عظمتان هما الإحياء والاصلاح، ووسيلة كبرى وهي التعلم)
|