تطور العلم كثيرا في القرون التي تلت الثورة الصناعية، وزاد الأمر على ذلك؛ أن العلم دس أنفه في المورثات الجنينية (للإنسان والحيوان والنبات)، وكما أن لكل حالة إيجابيات ترافقها؛ كذلك فإن لها سلبيات تئن منها، من سلبيات تطور العلم الحديث، من سلبيات ذلك، أننا بتنا نرى أمراضا لم تكن تعرفها الأجيال التي سبقتنا، وذلك بسبب طبيعة ونوع الغذاء الذي كانوا يتناولونه وقت ذاك، من هذه الأمراض الضغط، والسكري، والمفاصل، والسرطان، ومع أنه مرض غير معد؛ لكنه ينتشر بكثرة. المشكلة في مرض السرطان، هو عدم معرفة السبب في تحول خلية مسالمة، تنقسم بعدها الى إنقسامات طبيعية، تخرج عن طورها؛ لتصبح خلية خبيثة تهاجم الخلايا المنتشرة حولها، بدون رحمة. كذلك الحال لدى بعض البرلمانيين لدينا، فالناخب يرى المرشح وديعا، صامتا، سابحا في ملكوت الخالق، يتفكر في خلق السماوات والأرض، وهو يتحدث عن نفسه؛ وعن برنامجه الإنتخابي، وكيف سيعيد البسمة الى شفاه اليتامى، وسيعين الثكالى على صعوبة العيش، التي تواجههن؛ بسبب عدم إنصاف الحكومة لهن، وس س س س، الى ما لا نهاية لها من سينات المستقبل، التي لا تغني ولا تسمن من جوع. بعد فوزه بعضوية مجلس النواب، يتبدل حديث نفس النائب 360 درجة، فالصلاحيات تمنعه من فعل كذا، والتكتلات تطيح بالمشاريع المهمة، والبرنامج الإنتخابي تم ركنه الى حائط قريب، لعله يستفيد منه في الدورة القادمة، وضاعت سين سوف في أقبية مجلس النواب، إلا من شيء واحد؛ مكافئات السيد النائب، وإمتيازاته، وسفراته المكوكية، وحصته من المشاريع المنفذة ضمن اللجنة التي هو عضو فاعل فيها. المروي عن الرسول الأكرم (عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم)، أنه قال ((من رأني في المنام، فقد رأني حقيقية))، في إحدى الدعايات الإنتخابية لأحد المرشحين، يظهر الملصق الإعلاني الخاص به، وهو يقسم بأن ترشيحه إنما جاء تلبية لطلب الرسول الأكرم، وبالقدر الذي لا أريد فيه أن أعلق على هذه الرؤية، فإني أقول للمرشح، كم من الناخبين سيصدق ذلك؟، وإذا كنت تبتدئ حياتك البرلمانية بكذبة، فماذا تفعل عندما تجلس تحت قبة البرلمان؟. ما لا يعلمه الكثير، هو أن علاجات مرض السرطان متوفرة في العالم المتقدم، سواء بالتداخل الجراحي، أو بالعلاج الكيميائي، أم الإشعاعي، أو الهرموني، وبإستطاعة الحكومة توفيرها لهؤلاء من أموال الشعب. ونحن نستقبل الدعايات الإنتخابية للمرشحين، فليستعمل الناخب مشرطه الدقيق، ويشخص الحالة المرضية للبلد بصورة صحيحة، لكي يستطيع أن يستأصل داء السرطان بصورة شافية؛ ولا يترك له مجال للتمدد في جسم هذا الوطن، الذي أثخنته الجراح من كل صوب، بسبب هذا الداء الذي يحرق الحرث والنسل، إنها مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، وحلاوة الإنتصار وتحقيق الشيء، كونها لا يأتي بسهولة، بل بعد مشقة وولادة عسيرة، والعراقيون أهلا لها وأهلها.
|