رأي في السياسة الأميركية مابعد الانتخابات العراقية

بعد أكثر من عشر سنوات على التغيير في العراق وعبر مجالس حكم سياسية متعاقبة غير متجانسة ومتوافقة على ابسط المعايير الوطنية التي أفقدت العراق موقفه وخطابه الوطني الموحد وأسهمت بشكل فعال في أنتاج مشاكل أضافية خطيرة للشروخ التي خلفتها عقود الدكتاتورية بالوقت الذي كان ومازال العراقيين يحلمون بدولة مدنية عادلة ومتماسكة.

بعد 2003 كان العراق بحاجة ماسة إلى جهود وطنية مخلصة لإعادة بناءه بوتيرة متواصلة تختصر الزمن لإعادة رقيه ودوره الإنساني المؤثر لكن القيادات السياسية المشوهة لم ترتقي إلى حجم تلك المسؤولية الوطنية والفرصة التاريخية لتحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة الأعمار البناء بشكل شفاف يجعل المواطن يشعر بالمواطنة الحقة.

هناك أسباب عديدة تقف وراء هذا التفكك والانهيار المتواصل لحلم بناء الدولة العراقية المدنية على أسس احترام الدستور وتطبيق القوانين النافذة وفق المتغيرات الشاملة التي حدثت بعد 2003 لو اعتمدت الإدارة الأميركية إستراتيجية مدروسة ذات بعد إنساني وسياسي واجتماعي واقتصادي يستند الى المعالجات الشاملة ذات الأفق البعيد لعمق المشاكل المتوارثة التي أسهمت في إشاعة الفوضى العامة العارمة التي أفقدت العراقيين حماسهم وقللت من معنوياتهم بحلم الدولة المدنية المؤسساتية الدستورية .

إنني أرى إن اصل المشاكل في العراق ليس بتغيير الوجوه والكتل السياسية الحالية المتحاربة عبر صناديق الانتخابات فحسب بتغيير السياسة الأميركية تجاه الأوضاع في العراق مابعد الانتخابات التي أعدها مفاتيح لإنهاء الأزمات والبداية الحقيقة للاستقرار من خلال تطبيق فعلي وعملي لعلاقة إستراتيجية بعيدة الأمد مع الشريك الأقوى للعراق بحسب الاتفاقية الأمنية او الإطار الاستراتيجي بين الجانبين.

الولايات المتحدة ملزمة بعد الانتخابات ان تتوقف عن تغذية إدامة الفتن الطائفية والقومية واحترام موقف العراق من الصراع العالمي في سوريا الذي ادى الى بروز الخلافات بين دول الخليج ودخول تركيا المؤيدة وايران المعارضة للمشروع الأميركي لضرب خطوط المقاومة المتصلة من ايران الى جنوب لبنان عبر سوريا والذي بدأت فرص تحقيقه تتضاءل.

الانتخابات العراقية ستنتج عدد من الأفكار وبروز وجوه جديدة ستشكل إمام بعض الوجوه القديمة ملامح لبداية بناء الدولة المدنية التي يتوقف استقرارها على مدى جدية الإدارة الأميركية في التعامل مع العراق كدولة ديمقراطية فريدة بالمنطقة وشريك حيوي لها لان المنطقة مقبلة على تغييرات وصراعات تتطلب وجود دولة عراقية مستقرة وقوية بثرواتها ومواردها البشرية وموقعها الحيوي ان تحقق توازنات حقيقة بالمنطقة تخدم بشكل كبير السياسة الأميركية والمصالح المشتركة بين العراق وأميركا.

بالمقابل على الساسة العراقيين اعتماد خطاب سياسي وطني موحد إزاء المتغيرات التي يمكن ان تحدث بعد الانتخابات للتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية برؤية وطنية مشتركة من خلال استثمار اي متغير ايجابي في السياسة الأميركية تجاه العراق والتي بدورها ستكون الدعامة الأساسية لحماية مصالح العراق العليا.